تقارير

الأحزاب ومؤتمراتها العامة.. عدم اعتراف بالعملية الديمقراطية أم المعيقات تعطل قيامها؟

على خلفية مطالبة الاتحاديين لـ"الميرغني" بعقد المؤتمر العام

الخرطوم – يوسف بشير
مطلع أغسطس المنصرم، استعجل مجلس شؤون الأحزاب السياسية، الأحزاب لعقد مؤتمراتها العامة، خاصة وأن انتخابات 2020م لم يتبق لها غير عام ونيف، والمشاركة في الانتخابات تتطلب قيام المؤتمرات العامة، إضافة إلى أن الأحزاب تعهدت في نظامها الأساسي بإجراء مؤتمرات عامة كل خمس سنوات، مما يلزمها بإجراء المؤتمرات، غير أن بعض الأحزاب ، لا تكترث لعقد المؤتمر العام حسبما جاء في دساتيرها ، الأمر الذي يُعتبر تماطلاً منها أو عدم اعتراف بالديمقراطية الحزبية، نال السُّلطة. وتعي جماهير بعض الأحزاب ذلك، فتراها تُطالب بين الحين والآخر قياداتها بضرورة قيام المؤتمرات العامة.
}تخدير مستمر..
أول من أمس، طالبت قيادات في الاتحادي الديمقراطي الأصل من زعيم الحزب، مرشد الطائفة الختمية السيد “محمد عثمان الميرغني”، تحديد ميقات ملزم لقيام مؤتمرات قاعدية ومهنية تؤدي إلى عقد المؤتمر العام للحزب، إضافة لمطالب أخرى من بينها تقييم مشاركة الحزب في السُّلطة، أثناء لقاء تفاكري حاشد بدار الخليفة “محمد أحمد كمبال”، بأم درمان، شارك فيه نواب الحزب في البرلمان والمجلس التشريعي لولاية الخرطوم وقيادات تمثل الشباب والمرأة وممثلون لبعض الولايات.
و”الميرغني” جاء لرئاسة الحزب بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل “نميري” توافقياً . ومُنذ العام 1967 لم يعقد الحزب أي مؤتمر عام على الرغم من الدعوات المتكررة من القيادات، وبين الحين والآخر يُكلف رئيس الحزب لجنة للإعداد للمؤتمر العام ، كأنه يتخذ التكليف مخدراً لإقناع جماهير الحزب بقناعته الراسخة بالعملية الديمقراطية الحزبية. وآخر لجنة كونها “الميرغني” كانت في 2013م، قبيل تظاهرات سبتمبر، ليغادر أثناءها البلاد متجولاً بين بريطانيا ومصر، حيث ظل مقيماً في الأخيرة منذ سبتمبر 2016م حتى الآن.
}توالي الخلافات..
أكد بعض المراقبين السياسيين أن من أسباب الانشقاقات التي حدثت في الأحزاب العريقة مرده لعدم قيام مؤتمراتها العامة، بجانب الاتهامات المتبادلة بين القيادات بتنفيذ أجندة تؤدي لإضعاف الحزب. وهذا الأمر لم يفت على قيادات الاتحاديين، التي خرجت بتوصيات، طالبت بطي صفحة الخلافات والخصومات وفق آليات لَم الشمل وإصلاح ذات البين. وبدأت أولى انشقاقات في حقبة حكومة الإنقاذ بخروج الشريف “زين العابدين الهندي” عن الحزب في العام 1996م، مكوناً حزباً جديداً بمسمي “الحزب الديمقراطي المسجل”، ليدخل لاحقاً في تفاوض مع حكومة الإنقاذ انتهت إلى مشاركتهم في السُّلطة، غير أن الحزب الجديد لم يسلم من الخلافات بدوره. والتي بدأت بعد فصل الحزب مسؤولة التنظيم “إشراقه سيد محمود” لتقود بعد ذلك تياراً إصلاحياً يطالب بعدة إصلاحات من بينها قيام مؤتمر عام للحزب. ولجأت “إشراقه” إلى مجلس شؤون الأحزاب السياسية فأعادها إلى منصبها الحزبي، فزادت شقة الخلافات ولم يقم المؤتمر العام نتيجة لتلك الخلافات مع “أحمد بلال”، الذي يتولى حالياً منصب وزير الداخلية، باعتباره مكلفاً بقيادة الحزب قبيل مغادرة رئيسه “جلال الدقير” البلاد إلى بريطانيا، قبل عامين. وقد وصلت تلك الخلافات إلى حد محاولة اغتيال قائدة تيار الإصلاح، مما استدعى رئيس الجمهورية للتدخل فحثهما على وضع حد لخلافاتهم والابتعاد عن التهيجات الإعلامية
}تحركات قادمة..
ثمة اجتماعات كثيرة عقدتها قيادات الاتحاديين طالبت بعقد المؤتمر العام، ودوماً تنتهي تلك المطالبات دون أن تسفر عن خطوة عملية لتنفيذها، فهل يمكن أن يؤدي اجتماع القيادات أول من أمس إلى عقد المؤتمر العام؟
لا يمكن التكهن بتقديم إجابة قاطعة، ولكن مؤشرات الساحة السياسية تنبئ بوجود حراك قادم، فدعوات الدخول في انتخابات 2020م تكاثرت، وقد ارتأت أحزاب معارضة منازلة المؤتمر الوطني في الانتخابات من بينها المؤتمر السوداني، وإن كان حزب الأمة لم يحسم أمره بعد، من المرجح مشاركته فيها، مما يدعو الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل إلى المشاركة فيها، الأمر يتطلب عقد مؤتمر عام، ربما لهذا تعهدت قيادات الاتحاديين بالمضي قدماً في انعقاد المؤتمرات القاعدية ومؤتمرات الوحدات الإدارية والمحليات وصولاً للمؤتمر العام، وناشدت تلك القيادات “الميرغني” بإصدار تنظيمي يُوقت لقيام المؤتمرات القاعدية والمهنية تمهيداً للمؤتمر العام، طبقاً لتاريخ معلوم (بهدف الخروج بمؤسسة ديمقراطية تلتزم بأحكام نظامها الأساسي ويتم انتخاب القيادة بشكل ديمقراطي ووفقاً للمنافسة الحرة).
}من يملك الإجابة..
كلما خرجت إلى العلن أي مطالبات لقيادات من حزب ما بعقد المؤتمر العام، أو عقد حزب ما مؤتمره العام، يتبادر إلى الذهن سؤال استعصت إجابته، وهو: كيف تماطل تلك القوى السياسية عن عقد مؤتمراتها العامة، أيّ ما يعرف بالديمقراطية الداخلية، وتريد في ذات الوقت أن تصل للحكم عبر الانتخابات؟
فحزب الأمة القومي، الذي يتزعمه “الصادق المهدي”، آخر مؤتمر عام عقده الحزب كان في 2009م، جُدد فيه لـ”المهدي”. وقبل عامين، كوّن رئيس الحزب لجنة لتعد للمؤتمر العام الثامن، بيد أنه لم يقم حتى اللحظة. والآن، “المهدي”، على وشك العودة للبلاد، التي حُدد لها ديسمبر المقبل، فهل يشرع في عقد المؤتمر العام أم يتعلل بمعيقات؟ إذ أن معظم الأحزاب التي لم تقم مؤتمراتها العامة تتعلل بمعيقات تقف حائلاً بينها وبين المؤتمرات، وأهم تلك المعيقات المال والمناخ السياسي. وبواقع الحال نجد أن تلك المعيقات مجرد (شماعة)، فالمؤتمر السوداني والحزب الشيوعي، وهما أقوى الأحزاب التي تعارض نظام الحكم القائم، عقدت مؤتمراتها العامة. فالأول عقد مؤتمره العام قبل نحو عامين وانتخب رئيساً جديد للحزب “عمر الدقير”. أما الآخر، فقد جرت عمليته الديمقراطية الحزبية بطريقة عسيرة، ففي خضم صراع التيارات داخله، آنذاك، استبقت اللجنة المركزية للحزب عقد المؤتمر العام، بيومين، وعلقت عضوية أبرزهم قادته، من بينهم “الشفيع خضر” و”حاتم قطان”، خوفاً من أن يحدثا تغييراً على مستوى القيادة، فهما يحظيان بتأييد واسع خاصة من فئة الشباب. في النهاية، جدد المؤتمر العام لـ”محمد المختار”، ليكون السكرتير السياسي للحزب.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية