حوارات

القيادي بالمؤتمر الوطني دكتور “قطبي المهدي” يقرأ لـ(المجهر) أبعاد ومستقبل التشكيل الوزاري الجديد

* أنا ضد انتخابات 2020 واطالب بتأجيلها...!

* اختيار “معتز موسى” نقلة جديدة في الإدارة وخطوة شجاعة
*الرئيس أصبحت لديه قواعد خارج الحزب أجبرت الحزب الذي بدأ متردداً لترشحه
*أهم ما في التشكيل الحكومي فصل منصب رئيس الوزراء من النائب الأول.
*”حسبو” حقق نتائج إيجابية في عملية جمع السلاح

حوار: فاطمة مبارك
تفاجأ المراقبون، بحل حكومة الوفاق الوطني، وفصل منصب رئيس الوزراء عن النائب الأول للرئيس، الذي كان يشغله الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” ويبدو أن هذا القرار اتخذ بعد أن توصل القائمون على الأمر إلى أن هناك ترهلاً وضعفاً في هذه الحكومة التي لم يستطع مسؤولو قطاعها الاقتصادي السيطرة على السوق ممثلاً في الارتفاع الجنوني للأسعار، بجانب استمرار الخلل في ميزان المدفوعات الخارجي وتدهور العُملة المحلية مقابل الدولار، على المستوى السياسي هناك بطء في إنجاز الملفات السياسية التي صدرت في توصيات الحوار الوطني، التغيير الجديد قضى بدمج بعض الوزارات وتقليل حصة الأحزاب المشاركة والمؤتمر الوطني في الحكومة الجديدة، وكانت هناك محاولة لإدخال شخصيات من التكنوقراط اعتذر بعضهم، لكن السؤال الذي ظل مطروحاً في الشارع العام للمراقبين هل تستطيع هذه الحكومة حل الأزمات والخروج بالاقتصاد إلى بر الأمان؟، (المجهر) جلست مع دكتور “قطبي المهدي” في حوار تناول دواعي وأبعاد هذا التغيير وتوقعات المستقبل فإلى التفاصيل..

*كيف قرأت قرارات الرئيس الأخيرة وفي أي سياق يمكن فهمها؟
أولاً التغيير كان مطلوباً ومتوقعاً وتكتمل قراءته بقراءة تشكيلة الحكومة الجديدة أما ما تم في رئاسة الجمهورية، أهم ما فيه فصل منصب رئيس الوزراء عن منصب النائب الأول.
* ما دواعي فصل منصب رئيس الوزراء من منصب النائب الأول للرئيس؟
أصلاً كانت هناك مطالبة لاستحداث منصب رئيس الوزراء، لأن المجلس الوطني كان يريد شخصاً يسأله حول السياسات الكلية، وهذا ما لم يكن متاحاً في السابق وقد اتخذ القرار بالفعل في التعديل الدستوري السابق، لكن رُبط المنصب برئاسة الجمهورية عن طريق إلحاقه بالنائب الأول، الآن تم استكمال القرار بالفصل التام بين رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، وأصبح رئيس مجلس الوزراء مسؤولاً أمام المجلس الوطني.
*ماذا عن نائب الرئيس؟
فيما يتعلق بمنصب نائب الرئيس، تم التغيير بالرغم من النشاط الفاعل للدكتور “حسبو عبد الرحمن” وإنجازه لإحدى أكبر المهام وأخطرها وهي جمع السلاح من المواطنين، مما أسهم في استقرار الأحوال الأمنية لكن يبدو أن التغيير تم مراعاة للتوازنات السياسية في دارفور.
*بعض المراقبين عزوا فصل منصب رئيس الوزراء عن النائب الأول إلى ضعف الأداء فما تعليقك ؟
بالنسبة للتجربة السابقة التي كان فيها النائب الأول هو نفسه رئيس الوزراء اعتقد أن هذه المهمة كانت أكبر من أي شخص، و”بكري” بذل مجهوداً كبيراً جداً خاصة فيما يتعلق بمخرجات الحوار الوطني والإصلاح الإداري، ومقدر بقدر ما يستطيع من شخص يتقلد موقعين كبيرين جداً فكان لابد من هذا الفصل بالرغم من نجاح “بكري” بقدر طاقته كشخص.
*ونائب الرئيس؟
بالنسبة لـ”حسبو” حقيقة كان من أنشط نواب الرئيس الذين مروا على هذا الموقع وتحمل مسؤولية كبيرة جدا في برامج جمع السلاح، وحقق نتائج إيجابية، أنا زرت مواقع الصراع في دارفور، الأمن الذي تحقق بعد هذه الحملة لم يكن متوقعاً على الإطلاق.
*اختلف المتابعون للشأن السياسي حول اختيار “معتز” لمجلس الوزراء؟

اختيار “معتز موسى” لرئاسة الوزراء في تقديري يمثل نقلة جديدة في الإرادة السياسية، وخطوة شجاعة ظلت مطلوبة منذ نهاية التسعينيات.
*كيف نظرت لهذا الاختيار؟
“معتز” من القيادات الشبابية النادرة التي طورت قدراتها وخبراتها من خلال المهام الصعبة في الفترة الماضية ومن خلال تنمية قدراته الذاتية بالتعليم والخبرة العملية، ويجمع إلى جانب الكفاءة، التفاني والإخلاص والوطنية الصادقة قبل همومه الشخصية.
*برأيك لماذا صاحب حل حكومة الوفاق الوطني واختيار رئيس مجلس الوزراء سرية وتكتم ؟
من الطبيعي في مثل هذا الظرف الحساس والذي تتشابك فيه المصالح الحزبية والقبلية والشخصية، أن تحرص القيادة على أن لا تحيط بقرارها أية تدخلات وضغوطات ومطالبات من أي جهة كانت حتى يأتي قرارها موضوعياً يراعي المصلحة العليا وحدها.
*ما تقييمكم لأداء حكومة الوفاق الوطني المحلولة هل فعلاً كانت ضعيفة؟
أنا ذكرت يوم الاتجاه إلى تكوينها أن الحكومات الائتلافية والقومية هي أضعف الحكومات أداءً، لأنها تجنح للمساومات والترضيات ولا تتعين فيها مسؤولية على جهة واحدة.
*ما دليلك على ذلك؟
تاريخنا السياسي منذ الاستقلال يشهد بذلك، حيث كانت حتى الحكومات التي نسميها دكتاتورية أو عسكرية أكثر إنجازاً من حكومات الفوضى الحزبية التي نسميها ديمقراطية.
* أنت لا تؤمن بتوسيع مواعين المشاركة ؟
أنا أؤمن بالتوسع في الحوار والشورى والمشاركة الشعبية العريضة، لكن ينبغي أن تكون في المؤسسات الشورية والمجالس التشريعية العريضة، أما في الجهاز التنفيذي فيجب أن يحكم من يختاره الشعب ويتحمل مسؤوليته وحده ومازلت عند رأيي هذا.
*بعض المراقبين فهموا التغيير في سياق الترتيب المبكر للانتخابات؟
رئاسة الجمهورية ممثلة في شخص السيد الرئيس أو نائبه تتمتع بحصانة يتعذر معها مساءلته ومحاسبته في الهيئات التشريعية (البرلمان) ومحاسبة الوزراء واستجوابهم كان يقتصر على سياسات وأداء وزاراتهم، أما السياسات الكلية للدولة والتي تقع خارج اختصاصهم لا يسألون عنها ولذلك وجود رئيس للوزراء يقف أمام البرلمان ليطرح سياسات حكومته الكلية ويواجه ممثلي الشعب مسألة ضرورية وتصبح متاحة بفصل المنصب عن رئاسة الجمهورية.
*إلى أي مدى يمكن أن تسهم هذه الإصلاحات في بناء الدولة؟
الإصلاحات تتيح للبرلمان أن يسهم عن طريق ممثلي الشعب في ترشيد السياسات والمساهمة في الإصلاح ومراقبة أداء الحكومة في سياساتها العامة والكلية وتقريب الشقة بين الشعب وممثليه والجهاز التنفيذي للدولة.
*ما تعليقكم على قيام الانتخابات في العام 2020 م؟
أي حكومة تريد أن تدخل الانتخابات ببرنامج مستقبلي قطعاً لا تريد أن تجرى الانتخابات الجديدة والبلاد مثقلة بمشاكل المرحلة الماضية وهذا أمر يهم الناخبين كلهم وليس الحكومة وحدها.
* تعني أنك لا ترى ضرورة قيامها في هذا الموعد؟
أنا ضد هذه الانتخابات وأطالب بتأجيلها.
*لماذا؟
نحن لدينا أولويات وأمامنا أزمات ماثلة وتنذر بخطر داهم، والانتخابات الآن ليست أولوية، دعونا نخرج من الأزمات التي نواجهها الآن والتي أصبحت مسألة حياة أو موت، وبعد أن نخرج منها تجرى الانتخابات من قال إن الشعب الآن يطالب بانتخابات كأولوية؟
*ماذا يريد الشعب؟
الشعب الآن يريد أمناً اجتماعياً وخبزاً ويريد وظائف وإصلاحاً في وضعه المعيشي ومعاناته اليومية ويريد علاجاً وتعليماً، الشعب لا يريد أن تهدر موارده الشحيحة في انتخابات مكلفة فقط ليرضي تطلعات المعارضين الذين يريدون إسقاط الدولة فقط تشفياً ومكايدة ودون أن يكون لهم رؤية بديلة أو حلاً سحرياً ويريد البعض التجمل أمام الغرب المستعمر (والله نحنا كمان عندنا ديمقراطية) ولا يفرق أن كنا جائعين وبائسين، يجب أن نعرف أولوياتنا وفي أي مرحلة من تطورنا الاجتماعي والسياسي نحن، ثم نفكر في هذا الترف البرجوازي.
*تعديل الدستور واجه انتقادات من بعض السياسيين هل هي خطوة في الاتجاه الصحيح؟
لو أجلت الانتخابات لكانت أغنت المؤتمر الوطني عن تعديل قانونه الأساسي والدستور.
*هل تتوقع أن تحدث تحالفات مع قرب الانتخابات؟
التحالفات بالتأكيد واردة وأحزاب الحوار الوطني مدعوة من قبل الوطني للتحالف طالما أن برنامج الحوار سيكون له دور في المرحلة المقبلة، وهي تريد أن تساهم في استدامة تطبيقه سواء عن طريق الهيئات التشريعية أو الحكومة القادمة، والجديد أيضاً أتوقع أن يكون هنالك تحالف من أحزاب معارضة تخوض الانتخابات لإسقاط النظام.
*على ماذا بنيت هذا التوقع؟

أرى تشجيعاً من داعميهم في الخارج للانخراط في العملية السياسية لإسقاط النظام من الداخل طالما فشلوا في إسقاطه من الخارج، ويحسبون أن الأزمات الراهنة تجعلهم يراهنون على سخط الشارع واستغلاله لإسقاط النظام.
*قبل ذلك قلت إن المؤتمر الوطني لم يؤهل شخصاً ليكون بديلاً لـ”البشير” ما قولكم الآن؟
هذه المسألة ازدادت تعقيداً هذه المرة، المرة السابقة انتقدت الحزب في فشله في إنتاج قيادات “قومية” تكون خياراً جديداً مع “البشير”، الآن “البشير” أصبح لديه قواعد خارج الحزب، ربما أكبر ثقلاً من الحزب نفسه.
*فصل لنا في هذا الموضوع؟
تلاحظين الآن أن ترشيح “البشير” جاء بمبادرات من خارج الحزب كانت من القوى بحيث أجبرت الحزب الذي بدأ متردداً في البداية لتأييد هذا الترشيح، بدأ الترشيح من الولايات وساندته قواعد شعبية ومجالس تشريعية ومؤسسات قومية، ثم قطاعات الشباب والمرأة فلم يعد أمام الحزب خيار سوى القبول برغبة هذه القواعد.
* قيل إن عدم مبادرة بعض عضوية الحزب يعود إلى وجود تيارات تسعى لتقديم مرشحين منافسين للرئيس؟
المرة السابقة عندما أعلن الرئيس أنه لن يترشح برزت داخل الحزب حركة استقطاب واسعة حول من يكون المرشح الذي يخلف الرئيس، وجهات كثيرة بدأت تبحث عن مرشح وتتكتل وتقود حملة لترشيح فلان وعلان، لكن إقناع الرئيس بأن يترشح مرة أخرى هو الذي قضى على الململة داخل الحزب، هذه المرة كان هناك خوف لأن الرئيس مرة أخرى لم يكن يريد أن يترشح، وصرح بهذا لأجهزة الإعلام العربية، والخوف من أن يحدث نفس الشيء جعل كثيراً جداً من القواعد السياسية حتى خارج المؤتمر الوطني تبادر بترشيح الرئيس، لذلك ترشيحه جاء من الولايات ومن قواعد حتى خارج المؤتمر الوطني.
*هل هذا كافٍ لتراجع من يريد الترشح داخل الحزب من خلال دعم تياره له في المؤتمر العام للحزب القادم ؟
اعتقد التأييد الذي حدث قضى على أي تطلعات داخل عضوية الحزب أو داخل قياداته في أن تترشح كما وجد الحزب نفسه مضطراً لأن يقبل رغبة القواعد في الولايات وخارج مؤسسات الحزب في ترشيح الرئيس.
* إذن لا توجد تحديات داخل الحزب تواجه ترشيح الرئيس؟
اعتقد أنه تم حسم الموضوع داخل الحزب لأن مؤسسات الحزب بالإجماع اختارت الرئيس، إذا كان هناك تحدٍ سيأتي من جهتين الأولى إلى أي مدى الناس راغبة في إجراء الانتخابات القادمة ومقتنعون بجدواها، وهل الإقبال عليها سيكون بالنسبة المطلوبة هذه ناحية. والناحية الثانية ربما تبرز تحديات من جهات معارضة.
*العام 2018 شهد تدهوراً مريعاً للاقتصاد ما السبب؟
والوطنية في نفوسهم هكذا تبنى الأمم، أما أن نظل نتلفت وننتظر رضا أمريكا ووصول المساعدات الخارجية، فهذا لا يبني وطناً وعلينا أن نعلم أن القوى المهيمنة اليوم لإحكام الحصار الاقتصادي على السودان من جانب أمريكا وحلفائها، والذي تصاعد من العام 2014م ،وأجبر حتى الأصدقاء على وقف التعامل المصرفي مع السودان ،وهددهم بعقوبات قاسية في حالة عدم امتثاله لأوامره.
ثانياً :فشل المسؤولين في القطاع الاقتصادي ومؤسساته الحكومية في مواجهة هذه السياسة العدائية بسياسات مبتكرة وشجاعة تتفادى نتائجها الكارثية.
{ماهي الخيارات الممكنة للخروج من الأزمة؟
قرارات شجاعة وصعبة وقاسية ترتكز على خطة تنموية تستغل مواردنا الغنية والعمل المضني والمتواصل والتضحية والجهد والعرق والاعتماد على الذات وبث روح العمل والتضحية في نفوس الناس والهامهم بإذكاء الحماسة الروحية تريد للسودان أن يقف على رجليه لأنها لا تريد دولة قوية في المنطقة. لقد صرحوا بهذا مراراً ولكننا لا نقرأ. فإذا نظرت إلى ما وصل إليه حلفاؤهم في المنطقة من إذلال وهوان ناهيك عن العراق وسوريا وليبيا لوضحت الصورة لديك.

*برأيك لماذا لم تقف بعض الدول الإقليمية التي يربطها تحالف مع السودان في أزمته الاقتصادية؟
الدول المعنية لا يمكن أن تفسد على الأمريكان حصارهم الجائر على السودان لن يستطيعوا لأنهم سيعاقبون لكن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، يستطيع لذلك أشعلوا ضده حرباً اقتصادية ليكبلوه ويشغلوه بنفسه.
* الرئيس في تصريح حديث قال إن حزبه حركة إسلامية، ولن يتخلوا عن الشريعة إلى من يوجه رسالته برأيك؟
الشعب السوداني لن يقبل بعد اليوم برئيس أو حزب لا يعبر عن إيمانه وشريعته الإسلامية، لأن هذه هي هويته وكيانه وصلته بالله، وهي دنياه وآخرته فلابد لأي مرشح للرئاسة أن يعبر عن ولائه وتمسكه بدين الشعب وعقيدته وشريعته، فالخطاب موجه للشعب السوداني أولاً ولقواعد الرئيس التي ساندت برنامجه القائم على
كل العلاقة هل درسنا ذلك وعملنا له، أما نجاح دور السودان فأنا متفائل وحتى الآن حققنا نجاحاً ملموساً لكن النجاح النهائي رهين بدور طرفي النزاع أيضا فلا يمكن للسودان وحده أن يحقق السلام المستدام
المبادئ الإسلامية.
*هل هناك أمل في علاقة قوية بين دولتي شمال وجنوب السودان على خلفية دعم السودان للسلام في الجنوب؟
أرجو أن يكون ما حدث منذ الانفصال في كلا البلدين قد أقنع دعاة الانفصال بخطأ حساباتهم، لأن هذا العصر هو عصر الاقتصاديات الكبرى والمتكاملة وعصر التجمعات السياسية الكبرى، أنت لن تساوي شيئا إذا كنت صغيراً واقتصادك غير متكامل وتعتمد على غيرك الإمبريالية تعلم ذلك ولذلك تقسم المقسم وتفتت المفتت كي تخلق عالماً من الدول الصغيرة والضعيفة والهشة حتى تتحكم في العالم، كلانا عانينا اقتصادياً وأمنياً بسبب الانفصال ـ كم نحتاج من الوقت لكي نستوعب هذا ونراجع موقفنا؟.
*هل تتوقع أن تكون العلاقة جيدة مستقبلاً؟
أنا متفائل بقيام علاقة جيدة مع دولة الجنوب، فقد وعوا الدرس ووعيناه.. لكن ما هو؟.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية