لوبيات (الكاش) في الحكومة !!
أين تذهب الأموال (الكاش) التي يتحصلها عدد من المؤسسات والشركات الحكومية ، ومن بينها شركة توزيع الكهرباء والمحليات وبعض وحدات ديوان الضرائب التي ما زالت تصر على استلام الضريبة (نقداً) ؟!
أين تذهب أموال مكاتب بيع الكهرباء وهي ما بين (20- 30) مليار جنيه حسب تقديرات مدير شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية المهندس “عمر العمرابي” ؟
كيف يمكن للدولة أن تستعيد (الكاش) إلى الجهاز المصرفي، بينما مؤسسات ووحدات الحكومة لا تريد أن تتعامل مع نظام الدفع الإلكتروني ؟
كل المحليات في ولايات السودان المختلفة ما زالت تتحصل رسومها المتعددة والمتلونة نقداً ، وكذلك مكاتب بيع الكهرباء ، محطات الوقود ، مجمعات خدمات الشرطة للبطاقة والجوازات ورخص المرور ، المستشفيات العامة والخاصة !!
حدثني أمس مدير شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية، وهي شركة مملوكة لبنك السودان وعدد من البنوك ، أن لديهم في مخازن الشركة (13) ألف ماكينة للبيع الإلكتروني (نقطة بيع) ، وأنهم يواجهون صعوبات بالغة وتعقيدات كثيرة في سبيل إقناع الجهات الحكومية بتوزيعها وتركيبها (مجاناً) لترتبط فوراً بالجهاز المصرفي .
للأسف يا سيادة رئيس الجمهورية .. ويا دولة رئيس الوزراء ، ما يزال هذا الكم الهائل من الماكينات يقبع في مكانه بالمخازن بلا عمل ، بانتظار الإرادة السياسية التي تلزم جميع الوحدات الحكومية في الدولة بالانتقال لنظام الدفع الإلكتروني لمن يرغب من المواطنين ، خلال (72) ساعة ، وهو أمر غير معقد ولا يحتاج لدورات تدريبية مكثفة ، فالكثير من البقالات في الخرطوم لديها نقاط بيع إلكترونية منذ فترة طويلة .
لماذا ترفض هذه الوحدات الحكومية في ولاية الخرطوم وبقية الولايات التعامل بماكينات البيع الإلكتروني ؟! أين تكمن المصالح وكيف نمت وترعرعت هذه (الدولة العميقة) من الموظفين ومن فوقهم السياسيون الدستوريون ؟!
لقد دخلت البلاد في أزمة سيولة طاحنة امتدت لثلاثة أرباع هذا العام الخانق ، بسبب أخطاء الإدارة السابقة في بنك السودان التي قضت على جل مدخرات الجهاز المصرفي من (النقد) في شراء الذهب ، ثم لم تتحول عائدات الذهب إلى نقد أجنبي وافر يحفظ استقرار سعر الدولار في السوق الموازية !!
وهكذا .. أصبحت الأزمة أزمتان .. شح في الدولار وشح في الجنيه السوداني بصورة غير مسبوقة في تأريخ السودان الحديث !!
الآن ..الحل ليس بطباعة فئات جديدة فقط ، بل بكسر عظم (لوبيات الحكومة) الرافضة للمعاملات الإلكترونية عبر نقاط البيع .
لو كانت لدينا حكومة جادة ومسؤولة ، لتم توزيع وتركيب الـ(13) ألف نقطة بيع الموجودة لدى شركة الخدمات المصرفية .. خلال يومين فقط .. و(الما عايز يقدم استقالتو أو يحال للتحقيق والفصل) ..توزيعها والعمل بها فوراً في كل محليات الـ(18) ولاية ، مجمعات خدمات الشرطة ، مكاتب شركة توزيع الكهرباء ، محطات الوقود ، المستشفيات العامة والخاصة .
لو تم تنفيذ هذا الإجراء بقوة وصرامة عاجلاً غير آجل ، مع ضرورة توقف بنك السودان عن شراء الذهب بالكاش وإلزام المعدنين وشركات التعدين بالبيع بالشيكات المصرفية مع نسبة محدودة بالنقد ، لغرقت بلادنا من جديد في سيول من (السيولة) .. لا توقف .
ولكن من يفعلها ومتى ؟!