عقب إعلان ترحيل اجتماعاتها إلى أديس إبابا: اللجنة السياسية الأمنية.. والسير في دائرة مفرغة
للمرة الثانية على التوالي تفشل اللجان الفنية المختصة في وضع أجندة اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية بين دولتي السودان وجنوب السودان، ويبدو أن البند الوحيد الذي التزم بتنفيذه الجانبان كمخرج أساسي لاتفاقية التعاون المشتركة التي وقعت في أديس أبابا هو تنسيق اجتماعات اللجان المختلفة والتزام كلتا الدولتين بتنظيم ورعاية الاجتماعات، في المقابل تجد من الطرف الآخر قبول الدعوة وتكبد عناء السفر الى عاصمة الشمال أو عاصمة الجنوب، لكن ما هو نتاج هذا الترحال الشمالي الجنوبي.؟ إن المحصلة النهائية حتى الآن وبعد مضي قرابة الثلاثة أشهر على التوقيع صفرية، وحتى هذا الترحال واجهته في البداية معوقات تضاربت بشأنها التصريحات فقبل ذلك حينما أعيدت اجتماعات اللجنة من جوبا إلى الخرطوم وأجل وفد جوبا رحلته، قدمت سفارة جوبا بالخرطوم حينها عبر سفيرها تفسيراً اختلف عن التفسير الذي قالت حكومة الخرطوم إنه وصلها بصورة رسمية من مسؤولي الجنوب كذلك عندما عقدت الاجتماعات بجوبا. يبدو أن حكومة الجنوب لم تعط وفد الخرطوم الاهتمام المطلوب، ووضح ذلك عندما تحدث بعض منسوبي المؤتمر الوطني عن أن وزير الدفاع “عبد الرحيم محمد حسين” لم يقابل الرئيس “سلفاكير” وظل الوفد هناك دون أن يحرز نجاحات في هذا الملف، ولهذا السبب ربما قصدت الخرطوم هذه المرة التقليل من شأن زيارة وفد جوبا، حيث دفعت بوزير الدولة بالخارجية “صلاح ونسي” لاستقبال وزير دفاع حكومة الجنوب، ولم يقابله “عبد الرحيم محمد حسين” إلا في القيادة العامة. ويبدو أن المزاج السياسي لكلتا الدولتين لا يكتمل ما لم ترحل القضايا المتفق عليها أو المختلف حولها إلى الخارج، ولمّا كانت الأرض الإثيوبية قد رعت الاتفاق وهو وليد، فإن القيادة العسكرية في الخرطوم وجوبا أعلنت أمس عن ترحيل اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية إلى أديس أبابا برعاية وإشراف مباشر من رئيس الآلية الأفريقية “ثامبو أمبيكي” بعد خمسة أيام فقط. في الوقت الذي أكد فيه الجانبان أن اجتماعات اللجان الأمنية وعلى وجه الخصوص ستحتضنها جوبا والخرطوم بالتناوب . وأعلن وزير الدفاع “عبد الرحيم محمد حسين” بعد عقده اجتماعاً مطولاً مع نظيره الجنوبي، هو الثاني منذ قدوم وزير الدفاع وقدامى المحاربين “جون كونق” إلى الخرطوم فجر أمس الأول، أنهم بحثوا القضايا ذات الصلة بإتفاقية التعاون المشترك وأن لقاء الوزيرين كان محضوراً من ممثل الأمم المتحدة بالسودان وجنوب السودان “هايلي منكريوس” وممثل الآلية الإفريقية، لكن وعلى الرغم من ذلك فإن لقاء الرجلين طفا فوق القضايا الأمنية الحساسة التي تعرقل إنزال الاتفاق الأمني على الأرض حيث لم تطرح قضية المنطقة الآمنة منزوعة السلاح في اللقاء كما لم تتم الاشارة الى ملف الشكاوى . وكان وزير الدفاع الجنوبي أكثر وضوحاً وهو يعبر عن الغرض الرئيسي لتنفيذ الترتيبات الأمنية المتفق عليها في أديس أبابا حول اتفاقية التعاون الموقعة بين الجانبين التي حضرها رئيسا البلدين، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن أهمية التباحث حول بعض القضايا العالقة، ومن ثم ترفع اللجنة تقريرها النهائي إلى الوساطة الأفريقية.
ويذهب متابعون إلى الاعتقاد بأن فشل اجتماعات اللجنة الأمنية ناتج من عدم قبول جوبا بشروط الخرطوم الخاصة بنزع السلاح من الفرقتين التاسعة والعاشرة، وهو الموقف الذي لطالما جاهرت به حكومة الجنوب وعلى مستوى القيادة العليا .
فيما أرجع المحلل السياسي والأكاديمي المعروف دكتور “حمد الحاوي” في حديثه لـ(المجهر) فشل اجتماعات للجنة السياسية والأمنية الى عدم الثقة بين الأطراف، وكان ذلك واضحاً منذ إخفاقهما في الوصول إلى اتفاق في اجتماعات جوبا، وأعتقد أن سبب تحويل الاجتماعات إلى أديس تم نتيجة رغبة الوساطة الأفريقية والمجتمع الدولي لإعطاء دفعه للمفاوضات المتعثرة. وفيما شكك الكثير من المراقبين في جدية الأطراف في التوصل إلى اتفاق ينهي حالة التنازع يرى الحاوي أن المحك الأساسي منذ توقيع الاتفاقية كان تطبيق تنفيذ نص الاتفاق ولم يستبعد انهيار اتفاقية التعاون بصورة كلية لاسيما أن القضايا الأمنية ما تزال شائكة وصعبة الاختراق .
وبدا أن جميع الأطراف تسير في دائرة مفرغة وأن الفشل يهدد اتفاقية التعاون في ملفاتها التسعة، ففي الوقت الذي رهنت فيه الخرطوم عملية المضي قدماً في الملف الاقتصادي الذي أعلن في سبتمبر الماضي عن الاتفاق في كل جوانبه وأن ما ينقص الاتفاقية فقط التنفيذ على الأرض إلاّ أن الحكومة السودانية أرادت أن تطمئن أولاً بأن عائدات الخام الأسود لن تصيبها في الخاصرة، لذا أعلنت بأن على الجنوب أولاً عدم إيواء الحركات المسلحة التي تعادي الخرطوم عدم رفدها بأي أنواع الدعم.لذا مُني اجتماعي لجنة الطاقة بالفشل كان آخرها الاجتماع الذي نظمته وزارة النفط السودانية منتصف الشهر الماضي.