رجال في غير مكانهم..
في خمسينات القرن الماضي صدع شاعر مؤتمر الخريجين “علي نور” بإحدى القصائد التي تصف حالنا منذ ذلك الزمان وحتى الآن لم يتغير شيء أو يتبدل موقف.. قال الشاعر “علي نور”: كل امرئ في السودان يحتل غير مكانه المال عند بخيله والسيف عند جبانه..!!
وبعيداً عن السيوف والأموال فإن الذين يحتلون مكاناً غير مكانهم كثر، وعلى قفا من يشيل!! وزير الثقافة في حكوماتنا الحالية هو وزير الثروة الحيوانية “دقاش” ولكن من يقنع د.”فيصل حسن إبراهيم” بأن “دقاش” الأديب والمسرحي والباحث في التراث أحق بكرسي “عمر سليمان آدم” الذي عُين في وزارة وهو غريب عنها.. وهي بعيدة عنه.. و”عمر سليمان آدم” ليس وحده فقد عُين السفير “معاوية عثمان خالد” وهو كفاءة دبلوماسية أثبتت نفسها في بلاد العم سام، وبعد انقضاء مدته عاد للخرطوم ليجد نفسه في موقع رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة.. والسفير “معاوية” بعيداً عن كرة القدم ومجتمعات الرياضة وربما لا يميز بين الكرة الطائرة وكرة الصالات، وتم الدفع به لسد الثغرة التي خلفها اعتذار “عثمان البشير الكباشي” ، ولو كانت حكومتنا (تصغى) للنصيحة.. وتؤمن بأن نصف رأيها عند شعبها لاختارت “الطيب حسن بدوي” الرياضي الناجح والقيادي الشاب لمجلس الرياضة و(ادخرت) “معاوية عثمان خالد” ليوم كريهة وسداد ثغر، وإذا كان الموقع (حاكورة) للسفراء فهناك سفراء لهم تجارب في الوسط الرياضي من “علي قاقرين” إلى السفير “عبد المحمود عبد الحليم” والسفير “علي الصادق”.. وحتى وكيل الخارجية السفير “ياسر خضر” له تجربة في وزارة الإعلام، ربما أعانته إذا عُين في منصب رئيس المجلس الأعلى للرياضة.
وهل ممثل جماعة أنصار السنة المحمدية “محمد أبو زيد مصطفى” هو الوزير المناسب ليصبح مسؤولاً عن القطاع الصحي بالبلاد.. والرجل ليس من اهتماماته ولا انشغالاته قضايا الصحة؟؟ ، وقد حقق الوزير السابق “بحر إدريس أبو قردة” وهو وزير سياسي، نجاحاً نسبياً فلماذا يذهب إلى وزارة العمل وهناك في الحكومة طبيب مختص.. ووزير صحة سابق جلس على هذا الكرسي عام 1987م، ليصبح اليوم وزيراً للداخلية.. في الوقت الذي تضم الحكومة من بين أعضائها ضابطاً مختصاً وهو الفريق “عوض ضحية” الذين زج به في وزارة الكهرباء دون تخصص ومعرفة حتى بأسباب قطوعات التيار الكهربائي.. و”عوض ضحية” هو الوزير المناسب للداخلية، ود.”أحمد بلال” هو الوزير المناسب للصحة من بين أعضاء مجلس الوزراء الحاليين، لكن لسبب أو آخر يُعين الطبيب في مكان العسكري والعسكري في مقام المهندس والسفير في حقيبة الرياضة.. والرياضي يتولى مركز بحوث ودراسات.. فكيف تستقيم أوضاع حكومتنا وتقدم عطاءً لصالح هذا الشعب، وأولى شروط العطاء أن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. فإذا كان شاعر المؤتمر “علي نور” قد قال قولته وذهب منذ خمسينات القرن الماضي فإنه قرأ بعين بصيرة واقعنا.. ومستقبلنا ولم يتجنَ علينا.