جرس انذار

آلية صناع السوق.. هل هي خصم أم صديق للدولار!

عادل عبده

مازال خيال الاقتصاديين والمراقبين السياسيين والجمهور يحاولون الإبحار في كشف علاقة آلية السوق بالدولار لمعرفة هل هو صديق لهم أم خصم في وجههم؟ فالواضح أن الآلية التي خرجت من أحشاء بنك السودان لإيقاف جريان الدولار الكاسح وإيقاف تطاوله على الجنيه السوداني المسكين، لم تكن على قدر العشم والرجاء الذي جاءت من أجله، بل صار أداء صناع السوق إلى حد كبير يسجل في خانة موالاة الورقة النقدية الأمريكية العالمية الخضراء الجارحة والتي لم تستطع الآلية تطويعها للمصلحة العامة.. في ضربة البداية قامت آلية السوق بزيادة بلغت حوالي (7) جنيهات أو أكثر على قيمة الجنيه أمام الدولار في محاولة لإغراء وجذب الجمهور والمغتربين، غير أن أباطرة السوق الموازي قاموا برفع قيمة الجنيه أمام الدولار بحوالي (55) جنيهاً، بعد أن كان قبل ذلك حوالي (40) جنيهاً ذلك الوقت، فالشاهد أن الآلية ارتبكت بعد أن صار الإحجام واضحاً من جانب المودعين في التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بالعملات الصعبة، ولم تنجح سياسة الآلية في القضاء على دهاقنة الدولار، بل أصبح الجنيه السوداني يترنح كل يوم في السوق الموازي أمام الدولار الهائج من خلال واقع يعكس الألم والإحباط، فهل العيب والقصور في تركيبة الآلية وعضويتها التي تشمل أصحاب الصلة بالمال والاقتصاد بما فيهم التجار، أم الإشكالية تكمن في المنهج والتصور والأرضية التي تقف عليها، فالواضح أن صناع السوق أخفقوا في شراء عملات المغتربين السودانيين الحرة بالشكل المطلوب وإدخالها البنوك الوطنية بدلاً من ذهابها إلى القاهرة ولندن، وأيضاً صناع السوق لم يستقطبوا نسبة كبيرة من النقد الأجنبي عن طريق بيع الودائع الاستثمارية وعن طريق التحفيزات المجزية الأخرى، ومازالت مستويات مواردها من النقد الأجنبي في عالم الضبابية، علاوة على ذلك فإن بنك السودان يحتكر أفكار آلية السوق وتحركاتها بشكل ملفت في حين يجب أن تنطلق الآلية برحابة واسعة وطموحات ذاتية في إطار التصدي الذكي لدورها المفصلي والحساس المبني على إيجاد المعالجات الناجعة للمشكل الاقتصادي والحياتي الماثل في البلاد، وكذلك في خضم المأمول من الآلية القدرة على تطويع الدولار واليورو والإسترليني وإدخالهم في المعمل الاقتصادي الوطني الذي يوفر للمواطنين الخبز والدواء بالأسعار الزهيدة، فضلاً عن محاربة الطفيليين في عالم الأراضي والعقارات وإيقاف التهريب في الذهب والصمغ والدقيق، لقد جاءت الآلية من أجل تحجيم الدولار وقصم ظهره وكبح جماحه في سوق الاقتصاد والتجارة، وإذا استمر عجز الآلية في التصدي لهيجان الدولار وعربدته فإنها ستكون حليفة له على حساب أوضاع المواطنين المغلوبين والسوق السوداني ، وعند ذلك يكون الأمر قد سقط في يد آلية السوق بشكل نهائي!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية