انعقدت ظهر (الخميس) الماضي قمة الرئيسين المصري والسوداني بالخرطوم في جو إقليمي ودولي غائم وعاصف غير أنه لم يؤثر على برنامج وأعمال القمة المحدودة والمرسومة سلفاً تبعاً لتحقيق الأمن والاستقرار والمصالح والمنافع المشتركة بين البلدين.
لا سيما وقد سبقتها بين الرئيسين “البشير” و”السيسي” قمم ولقاءات مشتركة سابقة.
القمة بعدد ما اشترك فيها من الوزراء والمختصين وبعد ما خلصت إليه من اتفاقيات تم التوقيع عليها من قبل الرئيسين وكان عددها (12 اتفاقية) خاطبت وحققت كل المصالح والمطلوبات في أجندة البلدين الجارين ذوي المصالح المشتركة، لم تستغرق أكثر من نهار يوم واحد تم فيه الاستقبال واللقاء المشترك والتوقيع على الاتفاقيات، ثم المؤتمر الصحفي الذي خاطبه الرئيسان ، وختمت الزيارة بالوداع وسعادة الطرفين بما تم بعد ظروف إعلامية وسياسية واقتصادية حرجة – مر بها البلدان في السنوات السابقة.
لقد كان عبور القمة بين الرئيسين سلساً.. وأن لم يشمل كل ما هو عالق بين البلدين، والإشارة هنا إلى مثلث حلايب الذي ظل الخلاف حوله قائماً منذ استقلال السودان في 1956م، من القرن العشرين.
فالربط الكهربائي والربط البري عبر السكك الحديدية بين البلدين كان محل قبول وتقدير كبيرين من الجانب السوداني والمصري معاً أسوة بقرار رفع الحظر التجاري عن البضائع والمنتجات المصرية والسودانية، وإن كانت الأخيرة لا تذكر بالنسبة إلى الأولى.
المصالح المشتركة بين الطرفين كثيرة وبحاجة إلى تحقيقها والدفع بها إلى الأمام.. فالبلدان الجاران جغرافياً والشعبان المتكاملان لغوياً وثقافياً ودينياً ومجتمعياً بحاجة إلى أن يكون الارتباط بينهما أوثق وبخاصة في زمان تنتاش فيه الشعوب وسائط العزلة والتفرقة وإهدار الموارد، كما جاء على لسان الرئيسين “البشير” و”السيسي” في مؤتمرهما الصحفي نهار (الخميس) – لقد أكد المشير “السيسي” في ذلك الإطار أن العالم اليوم لا يعتد إلا بالتكتلات ولا يحترم ولا يقدر إلا التكتلات الاقتصادية الكبيرة.
ولعل الشيء نفسه هو ما بدأ به الرئيس “البشير” للمؤتمر الصحفي فقد قال وبالحرف الواحد (إن العلاقة بين السودان ومصر ليست خياراً وإنما “فرض عين” علينا في هذا الزمان الذي نشاهد فيه العالم يموج من حولنا).
إن هذا كله صحيح وجميل أن وصل الرئيسان السوداني والمصري إلى حقيقة مفادها أن التكتل والاعتصام بما يوحدهما اليوم ضرورة في عالم تحركه مصالحه.. وذلك هو ما نفتقده اليوم على صعيدنا العربي والإسلامي والخليجي أيضاً وحادثة مقتل “جمال خاشوقجي” تهز الرأي العام الدولي والإقليمي – والله نسأله السلامة.
والمطلوب الآن بعد قمة “البشير” و”السيسي” أن نرى الجهات الوزارية والفنية المعنية باتفاقيات التفاهم التي تم التوقيع عليها بين الطرفين ،تعمل وتجتهد في تنفيذ تلك الاتفاقيات والتفاهمات والموجهات الأخرى التي أدلوا بها في شأن التكامل والتوافق السياسي والاقتصادي، فقد كان عبور القمة بين المشيرين “السيسي والبشير” عبوراً سلساً ويفتح الباب للكثير مستقبلاً بإذن الله.. والله المستعان.