{ كثيراً ما أشرنا إلى اللافتات التي تعتلي قمة مباني مؤسسات معنية بأمر التخطيط والهندسة والتطوير والتنمية والبنية التحتية، في عدد من المواقع داخل ولاية الخرطوم، ولكن وللأسف الشديد واقع الحال يؤكد عكس ما تعلن عنه هذه اللافتات، وهنالك الكثير من الظواهر والمحن التي تكشف عن عدم التخطيط وغياب التطوير ودمار البنية التحتية، وأبسط دليل على فشل الإدارات المعنية بالهندسة في الولاية والمحليات وعدم إتباع الأساليب الهندسية السليمة في تخطيط المدن أو المناطق السكنية، ولهذا تظل مشكلة شبكات الصرف الصحي في حالة طفح دائم ومستمر، وتحولت إلى أزمة يصعب حلها بصورة جذرية، حيث مازالت العديد من المناطق في ولاية الخرطوم خاصة الأحياء الراقية في قلب العاصمة الخرطوم (الخرطوم شرق) و(حي العمارات) ومنطقة المقرن، مازالت هذه الأماكن التي تواجد بها العديد من مقار البعثات الدبلوماسية وغيرها من الهيئات والمنظمات الأجنبية، ظلت تعاني من تكرار طفوحات الصرف الصحي، والذي استحق أن يطلق عليه (الصرف غير الصحي) نسبة لتهديده لصحة الإنسان وتسببه في أذية الجميع خاصة (المصلين) الذين كثيراً ما تفسد طهارتهم بسبب ما يصلهم من رشاش المياه الآسنة عبر إطارات السيارات التي لا يراعي أصحابها حال (الراجلين).
{ هناك أيضا ظاهرة (الحفر) التي دائماً ما نراها على الشوارع، خاصة في وسط الخرطوم شركات الاتصالات (تحفر) باتجاه وهيئة المياه (تحفر) باتجاه وهيئة الكهرباء (تحفر) وناس (الصرف الصحي) (يحفروا)، خلاف (الحفر) الكثيرة والكبيرة في شوارع (الظلط) الرئيسية، التي (تظلطت) بسبب عدم إتباع المواصفات الدقيقة في سفلتة الطرق وتنفيذها، دون وضع اعتبار لإنشاء منافذ ومعابر وكباري لتصريف مياه الأمطار، وغيرها من المياه التي تنبع فجأة ودون مقدمات على ظهر الطرق، وغير ذلك إلى أن تحولت العاصمة الخرطوم إلى شيء أقرب من (أم الحفر).
{ والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا فيما يخص التخطيط ظللنا نتراجع للخلف؟ في السابق كانت جميع المؤسسات الحكومية خاصة الهندسية كانت تحرص على العمل بنهج التخطيط والمتابعة والمراقبة، ويظهر ذلك (التخطيط) لتصريف مياه الخريف عبر خط السكة الحديد وفي شوارع الأسفلت القديمة، وفي تخطيط الأحياء السكنية العريقة وفي توصيلات الكهرباء، وشبكات المياه القديمة وغيرها من البنى التحتية التي ورثناها من أجدادنا وقبلهم من الانجليز ومازالت محافظة على بقائها بذات الجودة.
{ وضوح أخير :
{ بالفعل عدم التخطيط أصبح سمة ملازمة لنا كسودانيين، فكل شيء في هذا البلد صار ينفذ بدون تخطيط وبدون دراسة مسبقة وبدون تحوطات وبدون توقعات وتنبؤات، ولذلك نظل نعيش الأزمات، وننتظر المفاجآت الكارثية.
{ وطالما أننا لا نستفيد من أخطائنا ولا نعترف بفشلنا ولا نحاسب أنفسنا سنظل على هذا الحال متقوقعين بل وواقعين في )حفرة( الأزمات والكوارث لن نستطيع الخروج منها أبداً.