أخبار

البنوك البديلة

في ظل متاهة بنك السودان الحالية وعجزه عن توفير السيولة للمصارف التي (أفلست) وما عادت قادرة على الوفاء بالتزاماتها نحو (الزبائن) ممن يسمون بلغة المصارف (عملاء)، نبتت مصارف موازية وبنوك جديدة تحت بصر وسمع بنك السودان وموافقته على البنوك البديلة التي تقوم بعمليات التحويلات الداخلية والخارجية بالعملات الأجنبية وبالجنيه السوداني.. تستطيع الآن في ثلاث دقائق فقط تحويل مبلغ مليار جنيه من الخرطوم إلى الجنينة.. ويستفيد (المحول) إليه من المبلغ نقداً في مدة زمنية أقل من نصف ساعة بعد دفع العمولة التي تبلغ مائة جنيه عن كل ألف جنيه.
أصحاب المصارف الجديدة يقولون إنهم حصلوا على تصاديق من السلطات الرسمية لمزاولة أنشطتهم التي جذبت رؤوس الأموال وأضحت آلاف الأسر تعتمد على وكالات التحويل في الحصول على مصاريفها من المغتربين ومن داخل السودان.. فما هي تلك المصارف الجديدة؟؟
يوم (السبت) الماضي هاتفني صديق من إحدى ولايات دارفور وطلب مباشرة إجراءات الحجز لزوجته الحبلى بأحد المستشفيات الخاصة.. وقال إن تحويلاً مالياً يبلغ خمسة وعشرين ألفاً لسداد رسوم أحد أبنائه الطلاب ورسوم مستشفى الولادة في طريقه الآن للخرطوم، ويمكنني تسلُّمها الآن!! قلت: ولكن البنوك عاجزة عن تسليم عملائها تحويلاتهم.. ضحك الرجل وقال: (إنت من زمان بنوك الحكومة، اذهب لوكالة الأندلس بالسوق الشعبي أم درمان بالقرب من بنك الشمال لتسلُّم المبلغ).
شاب في العشرينيات من عمره، يضع أمامه حزمة نقود من فئة الخمسين جنيهاً.. وشاب آخر يرتدي جلباباً أبيض بطاقية دون عمامة يحصي المبلغ.. نعم ستمائة ألف جنيه.. يخرج الشاب من الوكالة ويدخل آخر يحمل جوالاً أبيض مثل جوال العزيز (دقيق الفيني) به مبلغ مالي لا يقل عن ثلاثة مليارات تم تحويله من الخرطوم للفاشر.. عشرات المواطنين بيدهم بطاقات هوية ينتظرون (صرف تحويلاتهم) من البنك الجديد.. طلاباً، ونساء ربات بيوت.. سألت الموظف عن ممارسة الوكالة للعمل المصرفي علناً.. فقال: (نحن نعمل في ضوء الشمس وبتصديق رسمي وندفع الضرائب.. أنت عاوز شنو؟؟)، قلت له: (تحويل من الفاشر بمبلغ (25) ألف جنيه).. قال: (انتظر.. تأخرت نحن يوم أمس كل التحويلات الكبيرة والصغيرة تم صرفها، الآن نيالا.. والجنينة والأبيض فقط).
الفضول الصحافي دفعني لزيارة وكالة “الكوكب” بالسوق الشعبي أم درمان.. عشرات الطلاب ورجال الأعمال يتسلمون تحويلاتهم المالية في الحال.. رجال الأعمال والمبالغ أكثر من مائة مليون يتم صرفها من مكتب داخلي فخم وأنيق ويقدم خدمات الماء والشاي.. أما المبالغ دون الخمسين ألف جنيه فيتسلمها أصحابها من الكاونتر مباشرة.. الموظف ينادي بصوت مرتفع “عثمان عيسى” نعم.. “كلتوم مصطفى” أيوه.. “معتز عبد الله” يتقدم الشاب.. وفي وكالة “الكوثر” التي تجاور بنك الشمال تخرج حزم البنكوت حمراء فاقع لونها تسر الناظرين!! فكيف تسمح السلطات بتنامي جهاز مصرفي موازٍ يمارس التحويلات والمصارف يضربها الجوع والإفلاس حتى باتت كل أماني المواطنين الحصول على مبلغ ألف جنيه من أرصدتهم؟ ولماذا نجحت المصارف الموازية في الأسواق ومواقف المواصلات وفشلت المصارف الرسمية أو الشرعية في الوفاء بالتزامات (الزبائن)؟ وأي مستقبل ينتظر البنوك إذا كانت البنوك الموازية في الظل أكثر كفاءة منها في التحويلات الداخلية والخارجية؟؟ سؤال إلى ” محمد خير الزبير” محافظ البنك المركزي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية