بكل الوضوح

عاجل إلى وزير الثقافة ووزيرة الدولة

عامر باشاب

{ كثيراً ما تناولت بالكتابة حول الأوضاع التي يعيشها مبدعو بلادي ونظرة المجتمع والدولة ودور وزارات وإدارات الثقافة تجاههم، وهناك من خصصوا مصنفات قيمة في ذات القضية (رعاية المبدعين) التي بسببها لجأت بعض الدول إلى تخصيص إدارات تحمل من الأسماء ما يمكن وزير الثقافة عندهم من الرد الرسمي على هذه القضية.
وعندنا تظل المؤسسات المعنية بالأمر بمُسمياتها المختلفة محدودة الغرض المتمثل في مجرد الدفاع والتبرير للوزارة أو للإدارة المختصة، أما على أرض الواقع فلا أثر لها ولا حياء لدى القائمين عليها للاعتراف بالتقصير تجاه (المبدعين) وإحالة اللوم دائماً على ميزانية الدولة.
وكأن الكم الهائل والنوعي من الإنتاج الذي يقدمه المبدعون في شتى المجالات لا يصلح ليتم تحويله إلى منتج إبداعي يفيد الجميع بعد تسويقه سواء بالنشر أو الإنتاج و التعليب البرامجي المشاهد والمسموع.
{ ولأهمية الأمر تجدني دائماً ما أكرر هذا التساؤل.. لماذا لا يتناول أهل القانون المختصون في (الملكية الفكرية) هذه القضية لتفعيل (قانون المصنفات الأدبية والفنية) ومن ثم تحريك ملف (الإدارة الجماعية للإنتاج الإبداعي) الذي اعتمدته منذ زمن طويل المؤسسات والتنظيمات الدولية كافة وباركته الفعاليات الثقافية وحكومات كثير من الدول حتى تلك التي حولنا، وعليه أقول إلى متى تظل وزارة الثقافة عندنا مشغولة عن مباشرة دورها الرئيسي الذي يتجسد في هذه المهمة المركزية (تنظيم ورعاية الحياة الثقافية والإبداعية )؟.
{ ومن الواضح أن إهمال هذا الشأن والغفلة عنه مازال ينعكس على المناخ الإبداعي العام.. ولذلك يبقى كقضية بارزة في نصوص وكتابات وتعليقات هؤلاء المبدعين في لقاءاتهم الإعلامية المختلفة.
فما أكثر الشكوى من الإضاعة لتراثنا الثقافي ومن التجاهل والتهميش والإهمال لمبدعين قدموا لهذا الوطن عصارة إبداعهم.. وما أكثر الشواهد على تجاهل المبدعين والانصراف عنهم إلى ما هو أقل أهمية من عطائهم.
وضوح أخير :
{ الآن في عهد الوزير الحالي القانوني “عمر سليمان” ووزيرة الدولة الدكتورة “سمية أكد” نأمل في تنظيم ورعاية الثقافة والفنون بصورة حقيقية تنعكس على أعمال المبدعين وعلى أحوالهم المعيشية، واذكر معالي الوزير والوزيرة بمقولة تستحق أن تطبع بحروف من الذهب ذكرها لي في أحد حواراتي الصحفية التي أجريتها معه الفنان العظيم “عبد الكريم الكابلي” رد الله غربته، قال فيها (الدولة الواعية هي تلك التي تدرك بأنها تقتسم مع الفنانين مجدهم).
{ حقاً متى يوعى قادة اقتسام السُلطة والثروة بأنهم ولسنوات خلت ظلوا يقتسمون مجد المبدعين ويتجاهلونهم ببرود شديد ولا يردون لهم جميلاً في حين أنهم يسعون جاهدين لترضيات المعارضين والمتمردين.
{ وأنا على يقين بأن وزارة الثقافة تحديداً إذا وصلت لهذا الوعي والإدراك الذي قصده (الكابلي) فإنها سوف تكسب حتى من هاجر من المبدعين للعودة لحضن الوطن لتشعل الحراك الثقافي ويتحقق السلام والوحدة ومن ثم تنطلق مسيرة التنمية والعمران و(الثقافة تقود الحياة).
{ وأخيراً ومن أعماق هذه القضية تحضرني مقاطع من قصيدة (لا يا حبيبي) للشاعر الأديب والخبير الإعلامي المهاجر “عبد القادر الكتيابي” يقول فيها:
أهاجر عنك يا وطني .. ليقوى لديك العذر في نسيان عهدي
قصدتك قلت.. تدرك ما أداري .. وتشري رونقي فأبل كبدي
وقد أوصدت بابك دون نشري .. فلا تفتحه في إعصار ردي
فإني كنت أمسكه رجاءً .. وما طلقته إلا لزهدي
سألقي نار عزمي في جليد .. من الصبر الجميل وليس عندي
لتنصفني إذا ما صرت لحداً .. كثير منك إنصاف لحدي.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية