تقارير

إزالة محلات بـ (سوق بحري) .. أسئلة تصرخ من تحت الركام..!!

يفترشون الأرض.. وأبصارهم شاخصة إلى السماء ولسان حالهم يقول: (أين ستقذف بنا أمواج الحياة، وأي مصير غامض ينتظرنا.. وأي ضياع يخيِّم على مستقبلنا)؟!
كان هذا لسان حال التجّار الذين تفاجأوا صباح أمس الأول بإزالة خيامهم من سوق بحري العتيق، أو كما يحلو للمواطنين تسميته (سوق المسكين).
{ المحلية.. حضور غائب!!
يقول التاجر “محمد يوسف”، الذي ظل يعمل بالسوق منذ (15) سنة، يقول لـ(المجهر)، إن إخطاراً وصلهم في اليوم الـ (17) من الشهر الماضي، وأعطتهم المحلية مهلة (72) ساعة، فرفعوا تظلمهم وتضررهم للمحلية، وانتظروا أن يجد طلبهم الاستجابة، لكنهم تفاجأوا صباح أمس الأول بـ (كراكة) تعمل على إزالة الخيام والمظلات، والتجار مذهولون وغير مصدقين!! وأضاف أنهم بدأوا بسرعة في إخراج بضائعهم من الخيام، فيما شرعت الجهات المسؤولة في الإزالة.. ثم نكَّس رأسه أرضاً، وقال: (إن المحلية هي سبب الكارثة وضررنا لا يقدر بثمن)!!
{ لصالح من؟!
وقال للصحيفة التاجر “آدم أحمد”، منفعلاً: (هناك إشاعة مفادها أن الإزالة جاءت لصالح مستثمر اشترى المنطقة)!! ثم أردف: (لصالح مَنْ تتضرر أكثر من (3) آلاف أسرة.. هل لصالح فرد)؟
{ دموع وسط الركام!!
أثناء تجوال (المجهر)، هرولت إليها امرأة في العقد الثاني من العمر، وتحدثت ودموعها تغالبها: (أنا “آمنة حسن أحمد”، أعمل بالسوق لأكثر من (22) عاماً، وأدفع الإيجار والضرائب والرسوم كل شهر للمحلية، وأعول أيتاماً بعد أن تركهم والدهم، وليس لدي مصدر دخل آخر غير السوق).. ثم استرسلت: ( لمن نشكو.. وبأي شيء سوف أعود لأبنائي هذا المساء.. هل سأعود إليهم بباقي بضاعتي التي لا أدري ما مصيرها هي الأخرى)؟! ولم تكن “آمنة” هي الوحيدة التي ستمتهن الضياع، بل إن الركام والحطام المتناثر على الأرض ينبئ عن مصير مجهول ينتظر كثيراً من الأسر!!
{  ما هو البديل؟!
وفي ذات السيناريو يقول التاجر “محمد سيد أحمد”: (أعمل هنا منذ (16) سنة، وأدفع كل شهر للمحلية (4) ملايين، قيمة إيجار شهري للتصاديق، وندفع الضرائب والرسوم كافة، وآخر إيصال منحته إيانا المحلية في شهر (نوفمبر) المنصرم، ثم تفاجآنا بأمر الإزالة، ونتساءل: ما هو البديل؟ وهل ستقف الحكومة موقف المتفرج، وهناك أكثر من (3) آلاف مواطن معرض للضياع والتشرد؟!
{ منفذ لمحاربة الغلاء
يُذكر أن سوق بحري للملابس الجاهزة من أشهر الأسواق في مجال البيع المخفض مقارنة بالأسواق الأخرى، ومن الأسواق التي يجد فيها المواطن ضالته، ويرجع ذلك إلى انخفاض قيمة الإيجار بالنسبة (للخيام) مقارنة بالدكاكين الثابتة.. مما ينعكس على رخص الأسعار.
ويقول “عوض عثمان” وهو تاجر من المؤسسين: (إن السوق كان في بداياته عبارة عن موقف للمواصلات، ثم بدأ بـ (طبليات) صغيرة، وامتد ليصبح سوقاً كبيراً له زبائنه ورواده). وقال المواطن “أحمد الخير”: (شيء مؤسف أن تدمر الحكومة كل شيء يمكن أن يخدم المواطن البسيط الغلبان، فالموظفون ذوو الدخل المحدود والعمال لا يستطيعون أن يشتروا من الأسواق الكبيرة، لذلك يجدون الملاذ في سوق بحري لانخفاض أسعاره مقارنة بأسواق كثيرة أخرى).
{ في انتظار الحل!!
ووجه عدد من التجار سؤالاً للمسؤولين: هل هنالك بديل ينتشلهم من هذا الضياع؟ أم أن مصيرهم سيكون كمصير آلاف الخريجين الذين تدفع بهم الجامعات كل عام، ثم يستظلون بالأركان في الأحياء؟!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية