حوارات

عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني السابق عميد معاش بحري “صلاح الدين محمد أحمد كرار” لـ(المجهر) 2/2

*لضبط المال العام وإرجاع الولاية لوزارة المالية لابد من حل كل الشركات التابعة للوزارات السيادية

* إجراءات آلية (صناع السوق) إدارية لن تجدي وإذا أرادت الدولة نجاحها عليها أن توفر بعض العُملات الحُرة للسفر والعلاج بالخارج
*التدخلات السياسية والقرارات الفوقية أدت إلى فشل السياسات المالية والنقدية
*تجربة الخصخصة في السودان شابها التسرع في بعض القطاعات الإستراتيجية وأخرى تمثل ذراع الدولة في بسط سلطتها

حوار: فاطمة مبارك

. فإلى نص الحوار..
# بعد حوالي أسبوعين من بدء عمل لجنة صناع السوق، انخفض سعر الدولار على غير المتوقع. ألا يعتبر ذلك نجاحاً للإجراءات الأخيرة ؟
هذه إجراءات إدارية لن تجدي وهي أيضا ردة فعل حذرة من السوق الأسود بعد الإجراءات التي قامت بها الحكومة في توفير السيولة لدى بعض البنوك لشراء العُملات الصعبة.
#ما المطلوب فعله لضمان نجاحها؟
هذه الإجراءات أن أريد نجاحها فعلى الدولة أن توفر بعض العُملات الحُرة لطلبات السفر والعلاج بالخارج بالسعر الحُر حتى تقلل الطلب على السوق الحُر مع الاستمرار لبعض الوقت في تحجيم الاستيراد.
#يلاحظ أن سعر الدولار ارتفع بصورة سريعة ما تعليقكم؟
الأسباب التي أدت لتفاقم مشكلة الدولار أو العُملات الحُرة وارتفاعها مقابل الجنيه السوداني هو عجز الدولة عن توفير ميزانية النقد الأجنبي المطلوبة في الميزانية والتي تحقق الإيرادات لمقابلة المنصرفات، عندما يحدث ذلك يزيد الطلب على الدولار ويرتفع سعره.
# ما هو الحل إذن؟
الحل في أمرين لا ثالث لهما أما تقليل ميزانية النقد الأجنبي بخفض الإنفاق الحكومي والتجاري المعتمد على العُملات الحُرة أو إيجاد مصادر حقيقية من النقد الأجنبي تمكن البنك المركزي من التدخل.
# دعنا ننتقل بك إلى محور آخر ما هي الأسباب الحقيقية وراء أزمة الاقتصاد السوداني؟
المشكلة الاقتصادية الحالية أهم أسبابها هي عدم وجود إستراتيجية تنبثق منها خطة تتحول إلى برامج وسياسات وإن وجدت لا يتم الالتزام بها كما هو حادث الآن بالنسبة للبرنامج الخماسي ٢٠١٥ – ٢٠٢٠.
# هل هذه المشكلة مرتبطة بحكومة الإنقاذ أم أنها ورثت من عهود سابقة؟
المشكلة ليست في عهد الإنقاذ فقط فعلى سبيل المثال عندما وضعت الخطة العشرية وكانت أول خطة في تاريخ السودان وأشرف عليها آنذاك الاقتصادي المرحوم “عبد الرحيم ميرغني” ١٩٦٠/ ١٩٦١ وكان مفترض أن تستمر حتى ميزانية ٧٠/٦٩ ولكن عند قيام انتفاضة أكتوبر ١٩٦٤ تم إلغاؤها ولم توضع خطة أو برنامج بديل لها.
# يبدو أن هناك أسباباً أخرى لهذه الأزمة؟
هناك سبب ثان هو الهياكل الإدارية وضعف الكوادر التي تشغلها بسبب تطهير الخدمة المدنية كما حدث في انتفاضة أكتوبر ١٩٦٤ أو بعد قيام مايو ١٩٦٩ أو حتى بعد قيام الإنقاذ مما أضعف الخدمة المدنية ومنع تواصل الأجيال، السبب الثالث هو أن قيادة وزارة المالية يتولاها أشخاص غير متخصصين أو ليس لديهم خبرة في إدارة الاقتصاد.
#لديك أمثلة لذلك؟
مثلاً في خلال الثلاثين سنة الماضية تولى منصب وزير المالية الاتحادية حوالي عشرة وزراء ليس من بينهم إلا ثلاثة وزراء يمكن أن نقول إنهم من أهل التخصص والخبرة.
#والبقية؟
البقية هم إما مهندس أو خريج جغرافيا أو من لم يمارس الاقتصاد، السبب الرابع هو القوانين واللوائح المالية التي تحكم الهياكل الإدارية ومن يشغلها.
# ألا توجد قوانين فاعلة؟
بالرغم من وجود قوانين ولوائح مالية منذ الاستقلال وتطورت مع الزمن، إلا أن التدخلات السياسية والقرارات الفوقية أدت لفشل السياسات المالية والنقدية، وأصبحت وزارة المالية لا ولاية لها على المال العام.
# ما السبب؟
بسبب قيام شركات ومؤسسات خارج سُلطة وزير المالية وانتشر تجنيب المال العام وشراء العُملات الحُرة خارج الميزانية العامة، ومنع المراجع العام من مراجعة كثير من تلك الشركات، هذا هو تشخيص داء الاقتصاد السوداني وما وصل إليه من تدهور.
# الخبراء يتحدثون عن أخطاء أصابت قطاع الصادر ما قولكم؟
الأخطاء التي أصابت قطاع الصادر كثيرة منها ما يتعلق بالمصدرين وأخرى تتعلق بالدولة.
# ما الذي يتعلق بالمصدرين ؟
ما يتعلق بالمصدرين هو جودة الصادر وفق ما يطلبه المستورد خاصة للسلع التي ينافسنا فيها منتجين آخرين مثل الخضر والفاكهة، كما أن توقيت الصادرات ووصولها للأسواق يعتبر مهماً لأنه غالباً ما ترتبط بعض السلع بمواسم الاستهلاك.
# والمتعلق بالدولة؟
أما ما يتعلق بالدولة فهو يتمثل في تكلفة الإنتاج وعوائد الصادر المجزية.
#ما تقييمكم لسياسة الخصخصة التي انتهجتها الدولة؟
الخصخصة هي خروج الدولة من النشاط التجاري والإنتاج وتركه للقطاع الخاص وأن تكتفي الدولة بأخذ الضرائب وتقديم خدمة الأمن وحفظ النظام، لكن عمليا هذه النظرية ألرأسمالية لا تمنع الدولة من المشاركة في القطاعات الإستراتيجية.
#مثل ماذا؟
مثل التصنيع الحربي والنقل والموانئ والاتصالات كما يحدث في الدول الرأسمالية.
#ماذا عن التطبيق العملي للتجربة هل كان ناجحاً؟
تجربة الخصخصة في السودان فقد شابها التسرع في بعض القطاعات الإستراتيجية وبعض القطاعات التي تمثل ذراع الدولة في بسط سلطتها.
#هل لديك نماذج؟
مثل النقل الميكانيكي والأشغال والمخازن والمهمات وإدارة المشتريات المسؤولة عن كل مشتريات الدولة وتتبع لوزارة المالية وتحكمها لوائح مالية.
#ما المطلوب لضبط المال العام وإعادة وزارة المالية لولايته؟
المطلوب لضبط المال العام وإرجاعه لولاية وزارة المالية هو تفعيل اللوائح والقوانين المالية بمنع التجنيب ومنع التحصيل خارج المستندات المحاسبية والأهم من ذلك حل كل الشركات التي تتبع للوزارات السيادية من أمن ودفاع وشرطة أو إخضاعها إلى سُلطة وزير المالية.
#كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
كانت هناك إدارة في وزارة المالية تسمى إدارة المؤسسات والشركات تتبع لها كل شركات ومؤسسات الدولة مالياً دون استثناء وتدخل أرباحها داخل الميزانية العامة، ويمكن بعد ذلك إعادة تخصيص بعض أو كل أرباح هذه المؤسسات والشركات إلى هذه الوزارات السيادية في إطار موجهات الميزانية العامة. بدون ذلك ستهزم كل السياسات المالية والنقدية التي تقوم عليها الميزانية العامة.
#ما السبيل لجذب مدخرات المغتربين؟
من المؤسف جداً أن نكون من قلائل الدول التي تعجز عن جذب مدخرات مغتربيها والذين يفوق تعدادهم خمسة ملايين.
# لماذا فشلت الدولة في جذبها ؟
أهم الأسباب لذلك عدم ثقة المغترب في سياسات الدولة تجاههم لعدم ثباتها، كذلك تدهور سعر الصرف يجعل المغترب يبحث عن دول مستقرة، وأيضاً عجز الدولة في تلبية الأسباب التي أدت إلى اغترابه وهي السكن والعربة وتعليم الأبناء، لذا يفضل الكثيرون الاحتفاظ بمدخراتهم في بلد الاغتراب في شكل مدخرات بالمصارف أو المضاربة بها في أسواق الأسهم والسندات.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية