قطار السلام والتسوية السياسية.. متى يصل المحطة الأخيرة؟
ما بين تعدُّد المنابر في الدوحة وأديس وجوبا واقتراب الانتخابات
الخرطوم- طلال إسماعيل
في انتظار انطلاق قطار السلام بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور، جنوب كردفان والنيل الأزرق، تتعدّد محطات التفاوض، وتتجه الأنظار إلى أديس أبابا، جوبا والدوحة، بعد أن تلقّت كلاً من الوساطة الأفريقية برئاسة “ثامبو أمبيكي” والوساطة القطرية، وثالثتهما وساطة دولة جنوب السودان الضوء الأخضر من كل الأطراف وإعلان الاستعداد لإبرام التسوية السياسية قبل انتخابات 2020.
الحكومة من جانبها جدّدت حرصها على إنهاء الحرب وتحقيق السلام بالمنطقتين وأعلنت عن جاهزيتها لاستئناف المفاوضات مع قطاع الشمال. ونقل المركز السوداني للخدمات الصحفية عن مساعد رئيس الجمهورية د. “فيصل حسن إبراهيم” قوله إن مبادرة رئيس حكومة جنوب السودان “سلفا كير ميارديت” تنحصر في تسهيل المفاوضات وتشجيع الأطراف وحثها على استكمال تحقيق عمليات السلام بالمنطقتين، مبيناً أن الحكومة في انتظار الوساطة الأفريقية لتحديد موعد استئناف التفاوض مع الحركة الشعبية.
ودعا “إبراهيم” قطاع الشمال إلى الامتثال لرغبات مواطني المنطقتين والنظر إلى معاناتهم بعد قناعتهم بأن السلام هو الخيار الوحيد لتحقيق الاستقرار، مؤكداً أن تمديد إطلاق النار ساهم في دفع عملية السلام بالبلاد.
كما أعلنت الحكومة عن تلقيها دعوة لإجراء مشاورات مع الوساطة القطرية لسلام دارفور في الدوحة، اليوم (الثلاثاء)، لبحث استئناف المفاوضات مع الحركات المسلحة.
وتجيء هذه الدعوة بعد أيام من اجتماعات عقدها الوسيط القطري مطلق بن ماجد القحطاني مع قيادة حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة بزعامة كل من “مني أركو مناوي” و”جبريل إبراهيم” ناقشت تذليل توقيع اتفاق تمهيدي يسبق إجراء المفاوضات.
وقال المبعوث الدبلوماسي والرئاسي لملف دارفور “أمين حسن عمر” إن الجانب القطري طلب من الوفد الحكومي الحضور إلى الدوحة بغرض التشاور حول استئناف التفاوض مع الحركات المسلحة، وأضاف: (سنلتقي بالوسيط القطري لمعرفة تفاصيل اللقاء).
من جانبه، قال رئيس حركة العدل والمساواة “جبريل إبراهيم” إن مشاورات الدوحة ناقشت كيفية تحريك عملية السلام في دارفور وإسهام الوسيط القطري في تذليل توقيع اتفاق ما قبل التفاوض، وأوضح في تصريح لـ(سودان تربيون) بعد وصوله باريس، أن الاجتماع مع الوساطة القطرية جرى فيه التأكيد على أهمية منبر الدوحة واستعداد الحركتين للتفاوض فيه، وأشار إلى أن اللقاء بحث (الخطوات العملية لتحريك عملية السلام بمساهمة الوسيط القطري في تذليل العقبة الصغيرة التي تقف أمام توقيع اتفاق ما قبل التفاوض لينتقل الأطراف لتوقيع اتفاق وقف العدائيات لأغراض إنسانية ومن ثم يدخلون مباشرة بعدها في التفاوض حول القضايا السياسية التي تخاطب جذور المشكلة ومعالجة آثار الحرب وفق اتفاق إطاري يرسم مسار المفاوضات)، وأضاف: (كما تم التأكيد على أهمية التنسيق بين المنابر والمبادرات المختلفة حتى لا تضيع وتتشتت بينها).
وشملت اجتماعات وفدي الحركتين في الدوحة، إلى جانب الوسيط القطري “مطلق بن ماجد القحطاني” سفراء ممثلي سفارات الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا وألمانيا.
ويوم (الخميس) الماضي التقى بأديس أبابا، وبدعوة من الآلية الرفيعة، وفد من قيادة الحركة الشعبية ضمّ كلاً من رئيسها “مالك عقار” ونائبه “ياسر عرمان” والأمين العام “إسماعيل جلاب” و”مبارك أردول”، التقوا رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة “ثامبو أمبيكي” و”رمضان العمامرة” وفريق الآلية، وقد تناول النقاش سبل تحقيق السلام العادل والشامل بالمنطقتين والسودان. وذكرت مصادر من قطاع الشمال أن وفد الحركة قدم تنويراً للآلية الرفيعة بنتائج زيارته لدولة جنوب السودان ومبادرة الرئيس “سلفا كير ميارديت” لدعم مجهودات الآلية الرفيعة لتحقيق السلام في السودان.
وأكدت قيادة الحركة الشعبية على ضرورة تحقيق سلام شامل في المنطقتين ودارفور، وعملية سياسية متكاملة تضم القوى السياسية كافة على رأسها (نداء السودان)، وقد أبلغت قيادة الحركة الرئيس “ثامبو أمبيكي” بالبلاغات المفتوحة من حكومة السودان ضد رئيس (نداء السودان) “الصادق المهدي” والضرر الذي ستلحقه بالعملية السلمية، ونبهت لفشل الحلول الجزئية وقالت إن الحل السياسي الشامل يظل أفضل الخيارات السياسية المطروحة أمام السودانيين للخروج من الأزمة السياسية الشاملة والمعقدة.
وخلال القمة الأفريقية الطارئة بأديس أبابا، بحث وزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد” مع رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى للسودان وجنوب السودان “ثامبو أمبيكي”، بالعاصمة أديس أبابا، جهود الأخير لتحقيق السلام في البلاد، وجرت المباحثات أول أمس (الأحد). وعلى هامش ذات الفعالية أطلع “الدرديري” رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “موسى فكي” على الجهود التي يبذلها السودان لتحقيق السلام في جنوب السودان وأفريقيا الوسطى.
تأتي هذه التطوّرات لاستئناف المفاوضات في أوضاع سياسية داخلية بالخرطوم، يحاول من خلالها المؤتمر الوطني الوصول إلى وفاق مع الأحزاب السياسية الأخرى حول قانون الانتخابات وتخطيط الملعب السياسي.
ومع تسارع قطار السلام للوصول إلى محطته الأخيرة قبل شهر أبريل من العام 2020، تطل التساؤلات بين الحين والآخر عن مستقبل السودان السياسي، في ظل انتخابات قادمة وتسوية سياسية مع الحركات المسلحة والأحزاب الأخرى لم تتضح معالمها بعد.
يقول وزير الإعلام والاتصالات المتحدث باسم الحكومة “بشارة جمعة أرو” إن الحكومة لا يمكن أن ترحب بعودة زعيم حزب الأمة القومي “الصادق المهدي” وتدعوه للحوار ثم تُلقي القبض عليه، ورجح أن يصدر عفو رئاسي عنه أو تجمّد تلك البلاغات.
وأضاف “أرو” في حديث لـ(برنامج ملفات سياسية) الذي بثته فضائية (الشروق) إنه (لا يمكن أن نرحب بعودة المهدي، وفي نفس الوقت نحرك بلاغات ونلقي القبض عليه). وأضاف: (البلاغات يمكن أن تلغى أو تجمد، ويمكن أن يصدر عفو من رئيس الجمهورية عمر البشير)، وأكد أن الحكومة راغبة في الحوار، وتابع: (نائبة رئيس حزب الأمة مريم المهدي عادت إلى البلاد السبت الماضي، دون أن تتعرض لأية مساءلة قانونية).
وتوقع “أرو” أن تتوصل الحكومة بنهاية العام الجاري إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار مع جميع الحركات المسلحة، وأيضاً إلى تسوية في دارفور والمنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان)، على أن تكمل بقية التفاصيل الخاصة بملفات التفاوض بعد نهاية العام الجاري.
فهل حان موعد السلام؟