أخبار

إلى “صديق يوسف”

صفة القائد السياسي أو النقابي أو المجتمعي أو الرياضي لها مقومات وتنهض على قواعد الاستقامة السلوكية في التعاطي مع الآخرين.. وليس كل من لبس بدلة أنيقة أو تدثر بجلباب أبيض وصعد حزبياً إلى أعلى هو قائد سياسي، ومجتمع الحزب الشيوعي الذي كان طليعة المثقفين الكادحين يضم قادة حقيقيين يكتمون الأسرار في صدورهم ولا يتخفّفون في نشر ما بينهم والآخرين من حوارات ومكاتبات، لأن قادة مثل “محمد إبراهيم نقد” و”عز الدين علي عامر” و”أحمد سليمان” المحامي كانوا نماذج للقيادات المسؤولة.. ولكن في زماننا هذا تسنّم أشخاص مقاعد في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أصغر بكثير من مقاعد جلس عليها شيوعيون عرفوا بالنزاهة السياسية والخلق القويم.
ويمثل “صديق يوسف” حالة شائهة في جسد الحزب الشيوعي وفي الساحة الحزبية، ورغم تقدم سنوات العمر لا يزال الرجل يتصرف بصبيانية وطفولة سياسية ومراهقة طلابية.. وفي هذا الأسبوع أدان “صديق يوسف” نفسه أخلاقياً وهو يخون أمانة خصوصية المخاطبة والحوار وينشر خطاباً بعث به الفريق “صلاح قوش” مدير عام جهاز الأمن الوطني لشخص “صديق” ظناً منه أن فيه خيراً ووطنية وأمانة وشرف كلمة.. ولكن “صديق” نشر الخطاب في وسائل التواصل الاجتماعي وبعث به إلى الناشطين في القروبات، ظناً خائباً منه بأن هذا النشر يفضح سلوك الدولة ويعري ممارساتها.. ولكن من يقرأ خطاب الفريق “صلاح قوش” يقف عند ثقته في نفسه وحكومته وظنه الحسن بأحد أبناء السودان وهو يؤكد قولاً ويثبت عملاً بأن دولة الحزب التي يزعمون أنها فرّقت أبناء الوطن قد غربت شمسها، وجاءت دولة المواطنة التي يجد فيها الشاب الشيوعي الملتزم أو غير المنتظم حظه في التوظيف بكل أجهزة الدولة بما في ذلك الأجهزة العسكرية والأمنية.. ولم يجد الفريق “صلاح قوش” بروح وطنية وثقة فيمن يخاطب حرجاً في أن يطلب من “صديق يوسف” القيادي الشيوعي ترشيح من يثق فيه من أسرته العقائدية أو أسرته الرحمية للانضمام لجهاز الأمن الوطني إذا ما أستوفى شروط التعيين الفنية المجردة.. وليس هنالك شروط سياسية كما أثبتت التجربة.. ولن يختلف الحزب الشيوعي في نظر قيادة جهاز الأمن عن قيادة حزب الأمة فحتى اللحظة يتولى حراسة زعيم الحزب ضابط من أبناء “الصادق المهدي” منسوب للقوات النظامية!!
لكن “صديق يوسف” أسدى خدمة كبيرة لجهاز الأمن الوطني بنشره للخطاب الذي بعث به المدير العام لجهاز الأمن.. والخطاب شهادة لصالح قومية الجهاز وانفتاحه على جميع مكونات المجتمع، خاصة وأن إعلان التجنيد للانضمام لضباط وجنود جهاز الأمن ظل يُنشر في الصحافة الورقية حتى تلك التي لا تحظى بالإعلان الحكومي بسبب مواقفها.. ولكن الحزب الشيوعي يرفض إلا أن يبقى في حيز الهتافية والشوفونية الطلابية، وكان حرياً برجل يتولى منصباً قيادياً في الحزب الشيوعي أن يتحلى بصفات القيادة الرشيدة ولا ينحو باتجاه الصبيانية التي كشفت عن معدنه وضعف إحساسه بأمانة المجالس وقدسية المراسلات والمخاطبات الخاصة بين القيادات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية