في الأبيض (2)
{ مرة أخرى يخصص مجلس الوزراء القومي جلسته أمس بعاصمة كردفان الأبيض للقضية الاقتصادية وإذا كانت جلسة ود مدني قد خصصت لقضايا القطاع الزراعي المروي فإن جلسة أمس قد لامست مشكلات القطاع المطري وكيفية النهوض بهذا القطاع وزيادة الإنتاجية الرأسية للفدان الواحد للفول والسمسم والصمغ العربي.
وبعد خمس ساعات من التداول حول الزراعة وتقارير من وزيري الخارجية د. “الدرديري محمد أحمد” ووزير العدل العائد من جنيف.. وطغت تجربة ولاية شمال كردفان ونفيرها على مداولات الوزراء وشركائهم من قادة الاتحادات المهنية وأصحاب العمل والصحافيين وكتاب الصحافة.. لم يشأ المجلس الخوض في قضية تحديد سعر تركيزي للصمغ والسمسم والفول ولكنه بعث برسائل للمزارعين بقيام بورصة للمحصولات الزراعية في مدينة الأبيض، ومنح مجلس الوزراء رسالة أخرى لشركاء نفير شمال كردفان بدعم الحكومة المركزية للنفير والالتزام بما أعلنه الرئيس من قبل بمضاعفة أي مكون محلي ثلاثة أضعافه من قبل الحكومة المركزية، ووجدت تجربة مولّانا “أحمد هارون” الإشادة والتقدير من مجلس الوزراء الذي أناب عنه الأمير أحمد سعد عمر في تقديم شهادة تقديره لمولّانا “أحمد هارون”.
{ رئيس مجلس الوزراء معتز موسى خط منهجاً للمجلس بالانتقال من عاصمة ولاية لأخرى ومتابعة القضايا الاقتصادية والاجتماعية ميدانياً وإشراك كل فئات المجتمع في جلسات المجلس الذي يبدو الآن أكثر عافية مما قبل.. وتفيض حماسة أعضائه من الوزراء القدامى والجدد، وأمس أفسح رئيس الوزراء المجال لـ”وجدي ميرغني” رجل الأعمال المعروف للحديث عن واقع الزراعة في البلاد فرسم صورة محزنة جداً لموقع السودان الإنتاجي من حيث المساحة المزروعة وضعف إنتاجها.. وأثبت “وجدي ميرغني” أن دولاً مثل تنزانيا وتشاد وبورما والسنغال تتفوق على السودان من حيث إنتاج الفدان الواحد من الفول.. وهي قضية أثارت دهشة أعضاء مجلس الوزراء.
{ وزير الخارجية العائد من واشنطن قبل يوم واحد قدم مرافعة نالت تقدير الكثيرين بالنظر إلى النجاحات التي تحققت في واشنطن من خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وبفضل حنكة السفير “الدرديري محمد أحمد” وواقعية طرحه الذي قدمه قررت الأمم المتحدة منح القوة السودانية التي تراقب السلام في جنوب السودان قبعات أممية لأغراض الحماية والدعم والتمويل، وفي ذلك نجاح كبير للسودان عطفاً على تقديم السودان لنفسه كدولة فاعلة في الإقليم الأفريقي من خلال رعاية مفاوضات جديدة لفرقاء النزاع في دولة جنوب أفريقيا، والسفير “الدرديري” وزير واقعي جداً.. في تعقيبه على كاتب هذه الزاوية الذي طلب من الوزراء ورئيس المجلس بعث رسالة سلام لمن ينتظرون من أهل المنطقتين انقشاع غمة الحرب، كشف “الدرديري” عن مبادرة تقودها دولة الجنوب رداً على جميل السودان لوقف الحرب في المنطقتين، وقال إن السلام بات قريباً جداً.
عادت حكومة السودان القومية بطائرة واحدة للخرطوم مساء أمس بينما عادت الرأسمالية الوطنية بطائرة خاصة بعد انفضاض جلسة مجلس الوزراء، ولم تنتظر زيارة رئيس مجلس الوزراء لمحلية أم روابة.. وهكذا انقضى يوم طويل في عروس الرمال.