مسؤولية شح النقد
اتحاد المصارف خرج أخيراً من طوعه وألبس البنك المركزي مسؤولية شح النقد وفوضى السوق، وذلك خلال ندوة مثيرة أول من أمس، رئيسه أدلى بهذه الإفادات وأخرى مهمة كأنما صنع الذرة.
كنت أتوقع قبل أن يقع الفأس في الرأس وتهتز سمعة البنوك لدى العملاء أن يكون لهذا الاتحاد دور فاعل ومهم في تقديم النصح، والمساهمة في معالجة بعض الاختلالات الماثلة أمامنا، ولكنه اختار أن يتخندق إلى أن وصل الوضع إلى هذا المستوى.
صحيح أن بنك السودان هو المسؤول عن السياسات المالية في البلد ومعالجة أي اضطرابات طارئة، ولكن مؤكد أنه لا يستطيع أن يصفق لوحده وهناك مجموعة كبيرة من البنوك التجارية هي شريك أصيل ينبغي أن تكون جزءاً من المعالجات من خلال اتحاداتها الفئوية.
كتبت من قبل في هذه المساحة عن أن احتكار بنك السودان لشراء وبيع الذهب هو ما عقد الوضع النقدي وشجع على عمليات التهريب والتي تتجاوز الـ(70%)، فقط (30%) يتحرك فيها البنك ولذلك لا يستطيع التحكم في النقد الأجنبي والمحلي على السواء.
قرارات وقرارات صدرت من البنك بالتزامه بشراء الذهب من المنقبين بأسعار مجزية ولكن واقع الحال غير، الأمر الذي يضطر أصحاب الذهب الاتجاه صوب نوافذ التهريب وما أكثرها!
بنك السودان يتحمل مسؤولية تعقيدات عملية النقد الأجنبي والمحلي على السواء، ولكن هذا لا يعفي البنوك التجارية ولا الاتحاد من المسؤولية لأنهم الأولى بالتدخل للمعالجة.
واحدة من انعكاسات شح السيولة هو ظهور سماسرة ومضاربين في العُملة من خلال الإغراءات التي تقدم للراغبين في توفير السيولة مقابل أموال كبيرة، أما المشكلة الأكبر وهي تراجع ثقة العملاء في البنوك بل انعدامها في بعض الأحيان، وهذه تحتاج لجهد كبير وتنسيق اكبر بين البنك المركزي واتحاد المصارف والجهات ذات الصلة لعبور هذه المشكلة.
لم أجد من تفسير للتدخل المتأخر من قبل البنك المركزي في قضية شح النقد، إلا أن هناك إهمالاً، وهذا يكون له الأثر السالب في الاقتصاد الكلي للبلاد، وفي السياسات المالية على وجه الخصوص، مطلوب من اتحاد المصارف أن يفرض نفسه في المعالجات الممكنة، طالما أن (الفاس وقع في الراس)، الآن نحن بحاجة لتدخل عاجل غير آجل من قبل البنك المركزي والجهات ذات الصلة لتلافي الآثار السالبة.. والله المستعان.