شهادتي لله

"رويال كير" والطبيب "الدقير"!!

– 1 –
{ قدم الأخ الدكتور “المعتز محمد أحمد البرير”، هدية غالية للشعب السوداني، بإنشائه هذا الصرح الطبي العظيم المسمى “رويال كير” بالخرطوم.
{ إنه مستشفى مصمم على مواصفات عالمية، غير متوفرة في الكثير من بلدان العالم من حولنا، وقد أتيحت له فرصة التعرف على تطور خدماته، ونظام العمل فيه خلال الأيام الفائتة.
{ غير أن ما لفت انتباهي، ونال إعجابي، قبل فخامة المبنى وروعة المنظر، المستوى الرفيع والدقة والانضباط العالي في خدمة (طاقم التمريض) – فلبيني الجنسية – فالممرضون و(السسترات) في هذا المشفى يحاكون نشاط (النحل) في الهمة والتفاني وأداء الواجب، إنها شعوب تعمل.. تتوكل ولا تتواكل!!
{ عند منتصف الليل تماماً تدخل (السستر) الغرفة تسحب وراءها جهازاً ذا عجلات لقياس (ضغط الدم)، وآخر لقياس درجات الحرارة، وعند الرابعة صباحاً يتكرر ذات المشهد، وعند السابعة صباحاً تأتي الممرضة برفقة زميلها أو زميلتها، لتعلمك أن ورديتها انتهت، وأن (فلان) أو (فلانة) – أمامك – سيكون البديل لوردية الصباح.
{ لا تحتاج أن تبحث عنهم في الغرف الأخرى، أو في (الميز) والاستراحات، كما هو الحال بالنسبة للأطباء والممرضات في مستشفياتنا (العامة) وبعض (الخاصة)، فهؤلاء لا يغادرون (الكاونتر) أمام الغرفة آناء الليل وأطراف النهار!!
{ أما مستوى (خدمة الغرف) في الجناح (الملكي) الخاص، فهؤلاء بلا شك أعلى درجات من مستوى الفنادق (خمس نجمات)، ليس بالسودان، بل في عواصم أوروبية وعربية وأفريقية زرتها خلال السنوات الأخيرة.
{ نحتاج – حكومة ومجتمعاً وقطاعاً صحياً – أن نحافظ على هذه (الدرّة) العلاجية الراقية، لتكون (نواة) لمدينة طبية عالمية، يفخر ويفاخر بها السودانيون، ويقصدها المرضى من الدول الأفريقية والعربية، لتكون أساساً لتوطين العلاج بالداخل، عملاً .. لا شعارات.
{ المطلوب فقط اهتمام أكبر من الدولة بالمرافق الصحية، وزيادة ميزانيّة (الصحة)، لأنها أهم في إستراتيجيات نهضة الأمم من (الأمن والدفاع)، لكن الأولويات في السودان (مقلوبة) دائماً، أولويات حسب (النفوذ)!!
{ نحتاج أيضاً إلى (همة) أعلى في نفوس (أطباء) السودان والعاملين بالقطاع الصحي جميعاً، فهذه مهنة (إنسانية) في المقام الأول، ليست تجارة، ولا مورداً للتربح.
{ نعلم أن الظروف ضاغطة، والبيئة خانقة، ولكن لا بد من مواجهة المستحيل بالمزيد من الكفاح من أجل إنسان سوداني معافى.. من أجل أجيال قادمة تنضح صحةً.. وعافية.
{ شكراً “معتز البرير” على هذه المحاولة وهذا الاجتهاد النبيل، في زمن يهرب فيه المستثمرون بأموالهم خارج البلاد، أو يجمده (الجبناء) في (العملة الأجنبية)، عشرات الملايين من الدولارات متكلسة في الحسابات أو الخزائن، بانتظار (انفراج) لن يأتي، إذا لم يفرِّجوا هم عن شعبهم بتمويل مشروعات الإنتاج وترقية الخدمات في كافة المجالات.
{ ليس غريباً على أسرة “البرير” التي قدمت لنا (جامعة العلوم والتقانة)، ومصانع ومنتجات “مأمون البرير”، ومسجد “سيدة سنهوري”، ورئيس نادي (الهلال)، أن تقدم لنا أعظم مستشفى بالسودان!!
– 2 –
{ خلال معاودته لي، اكتشفت أن مساعد رئيس الجمهورية الدكتور “جلال الدقير” طبيب (شاطر) وأستاذ في علم (الفيروسات)، واسترجعت ذاكرتي فتأكدتُ من أنه كان أستاذاً بإحدى كليات الطب في “لندن” عندما التقى الراحل الكبير الشريف “حسين الهندي” لأول مرة في عاصمة الضباب، بصحبة شقيقه الأصغر الوزير “محمد يوسف الدقير” في سبعينيات القرن المنصرم.
{ “جلال الدقير” استطاع تشخيص المرض والتفصيل في أعراضه وصفاته وآثاره، أفضل من (كبار) الاختصاصيين، ولكنها السياسة.. أخذت منا أفضل الأطباء، وأمهر المهندسين، وأذكى المحامين، فصرنا نعيش في (مجتمع سياسي) مستهلك بالمؤتمرات والاجتماعات والانقسامات والبيانات.. مجتمع غير منتج وغير قابل لنهضة شاملة، إلاّ بقيادة (ثورة) عارمة لتغيير الكثير من المفاهيم، وترسيخ قيم العطاء والولاء للوطن، والإخلاص للدولة، لا للحزب، والقبيلة والجهة.
{ أرجو أن يخصص السيد مساعد الرئيس (يوماً) في أسبوعه لتدريس طلاب الطب في الجامعات المختلفة، ورعاية سمنارات (طبية) وورش عمل في تخصص (الفيروسات)، لإفادة العاملين بهذا الحقل، فهذا أهم من أي اجتماع طويل وممل وغير مفيد للاستماع لتقارير (باردة) داخل قاعة (مجلس الوزراء)!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية