حوارات

مدير الجمارك الأسبق الفريق شرطة “صلاح الشيخ” في حوار الساعة مع (المجهر)

متفائل جداً بالسياسات الاقتصادية الأخيرة.. وسعر الصرف المعلن حالياً عبر الآلية ممكن أن ينخفض في هذه الحالة..

لا بد من قانون لعمل آلية سعر الصرف لحسم كل المتعاملين خارج نطاق عملها
الأزمات المتكررة لسلع مهمة القمح والدقيق والمواد البترولية
نتاج لسوء في التخطيط..قرار إلغاء الحظر عن استيراد (19) سلعة سيكون له آثار إيجابية

حوار : رقية أبو شوك
الساحة الاقتصادية السودانية مليئة هذه الأيام بمختلف القضايا الاقتصادية، حدد رئيس الوزراء ووزير المالية، “معتز موسى” (400) يوم لحلها وإصلاح الاقتصاد الكلي، ومنذ تسلمه مهامه في الحكومة الجديدة، أصدر جملة من القرارات في طريقها للتنفيذ، والتي كان من بينها الإعلان عن آلية مستقلة (صناع السوق) للإعلان عن سعر الصرف.. الآلية تضم في عضويتها (5) بنوك.. من كبرى البنوك العاملة في مجال الاستيراد والتصدير، وتلك التي لديها فروع خارجية، بالإضافة إلى خبراء اقتصاديين ومصرفيين.. هذه الآلية أحدثت جدلاً واسعاً لكون أسعارها (كالسوق الأسود) وجاءت بسعر أعلى مما كان عليه قبل الإعلان عن السعر بيوم.
(المجهر) جلست مع مدير الجمارك الأسبق الفريق شرطة “صلاح الشيخ” ووضعت أمامه العديد من الأسئلة والتي كان من بينها الآلية وسياسات الذهب والدولار الجمركي، وتقليل الواردات وسياسات التنفيذ والحلول المرتقبة لحل أزمة السيولة وغيرها من الأسئلة، فإلى مضابط الحوار..
*سعادة الفريق.. وأنت مدير أسبق لهيئة الجمارك، تابعتم عمل آلية إعلان سعر صرف الدولار اليومي، ومفاجآتها بإعلان سعر تجاوز سعر السوق الأسود قبل يوم من إعلان أسعارها؟
كيف تنظر لمستقبل عمل الآلية في معالجة اختلالات أسعار صرف العُملة الأجنبية مقابل المحلية، وهل هنالك إرهاصات بالنجاح في مستقبل الأيام؟
نعم هذه الآلية تعتبر قناة مستقلة وليس لبنك السودان المركزي أي سُلطة عليها حسب ما تم الإعلان عنه، لذا فإن هذه الآلية في حاجة إلى صياغة قانون أو العمل بقانون رقابة النقد وذلك من أجل حسم كل الذين يتعاملون خارج نطاق عمل الآلية حتى تؤدي إلى تقويتها لذلك لابد من الاجتهاد في تفعيل القانون، ومن ثم التعامل بحسم مع كل المضاربين بالعُملة خارج إطار الآلية، وذلك حتى يتم الاستقرار في سعر الصرف
وأيضاً على بنك السودان أن يوفر قدراً كافياً من موارد النقد الأجنبي حتى يستطيع الجمهور التعامل مع الآلية بعيداً عن أسواق النقد الأجنبي الأخرى ولابد أيضاً من السيطرة على تجار العُملة (البيطق طقوا أصابعهم) حتى يتعاملوا في إطار الآلية.. فالقانون مهم حتى تنجح الآلية.
*كيف تنظر إلى معادلة قرار قاسٍ برفع سعر الدولار إلى ما يقارب الـ(50) جنيهاً في ظل خواء خزائن بنك السودان من العُملة الأجنبية؟

سعر الصرف المعلن حالياً عبر الآلية ممكن جداً أن ينخفض في حالة توفر موارد كافية من النقد الأجنبي، ولكن الآن الارتفاع المتوالي لأسعار الصرف حولت حياة المواطنين إلى جحيم، خاصة في ظل ارتفاع مختلف السلع الاستهلاكية.
* هل الحل في ضخ المزيد من العُملات أو طباعتها وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم؟
يجب ضخ مبالغ كبيرة حتى تؤدي إلى حل الأزمة وكذلك يجب على البنوك أن تشجع الجمهور بإيداع أموالهم بالبنوك لأن معظم العملاء حالياً اتجهوا في ظل أزمة السيولة إلى دخر مواردهم المالية (بالبيوت) وأنا بفتكر أن إيداع المبالغ (بالبيوت) عملية غير مجدية كما أنها متخلفة، فالحل في ضخ كميات مقدرة من النقود بالإضافة إلى ضرورة تفعيل شبكة المراسلين بالخارج.. وعلى البنوك أن تنشئ شبكة مراسلين مع تلك الدول التي لديها مصالح مشتركة معنا كالصين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات (دبي) والهند، وذلك إذا أردنا توفير مبالغ مقدرة من النقد الأجنبي والذي بدوره يؤدي إلى حل الأزمة الحالية.
*إذن كيف تقرأ الأزمات المتكررة لسلع مهمة كالقمح والدقيق والمواد البترولية؟
افتكر أن الأزمات تعود إلى سوء في التخطيط، فلابد من معرفة كم من المساحات زرعنا وكم سنحصد ولابد من توفير وقود الجازولين في وقته لمناطق الحصاد، فالتخطيط السليم مهم حتى نوفر متطلبات الحصاد مثلاً قبل وقت كافٍ من بدايته.. المواد البترولية بحاجة إلى حسابات، فليس لدينا مشكلة كبيرة إذا تم توظيف حصائل الصادر للأولويات، وعلى سبيل المثال لو أخذنا مثلاً منها (500) مليون دولار، فيمكن أن يحل هذا الرقم مشكلة توفير المواد البترولية.. فيمكن أن تكفينا عاماً كاملاً بالإضافة إلى الإنتاج المحلي من المواد البترولية.
فالمطلوب هو تنسيق السياسات ومعرفة كم يبلغ إنتاجنا من (البراميل) وزيادة الإنتاج باستمرار لمقابلة الاحتياجات، فعلى وزارة المالية أن توفر الموارد للمزيد من إنتاج البترول خاصة إذا علمنا أن البترول عائده سريع ويدخل مباشرة إلى خزينة الدولة.
*بوصفك السابق مديراً للجمارك.. إلى متى تظل الجمارك الرافد الرئيسي لإيرادات الدولة وما مدى تأثير ذلك على الاقتصاد؟
الجمارك في كل العالم هي جهاز إنفاذ قانون الدولة المتعلق بحركة البضائع.. فمثلاً الجمارك في دولة فرنسا تعادل (3%) فقط من ايرادات الدولة، أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الرئيس الأمريكي “ترمب” استخدمها حالياً كأداة للصناعة الأمريكية.. فهي ليست من أجل تحصيل الإيرادات إنما يتم استخدامها كأداة لتنظيم التجارة ومنع الممنوعات، أما الضرائب فهي مصدر الإيرادات الحقيقي بخلاف الجمارك.
* الدولار الجمركي أثار جدلاً كثيفاً ما هو تأثيره على حركة الوارد؟
الدولار الجمركي ليس هو الدولار الحقيقي وإنما يستخدم في الفواتير مقابل العُملة المحلية والتحويلات.
العودة إلى ضريبة الإنتاج ألا تفتكر أن الرجوع إليها ردة؟
هي ليست ردة وإنما هي ضريبة غير مباشرة، ومن مهامها توفر للدولة المعلومات الكافية التي تعين على التخطيط الاقتصادي، وهي بذلك توفر المعلومات عن السلع المنتجة مثلاً كما أنها لا تؤثر على المستهلك كثيراً الهدف منها هو توفير المعلومة الحقيقية عن الإنتاج المحلي.
*القرارات الاقتصادية الأخيرة كانت قد شملت إلغاء الحظر عن (19) سلعة في وقت سابق والاستعاضة عنها بالرسوم الجمركية؟
افتكر أن هذا القرار سيكون له آثار إيجابية كثيرة كما أنه قرار يمكن أن يوصف بالممتاز، الـ(19) سلعة المحظورة كانت تدخل البلاد بالفعل عن طريق تجار الشنطة، لذا فالتقنين سيعود بالفائدة كما أن عائد تجارتها يكون بزيادة جماركها.. وتوفير السلع سينعكس على انخفاض أسعارها محلياً.
* هل تعتقد أن التطورات الإيجابية في الأوضاع بجنوب السودان، يمكن أن يسهم إيجاباً في تحسن الأوضاع الاقتصادية بالسودان؟
نعم.. الجنوب لديه ثروات هائلة كما أن لديه شعب منتج، من الطبيعي أن تنعكس الأوضاع الإيجابية في إنعاش الحركة التجارية بين الدولتين وتحسن الأوضاع الاقتصادية.
*بالأمس تم تدشين (بريق) الذهب؟
هذا اتجاه صحيح وممتاز، خاصة وأن بالسودان كميات كبيرة من الذهب وأن هنالك أجانب (شغالين) بالتنقيب عن الذهب في الولايات المنتجة، وادعو هنا إلى ضرورة السيطرة على أسواق الذهب وضرورة انتشار موظفي بنك السودان بمناطق الذهب من أجل عمليات شراء المنقب من المنتجين مباشرة منعاً للتهريب.
* السعر التركيزي للقمح والذي تم الإعلان عنه في جلسة مجلس الوزراء بمشروع الجزيرة.. من (750 إلى 1800) جنيه؟
قرار جاء في الوقت المناسب قصد به المنتج وتشجيعه لزيادة الإنتاج والإنتاجية وبالتالي تقليل فاتورة استيراد القمح وحصد أموالنا التي كانت تذهب للاستيراد والاستفادة منها.
*سياسة تقليل الواردات؟
هنالك سلع ضرورية وأخرى غير ضرورية فلابد من تحديد الأولويات في استيراد السلع وإيقاف السلع غير الضرورية التي تستورد.
* السياسات الاقتصادية الأخيرة.. قراءة اقتصادية؟
حقيقة أنا متفائل جداً بالسياسات الاقتصادية الأخيرة، ولابد أولاً من الحسم والصبر في عملية تنفيذها والمتابعة ولولا ذلك لن نسير إلى الأمام، وأؤكد هنا ضرورة عدم وجود أي استثناءات، وذلك حتى تأتي بنتائج إيجابية بعيداً عن الاستثناءات.
فحديث رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، “معتز موسى” مطمئن وأتمنى أن يستمر على هذا المنوال حتى تتحقق الإصلاحات الاقتصادية، ولا بد من إحكام السيطرة على كل الموارد وأن تأتي كل (القروش) أمام وزير المالية، بما في ذلك إيرادات الولايات، فالولايات لديها أموال هائلة وموارد ضخمة.. فلابد لرئيس مجلس الوزراء أن ينتهج مبدأ السيطرة ومعرفة كل المعلومات ليس فقط بالخطابات وإنما عن طريق الإيميلات التي تأتي بالردود في حينها، ففي الماضي كانت المراسلة مقيدة، أما الآن فالتقنية الحديثة أتاحت كل شيء وذلك حتى نستطيع الحصول على المعلومات بكل سهولة ويسر، كما يجب أن يكون لكل وزارة أو وحدة إيميل وأن تكون طريقة المخاطبة مع الجهة المعنية عن طريق الإيميلات.
* حديثك عن التقنية الإلكترونية يقودنا إلى سؤال آخر عن تغريدات رئيس مجلس الوزراء كأول مسؤول سوداني رفيع على تويتر؟
نريد منه مزيداً من التغريدات و(ما يغرد هو براهو)، نريد تغريدات من كل المسؤولين ولا نريد الخطب الحماسية.. فنهج التغريدات يؤكد الشفافية و(الناس) من حقها تعرف (لأن السودان دا حقنا كلنا وما حق زول واحد).
* حدثنا عن ميزانية البرامج التي سيتم تطبيقها مع الموازنة القادمة 2019م؟
رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، أمامه تحدٍ كبير، فلابد أولاً من أن (يلم) (القروش) المنتشرة في الوزارات، الوزارات بها (قروش زي التراب) ودا يكون الأولوية الأولى، كما لا بد من أن تكون الأولويات (1و2و3) فالأموال العامة لابد أن تكون منصة قوية جداً، فهنالك جهات لديها أموال ضخمة كديوان الزكاة مثلاً وكذا ولاية نهر النيل.
فمجلس الوزراء عليه أن يحدد الميزانية ويسيطر على الموارد، فالأولويات تحددها الدولة، مثلاً (دايرة أعمل شنو) وأن نقول مثلاً: (مافي احتفالات) وأن نحدد أيضاً على سبيل المثال خلال موازنة العام إنشاء (30) مستشفى ورصف الطرق أي نحن كدولة نعطي الولايات إيراداتها لمشاريعها المرصودة كأولوية مع الضبط
أيضاً لابد من عمل معلومات (داتا) نوفر خلالها المعلومات الخاصة بكل العاملين بالدولة، وأن يكون لكل عامل رقم وظيفي.
*إذاً ماهي الجهة التي ستقوم بتوفير المعلومات الخاصة بالعاملين؟
نطالب هنا بإعادة ديوان شؤون الخدمة بسلطاته القديمة.. فالديوان سيكون ملماً بكل التفاصيل.. فالقرارات التي تصدر من قبل رئيس الجمهورية، فيما يختص بالعاملين تكون مسؤولية ديوان شؤون الخدمة، وتكون وزارة العمل هي المسؤولة عن كل القوى العاملة بالسودان من الموظفين والعمال ومختلف الوظائف، وتكون في جهة ما تراجع وظائفهم وتكون لديها معلومات كافية، وذلك تجناً للترقيات العشوائية، بالإضافة للمعلومة الكافية عن الشهادات الأكاديمية فهنالك شهادات مزورة.. ففي الماضي كان ديوان شؤون الخدمة هو الجهة المسؤولة عن مراجعة الشهادات، ومن ثم يتم التعيين.
*وماذا عن الاتجاه بعمليات الدفع الإلكتروني؟
معظم الدول أصبحت تتعامل الآن بالبطاقة الإلكترونية بديلاً للكاش، حتى ولو أردت مثلاً أن تشتري سيارة أو حتى طيارة، لابد من تفعيل هذا العمل على أن نتعامل مع المحال التجارية الكبرى عن طريق البطاقة، وكذلك محلات الاسبيرات والكهرباء والماء والتعامل أيضاً مع طلمبات الوقود على أن يقتصر التعامل بالكاش للاحتياجات العاجلة كشراء الخضار مثلاً، ولكن هنالك من يتعاملون مع الصرافات وتكون لديهم حاجة (للقروش) وهنا لابد من أن تمتليء هذه الصرافات بالنقود.
*وفي الختام؟
إن كان من كلمة أخيرة فأنا ادعو إلى التقنية الحديثة وتدريب العاملين على الحوسبة حتى نقلل من الاعتداء على المال العام بنسبة (100%).

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية