تراجع عن قرار أم استجابة لخبراء؟!
أجاز مجلس الوزراء القومي أمس حزمة السياسات المالية الجديدة، وكان اللافت فيها تأكيد رئيس المجلس ومحافظ بنك السودان على أن لا تحرير لسعر صرف الدولار، لا أعرف ما إذا كان القرار الذي أذيع أمس هو تراجع من الحكومة بعدما تسرب أن من بين السياسات الجديدة هو تحرير صرف الدولار؟
أمس كتبت في هذه الزاوية عن المخاوف المشروعة لدى البعض من السياسات الجديدة وتأثيراتها السالبة المحتملة، ولكن أشرت وركزت إلى النتائج الإيجابية المروجة من حزمة القرارات.
واضح من خلال العرض الذي تم للقرارات وأجازتها يوم أمس بمجلس الوزراء، بأن هناك مراجعات أخيرة تمت للقرارات، سيما وأن ظاهر القرارات كان يشير إلى أن رفعاً للدعم عن السلع سيتم، لكن ما تبين من خلال ما تم تقديمه وتأكيده في اجتماع الأمس بأنه ليست هناك آية نية للحكومة لرفع الدعم عن السلع، وهذه كانت واحدة من المخاوف، أضف إلى ذلك التأكيد بأن لا مراجعات في سعر الدولار الجمركي، بل أن تخفيضاً تدريجياً سيتم، أنا متأكد أن المخاوف التي كانت بائنة وواضحة تذللت الآن تماما من خلال المعالجات، ويبدو أن المشورة لم تنقطع بالخصوص وكانت المعالجات خالية من المخاوف.
ما ستُقدم عليه الحكومة سيركز على أن تكون العملة الأجنبية داخل النظام المصرفي، ولا مجال لسوق سوداء للدولار أو العملات الأخرى، وهذا سيركز كل ما هو خارج منظومة الجهاز المصرفي ليكون جزءاً أساسياً من حركة العملة ، وبالتالي ستوفر قدراً معقولاً من العملة يمكن أن يساعد الحكومة مستقبلاً إذا أرادت أن تعوم الجنيه كما فعلت الجارة مصر العربية، أو تتجه إلى سياسة تحرير صرف العملة.
أما فيما يتعلق بالرافد الأكبر للعملة الأجنبية وهو الذهب فإنه يحتاج إلى تدابير خاصة، ويتضح من خلال السياسة التي تم إقرارها بأن المعدنين التقليديين سوف يتشجعون ويأتون إلى بنك السودان المركزي طواعية ويقومون ببيع ما استخرجوه من ذهب لأن السعر مجزٍ، وبالتالي فإن ذلك يشكل ضربة قاضية لسماسرة العملة والمضاربين فيها، حسناً فعل رئيس مجلس الوزراء “معتز موسى” وهو يتوعد أي بنك يضارب في العملة بالإغلاق بالشمع الأحمر، أي استقرار في مسألة النقدي الأجنبي سيكون له تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي، أتمنى أن يتفاعل الجميع لكي يبلغوا المقاصد.. والله المستعان.