عز الكلام

ماشين على وين يا بلد؟؟

أم وضاح

من يعتقد أن أخطر تداعيات الأزمة الاقتصادية التي نعيشها والصفوف الطويلة التي أصبحت تقليداً وروتيناً يمارسه أهل السودان والناس تصبح على صفوف وتمسى على صفوف، من يتخيل أن منتهى حد هذه الأزمة هو الضيق والعنت والكدر الذي يظلل وجوه الغلابة الذين وإن أصبحوا (حواة) لن تلفق معاهم، ويكفي أن تنظر لوجوه الناس في أي سوق من الأسواق ولن تحصد إلا نظرات الحسرة والحيرة والألم، والناس ما عادت تبادل بعضها البعض التحايا بمودة وحب زي زمان، لأن قلوبها مشغولة ومهمومة وما عاد هناك حيز لتبادل المشاعر والكلمات الرقيقة، أقول إن من يتصور أن أسوأ ما في هذه الأزمة هي ضبابية المشهد الذي نعيشه وسريالية لوحة المستقبل المعقدة عصية الفهم والاستيعاب، هو شخص واهم وما ناقش حاجة، إذ أن أخطر ما في هذه الأزمة، أننا فقدنا قيماً ومبادئ ظل البني آدم السوداني حريصاً عليها، لأنها جزء أصيل من دينه ومعتقداته وتربيته، لا يتنازل عنها مهما كانت الأسباب والضغوطات، وإلا قولوا لي فضّل لينا شنو وتعامل محظور ومكروه ومنهي عنه كالربا أصبح في حكم العادي في المعاملات التجارية، بل على العكس أصبح الربا جزءاً أصيلاً فيها وعلى عينك يا تاجر منو كان يصدق أن الكسر الذي هو تجارة الخاسرين، أصبح المتحكم في السوق والناس عشان تمشي حالها مستعدة تكسر وتخسر ولسان حالهم (المال تلته ولا كتلته)، هكذا أوصلتنا الحالة الاقتصادية إلى مستوى منحدر من الأخلاق والقيم، والناس الجاعت باعت هدومها وممتلكاتها ولم تتبقَ لهم إلا قيمهم ومبادئهم، وها هي تباع في سوق النخاسة عياناً بياناً، لذلك فإن الحالة السودانية برمتها دخلت مرحلة الخطر، مما يستوجب وبشكل عاجل أن تعيد الحكومة قراءة ما سطرته وكتبته في دفاتر حياة الناس، وأصبح مقرراً عليهم، وأصبح المرفوض مألوفاً، والشاذ والنشاز في حكم العادي والمقبول، لم يعد الخوف يا سادة على خزانة بنك السودان التي تمنعت على المواطنين وحجبت حقوقهم عياناً بياناً، الخوف الآن على خزينة قيم أهل السودان التي ظلت حافظة وصائنة لتفاصيل ظللنا نتميز بها ونعتز بها وننبذ من يتعدى عليها أو يرفضها، والآن أصبحت مشاعة وعادية وناس كتار بقوا عايشين على الربا ومتوافقين معه، وكأنهم نسوا قول الله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)، لذلك أخشى ما أخشى أن تصيبنا اللعنة ويسوء حالنا أكثر مما هو عليه، وما في شي خافي على الحكومة، لأن ما وصلنا إليه بعلمها وصنيعة يدها!!
}كلمة عزيزة
على السيد والي الخرطوم، الفريق “هاشم عثمان” أن يراجع تجربة مراكز البيع المخفض بالولاية، التي لا علاقة لها باسمها البتة، وبعضها يبيع بأعلى من سعر السوق نفسه، وامبارح القريبة دي اشتريت كيلو الخيار بأربعين جنيهاً رغم أن سعره في السوق تلاتين جنيه، وربع البصل بذات سعر سوق الله أكبر وكيلو الفراخ لا يقل عن سعر البقالات، طيب مخفض في شنو؟.. ولمنو؟
أعتقد أن هذه التجربة محتاجة لمراجعة ومتابعة ومراقبة من قبل المعتمدين في المحليات المختلفة، لأنه واضح كده أنها فلتت وابتعدت عن هدفها الأساسي.
}كلمة أعز
آخر أنواع السمسرة في بلادنا المكلومة، أن هناك من أصبحت شغلتم الوقوف في صف الصرافة مقابل خمسين جنيهاً من أي ألف يسحبها لصاحب الحساب!! ماشين على وين يا بلد؟؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية