رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية .. يرفع العصا
قال: إن التضخم وسعر صرف العملة لعبا دوراً كبيراً في إفقار الناس
تقرير : نجدة بشارة
عبر خبراء عن تفاؤلهم بالسياسات المالية التي ينتهجها رئيس مجلس الوزراء “معتز موسى” خاصة فيما يتعلق بعدم رفع الدعم أو زيادة الضرائب، وقال الخبير الاقتصادي دكتور “عز الدين إبراهيم” في حديثه لـ(المجهر) إن خطاب “معتز” جاء مبشراً بالإضافة إلى إعلانه عن قبضة حديدية تجاه ضبط سعر الصرف،وقال إن هذه السياسات لا زالت كلاماً وتتبقى مرحلة التنفيذ والتي غالباً ما ستكون في ميزانية 2019، وأضاف: نرحب بأي تغيير إيجابي للإصلاح.
وشهدت قاعة الشارقة مداولات ساخنة ومرافعة صريحة من قبل رئيس مجلس الوزراء “معتز موسى” موضحاً أن الاقتصاد فريضة الساعة من حيث مجمل الأوضاع بالبلاد وقدم دفوعات قوية وتشخيصاً عميقاً للأزمة الاقتصادية في منتدى (الاقتصاد السوداني..تحدي السياسات واستحقاقات الإصلاح ) الذي نظمته صحيفة إيلاف بالتعاون مع مركز التنمية والسياسات العامة أمس الأول .
*برنامج إصلاحي …..
اعتبر “معتز موسى” زيادة معدلات الفقر مؤشراً خطيراً، يجب معالجته ومحاربته بالسياسات والإدارة ثم الموارد التي وصفها بغير الكفيلة لإزالة الفقر ، وإن الفقر ليس (قدراً) وأن الفقراء شريحة محتملة الوجود . وأبان أن التضخم وسعر صرف العملة لهما دور كبير في إفقار الناس ، وأن أي برنامج إصلاح اقتصادي لا يراعي التحكم الجذري والشامل والتضخم وسعر الصرف لن يحقق المطلوب .
وأقر “معتز” بمواجهة الاقتصاد السوداني لتحديات، وقال بأنها من طبيعة الأشياء ، وقال إن الأزمة على مر الحكومات المتعاقبة لم تعالج لسوء إدارة مفتعلة وعلينا الآن التشاور والتفاكر لأحداث الاستقرار الاقتصادي واعتباره قضية قومية، مشيراً لتباين نسب النمو عبر فترات طويلة مما يتطلب الدراسة بعمق .
ونبه “موسى” إلى هشاشة الاعتماد على مورد واحد ،وقال: من المهم إعادة النظر في طبيعة الاقتصاد من حيث الموارد، مبيناً شعار المرحلة القادمة من حيث اقتصاد يقوده الصادر ، واعتبر البطالة وسط الشباب مؤشراً خطيراً، وقال: إن الاستثمار الأجنبي يجب أن يحرك مسألة توليد الوظائف ولا يجب التعامل معها بسياسة “كتر خيرك”.
ونبه لأهمية مراعاة القدرة على اجتذاب الاستثمارات الخارجية التي يمكن أن تسهم في إدخال تقنيات غير معهودة وتوظيف الكفاءات الوطنية مع إحلال الواردات بطريقة لا تكلف المالية العامة رهقاً إلى جانب موارد الاستثمار، وهو استثمار منشود يجب مراجعة الأوضاع وفقاً لهذا النهج على أن يكون الاستثمار الأجنبي تحريكاً حقيقياً للاقتصاد الوطني، مشيراً لأهمية دور القطاع الخاص الوطني، وقال: يجب أن يكون أداء القطاع الخاص وفقاً لعمل حقيقي ولا يعتمد على الحجز . وقطع وزير المالية بأن شبكة الأمان الاجتماعي من أولى واجبات الدولة، ونبه لأهمية أن يكون النظام المصرفي آمناً ومستقراً ، وقال إن قدرته على إعطاء الاقتصاد الكلي رئة ثانية يتنفس بها أحد مؤشرات سلامة الجهاز المصرفي.
*ضبط الإنفاق العام…
هاجم أستاذ الاقتصاد القياسي بجامعة الخرطوم بروفيسور “إبراهيم أونور” السياسة المالية والنقدية ووصفها بغير الفاعلة ، وأشار إلى ضعف البنك المركزي في التحكم في سعر الصرف وهيمنة السوق الموازي وسوء إدارة الذهب وتحويلات المغتربين والتي انخفضت في القنوات الرسمية، فأصبحا مصدرين لتقوية السوق الموازي، مما زاد من عجز الموازنة بالاعتماد على جيب المواطن للتمويل وليس الاعتماد على الأصول، وأضاف إن الضرائب على الأرباح ومكاسب رأس المال ضئيلة وهناك مؤسسات حكومية أشبه بالتجارية لا تسهم بل تصرف عليها الحكومة.
وأوضح “أونور” أن النصيب الأكبر من المصروفات يذهب لجهاز الخدمة المدنية المترهلة والتحويلات الولائية للاستحقاقات السياسية وشراء السلع والخدمات واستهلاكها كجزء من منصرفات الدولة ، وقال إن تمويل العجز يأتي بالاستدانة من المركزي ، ويعني طباعة نقود جديدة ، كاشفاً عن ضعف الصرف على القطاعات الإنتاجية والبنية التحتية واتساع الفجوة بين الإنتاج وصادر الذهب وهو دليل على زيادة حجم التهريب مما أصبح يغذي السوق الموازي مع تحويلات المغتربين .
ودعا “أونور” إلى ضبط الإنفاق العام وتقرير مبدأ الشفافية في إدارة الموازنة ووضع آلية أكثر عدالة بخصوص التحويلات الجارية وربطها ببرامج تنموية وتمكين المركزي من احتواء التضخم واستقرار سعر الصرف مع تحجيم الولايات لتخفيض الصرف عليها.
مأزق قومي
و كشف أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين د. “حسن بشير” أن موازنة العام 2018م لم تظهر أي ايجابيات، ووصف حالة الاقتصاد بالمأزق القومي بجوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مما جعل العجز فيها يصل إلى خمسة مليارات دولار ، كما أنها أدت إلى هروب جزء كبير من الكتلة النقدية إلى خارج الجهاز المصرفي وانخفاض صادرات الثروة الحيوانية ، مؤكداً أن تراجع الاقتصاد السوداني ينفي وجود عملية النمو.
وتوقع “بشير” موجة من التضخم مدفوعة بتكاليف الإنتاج والواردات بعد تحرير الجنيه إضافة إلى تدهور قوته الشرائية في حال رفع المرتبات فورياً، وطالب بمعالجة الأزمة السياسية وإعادة هيكلة الأجهزة.
*لا حماية ولا امتياز في سوق الله أكبر …
من جانبه أعلن رئيس مجلس الوزراء “معتز موسى” الحرب على الشركات الحكومية فيما يتعلق بحمايتها أو تمييزها في سوق الله أكبر على حساب جهة أخرى.
وأكد ضرورة أن تتاح فرصة للخروج من عباءة الدولة بقدر الإمكان
وأن لا تتم الاستدامة دوماً في تمويل أشياء جذرية للدولة من الميزانية بالضرائب والجمارك، وزاد” هذه أشياء يجب أن تتلاشى مع مرور الوقت” بحيث تتحمل كل جهة مسؤوليتها على أساس الاقتصاد الحر الصحيح العادل وأن يتم كل شيء بالتنافس والشفافية ، وزاد” ليس من الحكمة دوماً تمويل الميزانية أيضاً من ظهر المواطن “.
وقطع بضرورة الحاجة لرؤية موضوعية، وقال: نحن مع سد الثغرات والشفافية بلا سقف مع العدل والإدارة الراشدة والوضوح وأكد أن هذا ديدن ومنهج وليس منحة بل هو العمل الصحيح.
مراجعة لا تراجع
قطع “موسى” بعدم وجود أي اتجاه لزيادة الضرائب والرسوم الجمركية أو رفع الدعم ، بيد أنه قطع بصعوبة التراجع عن سياسات تم تنفيذها ، في إشارة منه للرجوع لسعر ستة جنيهات للدولار الجمركي، وزاد” الأمور لن تعود كما كانت”، وإن من السياسات العامة ، الاستمرار في الإصلاح الاقتصادي مقراً بأن الإجراءات التي اتخذت قد لا تحقق الإصلاح بنسبة 100% ، بيد أنه قطع بضرورة السعي الجاد للوصول لرؤية شاملة وتقييم نتائج السياسات الإصلاحية الأخيرة وعدم الاستسلام بسرعة ، ودعا للغة مشتركة في الاقتصاد لتصويب الأمور .
وقال إن الصرف على الأمن والدفاع أولوية وأقر بوجود كلفة سياسية في الحوار مع حملة السلاح ، بيد أنه عده الأفضل من عدم الاستقرار الأمني ذي الكلفة الاقتصادية الأكبر.
فيما برر خطوة الدولة في عدم رفع الدعم من أجل التحكم في سعر الصرف وكبح جماح التضخم ، وقال: يجب التحكم بشكل قبضة حديدية على سعر الصرف التضخم أولاً قبل تحسين معاش الناس ، وقال: نريد إحداث استقرار اقتصادي، وزاد: بأن ميزانية 2019 ليس بها أي رفع للدعم لأن الاقتصاد غير مستقر. واعتبر “موسى” أن التهريب والسوق الموازي أعداء ، وقال: سنعمل حزمة من السياسات لإقامة الحجة واعتبار المهرب مخرباً، وأكد أن الحكومة القيمة على أمر معاش الناس بالتشاور والتحاور وبرر النفقات السياسية ومستحقات الاتفاق مع حاملي السلاح ، وقال: من الأفضل الوصول لصيغة يكون حاملو السلاح جزءاً من إدارة الحكم، وقال: يجب أن نسير معاً لنصل معاً، ولا نريد أن تكون هنالك حماية أو ميزة وتمييز في (سوق الله أكبر ) ونريد بلداً محمياً وآمناً وأكد أن الصرف على الأمن والدفاع مطلوب.