“سعاد الكارب”.. جنرال في مواجهة ملفات صحية ساخنة..
أولها (الكنكشة) وفي انتظارها ارتفاع أسعار الدواء
تقرير – هبة محمود سعيد
منذ تعيينها في سبتمبر الماضي وزيراً للدولة بوزارة الصحة، وحركتها ونشاطها لم يهدءان قط، تدير الاجتماعات، ترسم الخطط وتتحرك بثقة، محتفظة ببزتها العسكرية برتبة الفريق التي نالتها عقب ترقيتها مؤخراً، حتى بدت للملأ شخصية متمرسة على العمل العام من خلال ممارستها للعمل داخل الوزارة، ويشهد لها جولاتها الماكوكية بين الخرطوم وكسلا، سيما أن تعيينها صادف أصعب الملفات الصحية الشائكة، وهي حمى الشكونغونيا أو (الكنكشة) التي ضربت ولاية كسلا الأشهر الماضية ولم تزل آثارها باقية.
ظلت الفريق “سعاد يوسف عبد الله الكارب” في واجهة الحدث الصحي منذ تعيينها، فكانت هي الوزير المناوب في غياب الوزير الأول “محمد أبو زيد” فقامت بواجبها على أكمل وجه، مؤكدة جاهزية وزارتها لحل المشاكل التي تحدث من وقت لآخر في مختلف أنحاء البلاد، في وقت شددت فيه على أن ولاية كسلا بحاجة للكثير من الكوادر الصحية المختلفة.
عدد من الملفات الصحية الساخنة وخاصة الدواء وضعتها “الكارب” نصب عينيها وسعت لمعالجتها منذ لحظة أدائها للقسم بالقصر الجمهوري، فقد أكدت خلال أداء القسم على بذلها وزملائها أقصى الجهود من أجل تحقيق الأمن الصحي وتنفيذ الخطط الموضوعة في هذا المجال، وقطعت باهتمامها بالمجال الصحي وعلى وجه الخصوص بالمرضى، فيما أعربت عن أملها في أن تجد العون من الجهات الداعمة والمساندة للحقل الصحي من خلال تقديم الدعم اللازم لتحقيق الأهداف المطلوبة، وقد تعهدت في أول زيارة ميدانية نفذتها بزيارة ولاية كسلا للتقصي بشأن الحميات التي انتشرت في كسلا بتنفيذ حملة مكافحة نواقل الأمراض والحميات بمحلية كسلا بدعم وزارة الصحة الاتحادية لجهود حكومة الولاية والشركاء في مكافحة نواقل الأمراض خاصة الحميات التي انتشرت على نطاق الولاية، فيما أكدت تقديمها لأي سند وتعاون يسهم في دحر الحميات بصورة نهائية، وعقب انحسار حمى الكنكشة بدأ واضحاً الوزيرة الصيدلانية نفذت أولى المهام بنجاح، في ظل وجود أصوات تعالت بإعلان كسلا منطقة موبوءة.
لم يكن غريباً على الذين عرفوا “سعاد” عن قرب توليها لهذا المنصب في التعديلات الوزارية الأخيرة ونجاحها في الملفات التي سوف تتولاها، فهي أول امرأة تحمل رتبة عالية في القوات المسلحة، ليس على مستوى السودان فحسب ولكن في الشرق الأوسط، وبجانب ذلك فهي صيدلانية بدرجة دكتوراه في تكنولوجيا الصناعة الدوائية، فجمعت بين العسكرية والدكتوراه، لتحقق بذلك مقولة المرأة الحديدية.
وبحسب المصادر الإلكترونية، فقد تأثرت “الكارب” بنشأتها وسط أربعة إخوة ذكور، الأمر الذي جعلها ترى في نفسها القوة منذ نعومة أظافرها، وقد كانت البيئة المحيطة بها العائلية والمدرسية على حد سواء تدعم اهتماماتها، فعلاوة على كونها (بنتاً) وسط أربعة أولاد فقد بدأت دراستها مع الأولاد في الفصول الأولى من المرحلة الابتدائية، وتملكها الغضب عندما أقدم والدها على شراء دراجة لأخيها الأكبر، وألحت على والدها أن يشتري لها دراجة كانت تستقلها للذهاب إلى المدرسة، وكانت البنت الوحيدة وسط الأولاد أثناء دراستها، لذا كان مديرها يوليها اهتماماً خاصاً، وذكرت “سعاد” خلال إحدى المقابلات الصحافية أنها ونسبة لارتباطها الكبير بالأولاد في المنزل والمدرسة وركوب العجلة، جعل الكثير من يطلقون عليها مداعبين (محمد ولد) وقالت: حقيقة كنت كذلك في تلك المرحلة أشارك أخوتي حتى في ألعاب الكورة معهم، وهذا هو الجانب الذي أثر في عشقي للرياضة، لذا فهذه المرحلة كانت من أجمل المحطات في مسيرتي، وفي مرحلة التكوين الأولى، والتعلم وظلت هذه الفترة حاضرة في الذاكرة بكل تفاصيلها الجميلة.
