حوارات

الناظر "مختار بابو نمر" القيادي بقبيلة المسيرية في حوار مع (المجهر السياسي) 1-2

قرار “أمبيكي” الذي لوح بإحالة ملف أبيي إلى مجلس الأمن الدولي مازال مشرعاً– رغم تفاؤل الحكومة بالخطوة التي لا تعني شيئاً (خطوة تمديد المهلة من 6 إلى 14 ديسمبر الجاري).
قلنا للناظر “مختار بابو نمر” في فاتحة هذا الحوار.. هل أنتم أيضاً سعداء مثل الحكومة بهذه الخطوة؟ فجاءت إجابته في خاتمة الحوار تقول: (لا.. المشكلة ما انتهت.. مشكلة أبيي يا دوب بدأت)..
الناظر “مختار” تحدث بمرارة في هذا الحوار عن وفد الحكومة المفاوض وبروتوكول أبيي.. وعن محكمة لاهاي وعن تقرير الخبراء.. وعن.. وعن..!! ووجّه صوت لوم وعتاب إلى الحكومة وإلى وفدها المفاوض.. وإلى الشماليين.. وقال بمرارة في خاتمته: (والله نحن ما عندنا في الحكومة دي كلها غير “عمر البشير”.. إذا “البشير” ذهب.. حنعمل حاجة واحدة من اتنين..إما ننضم للجنوب ولـ”سلفا كير” رجالة كدا زول بقدر يسألنا مافي.. أو..!!)
أيها القارئ تابع هذا الحوار..
{ قرار “أمبيكي” ما زال يهدد أبيي بإحالة ملفها إلى مجلس الأمن رغم تفاؤل الحكومة واطمئنانها بخطوة مجلس السلم الأفريقي الخاصة بتمديد المهلة إلى 14/ 12.. هل أنتم متفائلون وسعيدون أيضاً مثل الحكومة؟
– أولاً قضية أبيي هذه قضية محلية، نحن نرى أنه ما كان يفترض أن يتم تدويلها.. ولكن رغم أنفنا تم تدويلها.. ورغم ما قدمناه من أشياء تؤكد تبعية أبيي لنا (ما اشتغلوا) بهذه الأشياء التي قدمناها، وحكمت المحكمة حكمها الجائر علينا، أن أبيي تتبع للجنوب.
{ محكمة لاهاي؟
– محكمة لاهاي.. أخيراً الحكومة الأمريكية أرسلت مبعوثاً أمريكياً هو “غريشن” وانعقد لقاء لنا معه– نحن الطرفين- في أديس أبابا، وبعد نقاش استمر لأكثر من (10) أيام استطعنا أن نثبت للحكومة الأمريكية وللأمم المتحدة أن أبيي (حقتنا) وعندنا حقوق فيها.. والحمد لله للحكومة الأمريكية اعترفت والمبعوث الأمريكي قدم لنا أكثر من ستة مقترحات ونحن لم نرفضها.. قبلنا بكل المقترحات التي قدمها لنا، ولكن الدينكا رفضوها.. ونحن نعتقد أن في تلك المقترحات حلاً مرضياً للطرفين.. (لكن الدينكا الحاجة الفيها رضا لينا نحن هم لا يريدونها).. وأخيراً جاءت مفاوضات أديس أبابا و”أمبيكي” وجاء بمقترح جديد قال (أبيي يصوتوا فيها دينكا نقوك فقط والمسيرية ما يصوتوا).. ونحن رفضنا هذا الكلام وقلنا لهم: (دا ما بجي والبلد دي بلدنا.. ونحن كنا موجودين فيها قبل الدينكا نقوك ونحن الذين آوينا دينكا نقوك).. وقالوا الاستفتاء يكون في شهر أكتوبر 2013م، في الوقت الذي يكون فيه المسيرية في القوز خارج أبيي.
هذا كلام مرفوض، ولن يكون هناك استفتاء أصلاً في أبيي.. كون أن التصويت لدينكا نقوك فقط هذا مستحيل.
{ سيد “مختار”.. أنتم المسيرية أظهرتم موقفاً ضعيفاً من بروتوكول أبيي الذي وقعته الحكومة في نيفاشا.. وسبب المشكلة الآن هو بروتوكول أبيي.. تلك الورقة الأمريكية التي قدمها “دان فورث” وقبلتها الحكومة ووقعت عليها.. هناك بنود أساسية في هذا البروتوكول أضعفت موقفكم الآن؟
– المسيرية منذ اليوم الأول لم يكن لهم حق التفاوض.. نحن ذهبنا حتى لاهاي، وهم كانوا يتفاوضون بالإنابة عنا.
{ لكن الوفد الحكومي شاوركم بخصوص ورقة “دان فورث” قبل أن يوقع عليها؟
– ما شاورونا.
{ نحن نعلم أنه عندما قدم “دان فورث” ورقته للطرفين مفاوضو الحركة وافقوا عليها فوراً لكن الوفد الحكومي طالب بمهلة زمنية رجع خلالها إلى البلاد وقابل أعيان المسيرية وطرح عليكم الورقة بتفاصيلها وأنتم وافقتم عليها قلتم (الورقة كويسة)؟
– خلي كلامك دا.. أنا بكلمك وأنا شخص مسؤول في القبيلة كلها.. نحن ذهبنا حتى لاهاي (ديكاً مدلدل).. هل تعرفين ما هو (الديك المدلدل) أم أشرحها لك؟ الديك (بتاع الجداد دا) عندما يأخذونه يذهبون به إلى السوق.. يذهب وهو لا يعرف شيئاً، يذهب ويعود معك وهو (ما عارف حاجة).. نحن ذهبنا إلى لاهاي ورجعنا ونحن (ما عارفين أي حاجة)، في حين أن دينكا نقوك يعرفون، ويفاوضون هم شخصياً.. أما أنا (فبفاوضوا نيابة عني!).. ودائماً صاحب الحق ليس مثل الشخص الموكل.. أنا صاحب حق و(ما في زول موكلني).. لذلك نحن رفضنا قرار المحكمة.. قلنا نحن ما كان عندنا فرصة نتكلم.. رفضنا قرارها.
{ دينكا نقوك كان لهم ممثلون في وفد الحركة المفاوض.. أنتم أيضاً كان لديكم ممثلون في وفد الحكومة.. ناس “الدرديري محمد أحمد”؟
– طيب.. إذا كان “الدرديري محمد أحمد” يتكلم بالإنابة عن القبيلة، أنا ناظر قبيلة و”كوال دينق” يتكلم في المفاوضات باسم الدينكا وهو ناظر الدينكا.. ويتكلم فيها أولاد “دينق مجوك”.. أنا أبوي “بابو نمر”، وأيضاً عندي أولاد وعندي أعيان ناس كبار (بعرفوا الأرض وما بدوهم فرصة).. ما يتكلم “الدرديري”! (بعرف شنو هو عن أبيي؟ “الدرديري” مسيري لكن شنو؟).
{ “الدرديري” جاءكم يحمل البروتوكول قبل التوقيع عليه.. وقال لكم هذا هو البروتوكول الذي سنوقع عليه وأنتم وافقتم عليه وقلتم له وقِّع؟
– نحن ما عندنا شك في “الدرديري” أنه يتكلم باسم المسيرية، لكنه لن يكون مثلي أنا صاحب الحق.. أنا كنت أريد منه أن يقول (فلان هذا يجب أن يأتي هنا إلى جانبي.. هو يتكلم وأنا أتكلم.. والحاجة الفايتة عليهو أنا أقولها والفايتة عليّ أنا هو يقولها).
كنت أريد منه أن يقول لهم هذا لكن أنا بعيد.. و(لما أسمع الغلط ما أقدر أقول دا غلط)..
{ يقال إن “مهدي بابو نمر” حين عُرضت عليه هذه الورقة قبل التوقيع عليها وافق عليها وقال (مافي أي مشكلة)؟
– قال وهو يشير إلى داخل صالون المنزل الذي نجلس في فنائه: هذا هو “مهدي بابو نمر” موجود.. قريب هنا.. (ما حصل كلام زي دا).. أصلاً لم يحدث.. هذا هو “مهدي بابو نمر”.. (كررها وهو يشير إلى صالون المنزل).. ثم صمت برهة قبل أن يقول: أنا أقول لك شيئاً.. هذه الورقة كتبها “فرانسيس دينق”.. (دان فورث العرفو شنو بأبيي؟!).. “فرانسيس” هو الذي كتب الورقة وأعطاها لـ”دان فورث” على أساس أنها مقدمة منه كمندوب للحكومة الأمريكية.. والآن- الـ”أمبيكي” هذا- الكلام الذي يقوله هذا (ما كلامه).. (الكلام البتقوله أمريكا بجي من “فرانسيس” لـ”رايس”، و”رايس” تقدمه لهذا على أنه كلامه هو وصادر منه).. كل الكلام دا عامله “فرانسيس”.. نحن نعرف “فرانسيس”.. هو قرا وين؟! قرا في بيتنا نحن في المجلد.. وقرا في جامعة الخرطوم على حسابنا نحن.. علي حساب المسيرية.. نحن دفعنا له نفقة التعليم حتى تخرج.. والمثل يقول (عدوك يا حوّار قريتا يا يتيم ربيتنا).. (الحوار القريتا دا بقى عدوك).. كلهم قريناهم على حسابنا..!
{ سواءً أكان “فرانسيس” هو الذي كتب الورقة أم أمريكا أنتم وافقتم عليها و..؟
– نحن ما شفناها.. وأقول لك أيضاً: الخبراء الخمسة الذين أحضروهم لترسيم الحدود (لا فيهم عربي ولا مسلم).. ورئيسهم أكبر عدو للسودان ومؤلف كتاب ضد السودان.. ناس أعداء أحضروهم وتوقعوا منهم أن يقولوا شيئاً حقيقياً عن السودان! أحضروهم رغم أنفنا وقالوا لهم (ورونا المكان الذي كان فيه الدينكا سنة 1905م).. نحن أخذناهم إلى المكان الذي به قبر “أروب بيونق”، قلنا لهم هذا هو قبر “أروب بيونق” في جنوب البحر.. أبيي تبعد عن شمال البحر (12) كيلو.. ومن أبيي إلى حدودنا نحن جنوب البحر (62) كيلو (الـ62 كيلو هذه خليها.. هم أخذوا أيضاً بالإضافة إليها 60 كيلو من أبيي شمال البحر.. أصبحت كم؟ 122 كيلو أضافوها من أرض المسيرية إلي أراضيهم جنوب البحر)..
{ لكن هناك مادة أساسية في بروتوكول أبيي.. لا تعطيكم حقاً في أبيي وإنما تعطي الحق للدينكا.. ليس الخبراء فقط أو الأمريكان فقط.. ولكن حتى الأجيال السودانية القادمة إذا نظرت في بروتوكول أبيي ستعدّ أنه ليس  للمسيرية حق في المنطقة.. لأن بروتوكول أبيي الذي وافقتم عليه يعرّف أبيي بأنها (منطقة مشيخات الدينكا الـ9 التي حوّلت إلى جنوب كردفان في سنة 1905م)؟
– أبداً.. أبداً.
{ البروتوكول قال هذا؟
– في 1905م الدينكا كانوا وين؟! كانوا في جنوب البحر.
{ لكن البروتوكول لم يذكر هذا لم يحدد منطقة جنوب البحر؟
– أنتِ من أي منطقة في السودان؟
{ من الشمالية .. من أرقو.
– أنت كشمالية لا تعرفين أي شي عن أبيي.. كل السودان الشمالي لا يعرف شيئاً عن أبيي! المسيرية فقط.. أنا أقول هذا الكلام لماذا؟
لأنه الآن– في دولة جنوب السودان كل امرأة ورجل هناك (واقفين مع دينكا نقوك).. ولكن أنتم كشماليين.. أبيي هذه هل هي (حقتي أنا براي أم حقتكم كلكم؟!).. البترول الموجود اليوم في أبيي أنا يعطوني منه (2%) فقط.. وشمال السودان يأخذ (50%).. (شمال السودان دا الما قاعد يتكلم عن أبيي! يعطوه 50%!.. نحن عندنا أكثر من (3) آلاف مسيري ماتوا بسبب مشكلة أبيي.. دايرين شمالي واحد– ما يموت معانا- لكن يتكلم في الجرايد.. يتكلم يقول أبيي دي حقتنا نحن الشماليين وحنموت عشانا.. خليهم يقولوا الكلام دا.. نحن ما لاقين ولا شمالي واحد يتكلم معانا!).
{ تأطير قضية أبيي بهذا الإطار القبلي الضيق مشكلة.. لماذا– في تقديرك- هذه النظرة القبلية الضيقة لقضية أبيي؟ لماذا لا يُنظر إليها كقضية قومية؟
– (لأنو لقيناكم إنتو واقفين مننا بعيد.. عشان إنتو ما معانا!!).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية