بكثير من الصدمة وأكثر منها بمشاعر حزن وألم وغبن تلقيت أمس، خبر سقوط مروحية أخرى على متنها عدد من أبناء بلادنا، هذا بغض النظر عن مناصبهم أو انتماءاتهم، هم عندنا غالين بغلاوة الدم السوداني في أي زمان ومكان، وجميعهم نحتسبهم شهداء عند الله، كانوا في طريقهم لزيارة عمل بالولاية، حيث استشهد السيد والي ولاية القضارف وعدد من رفاقه قيادات الشرطة والأمن والولاية لتتجدد الأحزان، وفي كل مرة نفقد ضحايا بسبب سقوط الطائرات الصغيرة التي يستقلها السادة المسؤولون في زياراتهم التفقدية للولايات، هذا غير قصص وحكاوى كثيرة لناجين من حوادث لمثل هذه الطائرات، كادوا أن يقضوا نحبهم بسببها وهي كلها قصص من شاكلة جناح الطيارة ولع نار والله ستر، والمحرك فجأة وقف ومرقتنا العناية الإلهية، لنسأل سؤالاً مهماً أرجو أن أجد من يجيبني عليه، إنتو الشغال في البلد دي شنو؟؟.. والسوس نخر حتى وصل العظم لتتجدد هذه المأساة بذات الرواية وذات التفاصيل، فكيف تستمر مثل هذه الخرد في العمل وكيف يسمح لها بالطيران تحت أي ظرف، وعشان أي مهمة، لأنه ليس معقولاً ولا منطقياً أن كل هذه الحوادث غلطان فيها المرحوم، ولنرجع بالذاكرة ونحصي عدد من قضوا نحبهم من القيادات بسبب حوادث الطيران، وهو قطعاً ما لم يحدث في أي بلد من بلدان العالم، وأكثرها فقراً وتواضعاً، طيب لماذا لا تحال هذه الطائرات إلى المعاش إنشاء الله المسؤولين ديل يؤدون مهامهم بالدواب بدلاً من أن يتعرضوا في كل مرة لمثل هذه الامتحانات العصيبة، وكم من المرات هذه الحوادث حولت العيد إلى مأتم، والضحك لبكاء، وبيوت الأفراح لبيوت لتلقي العزاء، أين سلطات الطيران من هذه الفوضى؟؟.. أين وزارة النقل النائمة واقفة على حيلها ؟؟.. وهل تتم مراجعة دورية وحقيقية للطائرات الخاصة الرابضة في حيشان عدد من الوزارات والمؤسسات والشركات والتي يتم تأجيرها لمثل هذه المهام الولائية؟؟
أعتقد أنه آن الأوان أن تقوم وزارة النقل بلعب الدور المطلوب منها حفاظاً على ماء وجهنا من خطر هذه الكراكيب التي تفجعنا كل صباح بالأخبار الصادمة الموجعة، لكن خلوني أقول إنني بذات ألمي وحزني على رحيل هذه القيادات بهذا الشكل المأساوي، أنا أيضاً موجوعة من مظاهر الشماتة التي أظهرها بعض المعارضين عند ذيوع خبر سقوط المروحية وإعلان خبر وفاة من فيها، وكأن الموت نبز أو شتيمة أو سبة، مما يفضح دواخل هذه المعارضة الجاهلة التي لا تعرف حرمة الموت ونبل الحزن، حيث دلق بعضهم كرهه للحكومة، شماتة على شهداء الطائرة، وكأنهم في بروج مشيدة تمنع عنهم “عزرائيل” إن أراد قبض أرواحهم، لتؤكد هذه المعارضة في كل موقف أنها معارضة بلا شرف ولا ضمير ولا أخلاق ولا مبادئ، وحكومة الإنقاذ رغم (المغسة الممغسانا ليها)، لكن لن ننكر لقياداتها أنهم ما تأخروا عن أداء واجب عزاء لأشد معارضيهم معارضة، ولم يقصروا في تلبية نداء تشييع أو عزاء للمختلفين معهم في الرأي والرؤية، وهو نبل أخلاق ورجولة تفتقدها هذه المعارضة الحاقدة التي اختلطت عليها الكيمان وما عادت تفرق بين القيم التي تربينا عليها وبين نهمها وجشعها للسلطة.
في كل الأحوال نترحم على شهداء طائرة القضارف، وكامل العزاء لأسرهم في هذه الفاجعة، ونرجو أن يتوقف هذا النزيف الذي يفقدنا كل فترة خياراً من خيار.
}كلمة عزيزة
بمناسبة الحديث عن الطائرات، وطالما الكلام جاب الكلام، فإنه محزن أن تكون بلادنا بريادتها في مجال الطيران، بلا ناقل وطني يحمل علمها في بلاد الله الواسعة، والله تقتلنا الحسرة ونموت كمداً واسم سودانير الفخيم يغيب عن نداءات المايكرفونات في المطارات البعيدة، الله غالب.
}كلمة أعز
غداً أعود لموضوع سوداتل وحديثي مع الأخ “محمد الأمين” مسؤول الإعلام والعلاقات العامة بالشركة، وروتانا سينما مش حتقدر تغمض عينيك.