أخبار

خربشات

(1)
مقاطع مؤثرة جداً بثها تلفزيون جمهورية تشاد لزيارة الرئيس “إدريس دبي” لمقاطعة أم التيمان الأسبوع الماضي.. فالرئيس التشادي بعد الاستقبالات الرسمية فاجأ الجميع بقيادة سيارة خاصة بنفسه من ماركة تايوتا لاندكروزر بدون تظليل وركب إلى جواره حرسه الخاص وخرج من محافظة أو مقاطعة أم التيمان لمزارع الدخن.. بث التلفزيون الحديث بين الرئيس التشادي ونسوة من القرية الصغيرة.. أبدت إحداهن دهشتها بالقول ااهي الرئيس “إدريس دبي” ذاتو ، وأطلقت زغرودة.. وتبعتها أخرى تحمل طفلاً على ظهرها.. وثالثة ورابعة صافحن الرئيس.. الذي يرتدي جلابية تشادية وطاقية مثل تجار السيارات بكرين بحري.. تفحص الرئيس قندول الدخن وقد أصاب القندول مرض يعرف عندنا في السودان بالنفاشة وهي نوع من الديدان تصيب محصول الدخن في مرحلة ما قبل حصاده.. وانتهت زيارة الرئيس التشادي “إدريس دبي” لمزارع المواطنين بأم التيمان بمساهمته الرمزية في غرس الأشجار المثمرة لزيادة الغطاء النباتي في مناطق الزراعة التقليدية.. لو شاهد المسؤولون عن إعلام الرئيس “عمر البشير” كيف تصنع الصورة المثالية للرؤساء في مخيلة الشعب لتنحوا هم عن المقاعد التي جلسوا عليها من غير خيال وقدرات إبداعية.. ولو شاهد “العبيد أحمد مروح” المدير العام لتلفزيون السودان برنامجاً يبثه التلفزيون التشادي يوماً اسمه (بلادي) لأمر بإعادة برنامج من الخرطوم سلام ، الذي كان يبدع فيه أستاذنا “مصطفى أبو العزائم”.. صناعة صورة الرئيس في مخيلة الشعب مهمة ليست صعبة ولكنها تحتاج لرؤية وشجاعة مثل “أبي عز الدين” الذي كسر التقاليد القديمة.. وخرق البالي من التقاليد في القصر.. وحاول تقديم الرئيس للشعب السوداني بوجه الرئيس الحقيقي فتعرض لحرب أبعدته من القصر من غير حيثيات مقنعة.. والآن الرئيس “البشير” مقبل على استحقاق انتخابي هام ومفصلي وفي ظروف بالغة التعقيد.. من حيث تنامي المد الشعبي المعارض بسبب الأوضاع الاقتصادية.. مما يشير إلى ضعف مرتقب في الإقبال على صناديق الاقتراع في حال عجزت الحكومة الحالية عن تحسين الأوضاع الاقتصادية حتى ذلك الحين، مما يتطلب البحث عن أذكياء لتقديم الرئيس “عمر البشير” باعتباره الخيار الأفضل من بين خيارات سوق السياسة.. وذكاء المجموعة التي تصنع صورة الرئيس في (الميديا) رهين أيضاً بذكاء صناع السياسة في بلادي.. وليت المؤتمر الوطني أسند أمر انتخابات الرئيس لشخصية متفق على نزاهتها.. ومتفق على حسن تقديرها.. وبياض سيرتها مثل الأستاذ “علي عثمان محمد طه” الذي يعرف كيف يصنع النجاح من رماد الفشل.. ويبعث الروح في موات الساحة السياسية.
(2)
ألا يستحق “محمد مفتاح الفيتوري” شارعاً في العاصمة الوطنية أم درمان، إذا كانت القوى السلفية الناهضة في المجتمع ستحطم التماثيل إذا نصب تمثال لـ”محمد الفيتوري” في الخرطوم التي لا تحتفي بفلذات كبدها.. أحياءً بيننا أو راحلين بأجسادهم وباقين بأعمالهم.. “الفيتوري” الذي كرمته بغداد في مهرجان المربد الثالث.. ورفعت مقامه قرية أصيلة المغربية ومنحه “محمد بن عيسى” جواز سفره السوداني في سنوات مايو حاكمة السودان وهو الذي يمثل عصارة ثلاث ثقافات.. جذوره من الأب تمتد إلى طبرق في ليبيا مولده ، وأمه من بلدة الجنينة في أقصى غرب دارفور، تعليمه وثقافته في أرض الكنانة (مصر).. وزوجته من المغرب وأخرى من السودان.
مات “الفيتوري”.. وبقيت ألحان أفريقيا تبعث في النفس بعضاً من الأمل الثوري في التغيير.. كم تغنينا مع “الفيتوري” بصبح لم يأت.. ونوراً غاب عن أوطاننا.. ولكن في الغناء شيء من مواساة الذات في فواجعها:
أصبح الصبح وها نحن مع النور التقينا
التقى جيل البطولات بجيل التضحيات
التقى كل شهيد قهر الظلم ومات
بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذور الذكريات
أبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا
بالفرح أصبح شمساً في يدينا..
وبناءً عامراً تعدو به الريح
فتختال الهوينى يا بلادي
إنها صرخة ثوري رفع من الثورات الأفريقية وهي تقاوم كل أسباب الركون إلى الواقع.. وحينما تغنى “وردي” بتلك الأنشودة تمددت ساحات “الفيتوري” شعبياً وسط القاعدة العريضة من الناس، وثار السؤال من ارتقى بالآخر “وردي” بـ”الفيتوري” أم “الفيتوري” بـ”وردي”؟؟
(3)
في مثل هذه الأيام من كل عام تتمدد مساحات الأفراح وسط المزارعين.. والرعاة معاً.. خاصة إذا كانت الأمطار غزيرة والمياه وفيرة.. في كردفان يلتقي الرعاة والمزارعون.. في مهرجان أفراح وألعاب شعبية كالمصارعة التي تجمع ولا تفرق.. وتبرز الخير في الأرض.. المصارعة هي التسامح.. والإخاء.. والمودة.. وتعايش القبائل.. في ساحات المصارعة لا تميز بين النوبة والبقارة.. ولا بين البقارة الرحل وأهل الدار من سكان القرى.. يجتمعون على المحبة.. ويفترقون على أمل لقاء قريب.. يتنافس الشباب في حلبات الصراع.. فيسقط الأقوى الأضعف على الأرض.. فيحمل المهزوم المنتصر.. قيماً متجذرةً من الفضيلة والتسامح.
في محلية القوز، أصدر معتمدها النشط “المكي إسماعيل قادم” قراراً بتكوين اتحاد المصارعة الشعبي لتطوير اللعبة وتوظيفها في المصالحات القبلية.. والتوعية بمخاطر حمل السلاح، واختار المعتمد شاباً نشطاً لقيادة اتحاد المصارعة “بدر عبد الله بدر” و”ياسر مختار حسن” أميناً للمال.. وعدداً من الشباب والمصارعين القدامى وأولى ثمرات تكوين الاتحاد الإعلان عن مهرجان المصارعة الأول للرحل في الأسبوعين القادمين دعماً لترشيح الرئيس “عمر البشير” وبرعاية من صندوق دعم السلام.. وحينما تصبح الرقصات الشعبية والترتيبات في خدمة المجتمع.. تصبح للسياسة مداخل ناعمة.. تجد القبول من الناس.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية