شهادتي لله

تصدير الذهب .. هل يصدق (الصاغة) ؟

بعد سلسلة طويلة من القرارات والسياسات التي ينسخ بعضها البعض ، وبعد زحمة من التجارب المختلفة ، قررت الحكومة أمس فتح تصدير الذهب لجميع الشركات العاملة في تجارة المعدن النفيس .
لن نصفق لهذا القرار ولن نرفضه ، ولكننا نرجو ونأمل أن يكون آخر القرارات في ما يتعلق بتجارة الذهب في السودان .
فعدم الاستقرار في السياسات ، سواء كانت صحيحة أو خاطئة ، هو عين الخطأ ، وأس الأزمة .
ولو تابعتم منشورات بنك السودان المركزي التي صدرت خلال هذا العام ، ستجدون كل منشور جديد ينسخ المنشور السابق ، وقد يعود للعمل بالمنشور الأسبق !!
كيف يمكن للمستثمرين الأجانب والمحليين .. بل وتجار الجملة والقطاعي أن يعملوا في ظل هذه القرارات المضطربة والمتلاحقة التي لا تصمد على أرض الواقع أسبوعاً ؟!
الكرة الآن في ملعب تجار ومصدري الذهب ، وقد أصدر كبيرهم أمس بياناً باسم شعبة مصدري الذهب التابعة للغرفة التجارية ، يشيد فيه بالسيد رئيس الوزراء، وزير المالية ، وزير النفط والمعادن ، وزير الدولة للمالية ومحافظ البنك المركزي ونائبه الأول ، مبشراً منسوبي الشعبة بالخير العميم الذي جاءهم في ثنايا قرار الحكومة بفتح صادر الذهب ، ودعاهم إلى العمل بكل صدق وشفافية لدعم الاقتصاد الوطني بتصدير كل الكميات المنتجة ، ومنع نشاط المجموعات التي كانت تقوم بتهريب ثروات البلاد من الذهب .
هو عين العقل .. وكل الحكمة .. وهو المطلوب .. فعلى تجار الذهب أن يشرعوا فوراً في تنفيذ مخرجات اجتماعهم أمس مع رئيس الوزراء، وزير المالية ، ليتحول الكلام إلى (دولار) و(درهم) يدخل خزينة البنك المركزي ، لا خزائن التجار والصاغة والمعدنين وحدهم ، بينما يشقى الوطن فقراً وأزمات .. تلو أزمات .
على شركات الذهب أن تعمل بالمتاح من مواردها الذاتية (الكاش الراقد في الخزن .. بالجنيه والدولار) في شراء وتصدير الذهب ، بعيداً عن أموال البنوك ، فقد جفت ينابيع (النقد) في بنك السودان بسبب الاندفاع الأرعن في شراء الذهب بمئات المليارات من الجنيهات ، ثم تسليمه لتاجر (واحد) في “دبي” ، فلا دولاراً رأينا ، و لا جنيهاً وجدنا !! ودخلت البلاد في حالة غير مسبوقة من انعدام السيولة منذ مطلع العام .
إن الذين يدعون البنوك إلى شراء الذهب ، هم الذين حشدوا كل رؤوس الأموال المتوفرة في شركات تابعة لجهات نظامية ، وشركات تابعة لتجار ذهب .. ودولار ، ووجهوها لشراء السمسم في “القضارف” ، فرفعوا أسعار القنطار بما تجاوز سعره في العالم من حولنا .. فأضروا بالصادر ضرراً بالغاً !!
الآن .. يجب ألا تتكرر الأخطاء .. أتركوا تجارة الذهب لأهل الذهب ، وأبعدوا عنها شركات الحكومة (الباطنية) وشركات الجشعين من أصحاب الحظوة والنفوذ الذين ما وجدوا باباً للثراء إلا ودخلوه ثم ضيقوا على الناس واسعاً .
كما أنه يتوجب على شركات الذهب فتح أسواق جديدة ومتعددة للصادر في أوربا وآسيا ، لكسر طوق الاحتكار المصنوع خارج بورصة “دبي” .. على أن تمضي إجراءات إنشاء بورصة الخرطوم للذهب بالسرعة والجدية المطلوبة .
فلنتفاءل خيراً .. لنجده .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية