رئيس حزب (من أجل العدالة والتنمية) بتشاد “محمود علي محمود” في حوار الساعة مع (المجهر)
الأحزاب السياسية في تشاد تورث بعد وفاة مؤسسها لجهة أن تمويل الحزب يعتمد على رئيس الحزب
بعض الدول العربية سعت للتطبيع مع إسرائيل فما يضير أن تكون لتشاد علاقة معها، ومن الصعب أن يطبع السودان ولكن ربما تكون هناك مفاجآت!
دحر “ديبي” لجماعة (بوكو حرام) في منطقة البحيرات أكسب تشاد سمعةً طيبةً في محاربة الجماعات الإرهابية
أدعو حاملي السلاح بدارفور لوضع السلاح والجلوس لطاولة المفاوضات والمشاركة في التنمية فالمناهضة السلمية أجدى وأنفع
حوار : منى ميرغني
“محمود علي محمود” أحد القيادات السياسية التشادية ، والتي عادت مؤخراً إلى إنجمينا تلبية لنداء السلام، بعد أن حمل السلاح في مواجهه الحكومة، “محمود” الذي يزور الخرطوم في مهمة خاصة يشغل حالياً منصب رئيس الحزب الفيدرالي للعدالة والتنمية في تشاد، (المجهر) التقت به في حوار الساعة، تناول آخر تداعيات زيارة الرئيس “إدريس ديبي” إلى إسرائيل وموقف حزبه من التطبيع والوساطة التي دفع بها “ديبي” لزيارة “نتنياهو” للخرطوم، علاوة على محاور مهمة عن نشاط حزبه السياسي، الرسائل التي بعث بها للحركات المسلحة السودانية، وإمكانية التوصل إلى سلام ينهي حالة الحرب، الحوار لم يخلُ من الحديث عن مستقبل العلاقات بين البلدين وسبل دفعها ومحاور أخرى مهمة فالي مضابط الحوار :
= “ديبي” في تل أبيب حدث كبير شغل الأوساط العالمية والمحلية؟
العلاقة بين تشاد وتل أبيب موجودة منذ زمن، بالرغم من المقاطعة ، تشاد استفادت كثيراً من تل أبيب في تدريب ضباط الأمن وشرائها لكميات من الأسلحة بملايين الدولارات إلى جانب ازدهار العلاقة التجارية بين البلدين، بالرغم من المقاطعة منذ (1972) كانت تشاد أول دولة أفريقية تتضامن مع دول العالم العربي والإسلامي وتقطع علاقتها مع إسرائيل، ولكن رغم هذه المقاطعة سعت بعض قيادات الدول العربية إلى التطبيع مع إسرائيل سواء كانت علاقات اقتصادية أو دبلوماسية فما يضير أن تكون هنالك علاقة بين تشاد وإسرائيل؟ .
= مقاطعة ، أنت كرئيس حزب معارض هل تدعم التطبيع مع إسرائيل ؟
كرئيس حزب معارض ضد التطبيع مع إسرائيل إلا بشروط أن تعترف إسرائيل بفلسطين كدولة وأن تكون الأماكن الدينية بيت المقدس المتنازع عليه الآن تكون لها إدارة دينية تعود تبعيتها لإمام الحرمين الشريفين في المملكة السعودية أو يكون مسؤولاً عنها المؤتمر الإسلامي وأن تكون الأماكن الدينية لكل الناس.
= ماذا تريد تشاد من إسرائيل ، وماذا تريد إسرائيل من تشاد؟
تل أبيب تدخل في الدول الأفريقية عبر المشاريع الزراعية، لديهم تقنيات زراعية هائلة، تشاد تحتاج السلاح والخبرة الزراعية، حالياً تتوجه تشاد توجهاً زراعياً، ونحو الثروة الحيوانية إلى جانب نهضتها العمرانية.
= هل تتوقع نجاح وساطة الرئيس “ديبي” بين الخرطوم وتل أبيب ؟
من الصعب أن يطبع السودان مع إسرائيل ، فموقف السودان معروف وواضح نحو إسرائيل ، ربما تكون هناك مفاجآت ، وممكن تلك الوساطة تنجح في بعض الدول الأفريقية ما عدا السودان.
؟لو كنت مكان “ديبي” في إسرائيل ؟
إذا كنت محل “ديبى” سوف أصل إلى اتفاق مشروط بحل القضية الفلسطينية، ومن ثم يكون التطبيع، فلا يوجد هناك فرق بين إسرائيل وأمريكا كلاهما واحد، وإسرائيل الوليد الشرعي لأمريكا فلا يوجد ما يمنع التعامل مع إسرائيل.
= إزالة الحواجز والتجارة بين البلدان الأفريقية ؟
لابد أن تعمل جميع الدول الأفريقية على فتح الحدود وأن تكون هناك حرية للأشخاص للتنقل داخل أفريقيا، فدولة غانا أول دولة أفريقية أقدمت على عمل التأشيرة في المطار بعدها إثيوبيا، وأول حركة تشادية معارضة كانت موجودة في السودان ( 1958) جبهة تحرير كان يتزعمها ضابط سوداني “أحمد حسن موسى” ، فلدينا العديد من الضباط التشاديين في الجيش السوداني لديهم تاريخ ناصع ، وأذكر أن الحدث الأكبر كان في عام (1963) عندما انتقل رؤساء الأحزاب إلى إنجمينا والتي من خلفها حضر الزعيم “إبراهيم ابتشى” إلى السودان، وأسس قوة مسلحة ترأسها “الهجرو السنوسي” ، فكانت تلك القوة قد خططت لانقلاب بيد أنه فشل، فأرسلت الحكومة التشادية إلى الحكومة السودانية تستفسر عن هوية “الهجرو السنوسي” حيث اتضح أنه تشادي مقيم في السودان وتم فصله من الجيش، وأمثال “الهجرو” كُثر كانوا في الجيش السوداني بيد أنهم انخرطوا مرة أخرى .
= الحوار الوطني في الخرطوم يمكن تطبيقه في تشاد ؟
الحوار الذي انتهجته الحكومة السودانية في الخرطوم سمح للفصائل المتناحرة الجلوس على طاولة المفاوضات ، بالعكس تماماً الوضع في تشاد، فالحوار مفتوح فقط للأحزاب السياسة والجمعيات المدنية ، فنحن سعينا لخلق حوار وطني أسوة بالحكومة السودانية داخل تشاد .
= ترتيب حزبك من حيث القاعدة الجماهيرية حسب القوى الجماهيرية؟
أنا السادس على مستوى الحكومة، فمعظم الأحزاب في تشاد تورث بعد وفاة مؤسسيها ، لأن تمويل الحزب يعتمد على رؤساء الأحزاب.
= مقاطعة إذاً الحزب قائم على أشخاص وليس برنامج؟
ليس بهذا المفهوم ، فكل الأحزاب لديها برامج وخطط ويعتمد كل ذلك على حركة التمويل، وعندما يقل المال يضعف التنفيذ لذلك فالشخص المسؤول هو المؤثر الحقيقي في توجهات الحزب، فأنا مثلاً في الحزب الفيدرالي بمول الحزب بنحو (60%) المتبقي (40%) يقوم به أعضاء الحزب، وهم مجموعة من الشباب لديهم مشاريع استثمارية خاصة لدعم توجهات الحزب فبرغم كثرة الأحزاب في تشاد فمعظمها تلاشى ويرغب منسوبو الأحزاب في مناصب دبلوماسية ، فالمشكلة الأكبر التي توجه الأحزاب هي التمويل.
= لديكم تواصل مع أحزاب سودانية؟
أجل لدينا تواصل اجتماعي مع حزب الأمة السوداني، كان أحد أعضاء الحزب المؤثرين “الهجرو السنوسي” قد ساهم في تطوير العلاقة بين الحزبين على النطاق الاجتماعي والاستفادة من الحزب، ولكن على النطاق السياسي لا يوجد نشاط فيما بيننا.
= “محمود علي طاهر” أحد القيادات التشادية المعارضة والآن عدت إلى حضن الوطن؟
نعم .. أنا رئيس الحزب الفيدرالي من أجل العدالة والتنمية بدولة تشاد ، كنت ضمن خارطة المعارضة المسلحة بجبهة تحرير الوطن التشادي المسلحة لتسعة عشر عاماً، قررت الرجوع إلى تشاد في العام (2010) في مؤتمر بغرب أفريقيا من أجل المشاركة في النضال الديمقراطي من الداخل فكان ميلاد الحزب الفيدرالي من أجل العدالة والتنمية.
= هل حصلتم على ضمانات في الرجوع إلى تشاد؟
نحن الحركة الوحيدة التي قررت الرجوع إلى الوطن دون أي ضمانات أو شروط من الدولة أو تدخل دولي مثل فرنسا مثل ما هو متعارف عليه في الحركات المسلحة في الإقليم ، نحن عدنا بمحض إرادتنا فنحن مجموعة مسلحة وصلنا إلى قناعات أنه لا جدوى للبندقية.
= هل حاولتم المشاركة في الهجوم المسلح على إنجمينا؟
نحن لم نكن ضمن المعارضة التي نفذت الهجوم على إنجمينا نحن رفضنا العملية بأكملها بحسب خبرتنا وقراءتنا لذلك الهجوم أنه ليس في صالحنا، واستفدنا من تجربتا ليبيا والسودان ولذلك لم يكن لنا نشاط مسلح بالمعنى المطلوب، لم تجد عودتنا أي صعوبة فقد تم استقبالنا في مطار إنجمينا من المسؤولين والمواطنين ، فكانت البداية لتأسيس حزب فيدرالي من الداخل يناهض الحكومة، فكان أحد أهداف الحزب الأساسية تنمية الأقاليم وتوفير المشاريع الخدمية لتقليل هجرة السكان إلى الوسط، فكان للحزب إحداث تنمية حقيقية لترغيب الأفراد في البقاء والحد من الهجرة العكسية للمدن، فكان أحد مطالب الحزب تعيين الأفراد من كل الأقاليم دون تمييز، فالمؤسسات الحكومية والاعتراف باللغة الإنجليزية كلغة ثالثة بعد العربية والفرنسية وخاصة بعد دخولنا مع دول (الكومنولث) فكانت معظم الأنظمة التي جاءت منذ حقب التسعينات تعمل على تنمية مناطق جذور الرؤساء فقط.
= هل هناك مساحة حرية كافية للأحزاب لممارسة أنشطتها السياسية؟
الأحزاب في تشاد تنقسم إلى قسمين، أحزاب موالية للحكومة وأحزاب غير موالية وهى حوالي (220) حزباً ، فمساحة الحرية محدودة حيث لا يسمح بإقامة الأنشطة السياسية إلا بعد أخذ الإذن من وزارة الداخلية، فتوجد بها إدارة مختصة بنشاطات الأحزاب والجمعيات حيت تمنح الإذن وتسلمه لأقرب مركز شرطة من الدائرة التي تقوم بالنشاط ، لم يحدث إن تم تعليق أي نشاط سياسي للحزب ، فالحزب موجود في كل أقاليم تشاد ما عاد الأجزاء الشمالية ، وهو يقوم بنشاطه الراتب كل سبت.
= أقرب انتخابات رئاسية وتشريعية؟
حقيقة أقرب انتخابات تشريعية ستكون في مايو من العام المقبل (2019) وانتخابات رئاسية في العام (2021) فأنا كرئيس أفكر في خوض الانتخابات الرئاسية ، فالحزب لديه قاعدة كبيرة في الوسط وجزء الجنوب يمكن أن نحصل في منطقة الوسط وحدها على (25 ، 30 %) من الأصوات.
= إذا أسقطت تجربتك الشخصية في العمل المسلح على ما يحدث في دارفور ماذا أنت قائل؟
في رأيي الشخصي أن الأوضاع في دارفور شبيهة بتشاد إلى حد كبير نسبة للتداخل القبلي الكبير بين تشاد والسودان من خلال التزاوج والمصاهرة، ولا يفوتني هنا أن أذكر أن ثاني رئيس للوزراء في فترة الاستقلال “أحمد كلموندو” كان من جذور سودانية حالياً عائلته لها نشاط سياسي كبير في تشاد لديه أبناء وزراء، وهناك الكثير من العائلات السودانية الموجودة هناك مثل عائلة “قاسم” و “دسوقي” و”عبد المعطي”، كلها عائلات سودانية لها نشاط كبير في تشاد، وهناك عائلات من الدناقلة والجعليين في تشاد، مشكلة دارفور إذا أسقطت تجربتي عليها فهي مشكلة قبلية في المقام الأول، وعندما يتم تسليح قبيلة على الأخرى تشعر تلك القبيلة بالقوة والسلطة ، إلى جانب إهمال المناطق الأخرى من الخدمات السياسية وعدم مشاركتهم في الحكم.
= رسائل إلى قيادات الحركات المسلحة في السودان ماذا أنت قائل لهم؟
لدى رسائل موجهة لقادة العمل المسلح بدارفور، عليهم الجلوس إلى طاولة الحوار والمفاوضات مع الحكومة ووضع السلاح جانباً والمشاركة في التنمية ، وتشاد ليست ببعيدة فالناظر إليها منذ الاستقلال كانت هناك حركات مسلحة إلا أن بعضها عاد وانخرط في العملية السلمية، فنحن على قناعة أن المناهضة بالسلم هي الأنفع والأجدى.
= وصايا للحكومة في كيفية التعامل مع حركات دارفور لحل المشكلة ؟
الحكومة السودانية عملت على خلق حوار وطني مفتوح بين كل الأحزاب والحركات المسلحة ، فاستجاب لها البعض ولا يزال الآخر يرفض ، فعلى الحكومة السودانية ألا تيأس من إقناع البقية وضمهم إلى خارطة السلام، وأن تقدم عدداً من التنازلات . الوضع في السودان شبيه بتشاد بوجود معارضة مسلحة في تشاد ، فطلبنا من حكومتنا أن تحذو حذو الحكومة السودانية بخلق حوار وطني يشمل كل الأحزاب المعارضة، فأنا على قناعة تامة أن السلاح ليس وسيلة، فالحكومة لا تغير بالسلاح وإنما بالانتخابات الحرة النزيهة.
= تقييمك للفيدرالية .. هل هي نظام هش مقارنة بدول القرن الأفريقي؟
الفيدرالية في إثيوبيا مثلا فيدرالية قبلية ، وفي نيجيريا جغرافية مثل الولايات المتحدة ، لذلك النظام الفيدرالي يختلف من بلد إلى آخر، ففي تشاد تشارك كل القبائل الموجودة في الحكم دون تمييز، ويعود هذا الحديث إلى عدة قرون ، والناس كانت تعيش في ممالك وداي الباقرنو.
= كيف تنظر للعلاقة السياسية بين تشاد والسودان؟
العلاقة السياسية بين السودان وتشاد بعد اتفاقية السلام بين “ديبى” و”البشير” في الخرطوم أدت إلى تقارب في وجهات النظر بين الدولتين وهى علاقات متطورة بين البلدين.
= تقسيم السلطة والثروة في الأقاليم بتشاد كيف تتم؟
تقسيم السلطة والثروة سعت الحكومة التشادية لتطبيقه منذ استخراج البترول في العام (2003) بعمل بعض الاتفاقيات بأن تكون نسبة (5%) من موارد البترول تعود إلى الإقليم باعتباره ثروة وطنية ، بالنسبة للحكم في الأقاليم نحن طالبنا أن تكون هناك حكومة مصغرة في كل إقليم.
= هل يمكن أن تفوز على “ديبي” في انتخابات (2021) نزيهة سليمة؟
أنا وصلت إلى قناعة تامة أن تداول الأنظمة يتم بالطرق السلمية وليس قوة السلاح ، وذلك من خلال انتخابات حرة نزيهة وهذا الرأي أكدته الانتخابات التي حدثت في نيجيريا والسنغال.
= إدريس “ديبي” استطاع أن يحجم (بوكو حرام) .. هل يمكن للقوى العالمية أن تفرط فيه؟
لا أحد ينكر المجهودات التي قام بها الرئيس “ديبي” و إسهامه في دحر وتحجيم جماعات (بوكو حرام) المتواجدة في منطقة البحيرات ، هذا المجهود أكسب “ديبي” والحكومة التشادية سمعة طيبة في محاربة الجماعات الإرهابية، ويمكن أن نسمى هذا نجاحاً كبيراً في السياسة الخارجية تحسب لـ”ديبي” بانتصاره على جماعات كانت تؤرق الإقليم بأكمله.
= كانت هناك مساعي لربط تشاد بالبحر الأحمر عن طريق السودان؟
هذا المشروع توقف نسبة لعدم وجود التمويل الكافي والظروف المالية التي تمر بها الدولتان .