وتشير ذات المصادر إلى أن “الكارب” تعتبر أول من تولى عمادة كلية الصيدلة جامعة كرري، وأول امرأة تنال درجة الدكتوراه في مجالها بإدارة الخدمات الطبية، تلقت تعليمها الابتدائي بين اللعوتة والرميتاب والمتوسط بمدرسة الحوش ثم ود مدني الثانوية، تخرجت في جامعة الخرطوم كلية الصيدلة ضمن طلاب الدفعة الخامسة عشرة، حصلت على درجة الماجستير في علم الصيدلانيات في أكتوبر 1997م، ثم نالت الدكتوراه في تكنولوجيا الصناعة الدوائية بتاريخ: 6/6/2006م، التحقت بالقوات المسلحة بعد تخرجها في الجامعة مباشرة وكان يوم: 25/10/1983م، هو تاريخ البراءة المستديمة لها ضمن الدفعة السادسة فنيين كأول دفعة تعمل بمعامل (وفرا فارما) للأدوية، تلقت عددًا كبيرًا من الكورسات والدورات التدريبية بالمجال، وعملت بعدد من أقسام معامل (وفرا فارما) ثم مديرًا فنيًا ونائبًا للمدير العام ثم مديرًا عامًا لمعامل (وفرا فارما) بعد نيلها درجة الدكتوراه، وفي المجال الأكاديمي عملت محاضراً بكليات الصيدلة في كل من جامعة الأحفاد والرباط والنيلين، ثم عميداً لكلية الصيدلة بجامعة كرري، وما زالت حتى الآن لها عدد من براءات الاختراع منها: استخدام الصمغ العربي في الصناعات الدوائية، متزوجة وأم لخمسة أبناء.
ولاء كبير تكنه (الكارب) للحكومة السودانية، فقد ذكرت سابقا أن جل حياتها قضتها في بيوت الحكومة بحد تعبيرها، فقد قالت: حياتي كلها قضيتها في بيوت الحكومة وحينما يسألونني كيف ذلك؟ كنت أجيب: حينما تزوجت، كان والدي في الخدمة وكنت أسكن في بيت الحكومة في بركات.. وجئت منه إلى بيت الحكومة في أم درمان مع زوجي ولازلت إلى الآن في بيت الحكومة، فحياتي كلها في بيوت الحكومة.
وحينما استرجع بالذاكرة لكل حياتي أرى أن الحكومة قدمت لي الكثير فقد قضيت كل عمري في بيوتها، عشت في منزل زوجي إلى أن نزل المعاش ولازلت في بيت الحكومة، فافتكر أن الحكومة طالبة مني كثير جداً جداً، وأتمنى أن أكون قد قدمت لها شيئاً وأنا حريصة جداً أن أؤدي أداءً مميزاً في الخدمة وأنا اعتقد أن حكومة السودان نمرة اتنين بعد أمي وأبي.
وبحسب مراقبين فإن تنصيب “سعاد الكارب” وزير دولة بالصحة تعيينا مناسباً صادف أهله وجاء في وقته، خاصة من قبل أهل قبيلتها (الصيادلة) في ظروف اقتصادية صعبة تعاني فيها البلاد من عدم وفرة الدواء وغلاء أسعاره واعتبر المراقبون أن “الكارب” من أقرب المتفهمين للدواء ولمشاكله فهي عضو الجمعية العلمية لعمداء كلية الصيدلة العرب، ولها مشاركاتها في الاجتماعات داخلياً وخارجياً وقريبة من الوسط الصيدلي وخبيرة في كل المحافل الصيدلانية، ولها نشاط واضح في اتحاد الصيادلة، وقادرة على الدفع بالقطاع الصحي إلى الأمام، ومتفهمة للوضع الحاصل ولها علاقات واسعة يمكن أن تجندها لتصب في مصلحة القطاع الصحي ومد يد العون في أي لحظة، كما وصفها البعض بالصيدلانية كاملة الدسم، في ظل تمنيات لها بحل مشاكل الدواء عبر توفير عُملات أجنبية لاستيراده.
الآن وفي ظل المشاكل الصحية التي تشهدها البلاد وعقب انحسار حمى الكنكشة، يأتي توفير الدواء وتخفيض سعره ثاني أكبر الملفات التي تواجه الوزيرة منذ تعيينها في ظل شح النقد الأجنبي الذي كان له كبير الأثر على صناعة الدواء في السودان في مقابل تحديات كبيرة في الحصول على العُملات الأجنبية لاستيراد مدخلات الإنتاج التي تبلغ قيمة باهظة.