ممثل مجموعة المعتقلين السياسيين المعارضة باتقاقية الخرطوم ،”دينق الور”، في حوار مع (المجهر) (2-2)
· لا بد من تغيير طريقة الحكم وممارسة السُلطة لدى الفرقاء الجنوبيين، فالسُلطة تسخر لخدمة المواطن ورفاهه.
*الديمقراطية الحقيقية هي الطريق الذي يعيد الثقة المفقودة بين المواطن والحكومة
*يرى البعض صداقتي مع دول الإقليم والمجتمع الدولي وبعض الأشخاص عمالة
أوغندا لم تتدخل في الأحداث التي جرت بين عامي 2013 و2014
رحيل “جون قرنق” ضربة كبيرة للحركة وللأشخاص الذين لديهم فكر تقدمي
حوار : فائز عبد الله
*الإدارة الأمريكية قالت إنها فقدت الثقة في قيادات الجنوب بعد دعمها لها؟
أمريكا فقدت الثقة منذ زمن في قادة الجنوب، ولها الحق، فقد وقفت مع الجنوب لفترة طويلة، وليس أمريكا وحدها من فقد الثقة، فالمواطن الجنوبي فقد الثقة في قيادته، لجهة أن الأشخاص الذين أوجدوا دولة جنوب السودان المستقلة، هم أنفسهم دخلوا في حرب طاحنة فيما بينهم، وأمريكا كانت طرفاً في تسوية الصراع، وساعدت القيادات بالجلوس معاً، والتوصل بإبرام عدد من الاتفاقيات، وتم خرقها ولم يلتزم أي طرف بها، منظمة الإيقاد والاتحاد الأفريقي أيضاً ساعدا الجنوب في التوصل إلى الاتفاق، ولكننا لم نلتزم وعشرات الآلاف من المواطنين قتلوا تحت قيادات حكومة الجنوب الحالية، دون أدنى تأنيب ضمير. الحرب والقوة استخدمت للبقاء في السُلطة لا من أجل الوطن والمواطن، أو من أجل قضية، والحرب التي اندلعت في الجنوب من أجل مصالح قيادات بعينها، لجهة اعتقاد بعض القيادات أن السُلطة طريق لكسب المال، ولكن السُلطة مفسدة لبعض القيادات وتتسبب في غض النظر عن المجتمع.
*كيف يتم استعادة هذه الثقة في ظل الشكوك بين القيادات ؟
أولاً لابد من المصالحة الشاملة لكل أفراد وقيادات المجتمع، مصالحة جدية، وأن يغير الجميع طريقة فهم الحُكم وممارسة السُلطة، فالسُلطة تستخر لخدمة مصالح المواطن ورفاهه، وليس لخدمة الأقلية من القيادات (الشوية)، ممارسة الديمقراطية الحقيقية هي الطريق التي تعيد الثقة للمواطن ويعيد الثقة في الحكومة، فالمواطن هو من يختار قيادته. والسُلطة تستخدم لرفاه المواطن وليس ضده ولابد للحكومة من مراجعة تعاطيها مع القضايا القومية.
*هناك اتهام لبعض دول الجوار أن لديها مصالح في الجنوب؟
كل الدول المجاورة لها مصالح في الجنوب، وجنوب السودان لديه مصالح ايضاً في دول الجوار، والجنوب لديه مصالح في السودان والسودان لديه مصالح في الجنوب، وكذلك يوغندا وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى والكنغو وكينيا ودول في المحيط الإقليمي ودول الغرب وأمريكا لديها مصالح، وهذه المصالح تختلف وترجع لنظرة أي دولة في تحقيق مصالحها وكذلك أي دولة تريد تحقيق مصالح والجنوب ايضا ذلك.
*البعض اتهم “موسيفيني” بلعب دور في تأجيج الصراع؟
“موسيفيني” لم يدخل الجنوب في عامي 2013 م أو 2014م، بيد أن المعارضة اتهمته أنه وقف إلى جانب أحد طرفي الصراع، وهي قوى موازية تابعة للرئيس “سلفا كير” وهذا سبب له مشاكل كبيرة وسط قطاع كبير من الجنوبيين، خاصة وسط بعض المثقفين والسياسيين الجنوبيين الذين انه يرون لولا تدخل “موسيفيني” لكن الوضع مختلفاً في الجنوب.
*”دينق الور” متهم ، هو الآخر ، بأنه عميل لقوى خارجية؟
(أي عمالة؟!!، العمالة خشوم بيوت) أنا رجل وطني، ولدى علاقات إقليمية ودولية بدأت منذ أيام انضمامي للحركة الشعبية، فقد كنت مسؤولاً عن ملف الحركة الشعبية بالخارج لعدة سنوات، ولجعل دول الإقليم والمجتمع الدولي تساند قضيتك وتدعمها لابد من عقد صداقات وعلاقات جيدة معها، ولدى علاقات مع أشخاص ومسؤولين في الاتحاد الأفريقي وعلاقات قوية داخل منظمة الإيقاد والغرب وأوروبا وأمريكا.
أنا شخص جداً سواء مع أشخاص أو حكومات اقدر العلاقات واحترمها ، ولذلك بعض الأشخاص يرون هذه الصداقات مجرد علاقات عمالة للاتحاد الأفريقي وعمالة لأمريكا..وهذا ليس صحيحاً.
*هل ستقدم دول الاتحاد الأفريقي والإيقاد وأمريكا دعماً لتنفيذ هذا الاتفاق ؟
الأتفاقية التي وقعنا عليها في الخرطوم وأديس أبابا مكلفة جداً، والتقديرات تقول إن تكلفتها تصل إلى ملايين الدولارات، ويمكن بلايين الدولارات، بيد أن الدول الأوربية وأمريكا رفضت تمويل تنفيذ الاتفاقية، وقالت إنها لن تدعم هذا الاتفاق ولن تموله، وأفريقيا ودول الإيقاد ليس لديها القدرة المالية لكي تنفذ أو تساهم بأموال لتنفيذ هذا الاتفاق، وارى أن العبء الأكبر سيقع على حكومة جنوب السودان وعائدات البترول وأموال البترول ستذهب لتمويل هذا الاتفاق ولمدة ثلاث سنوات، ومن ثم يجئ النظر إلى مشاريع التنمية وتنمية الموارد والبنية التحتية.
*هل الدولة بها مؤسسات قادرة على قيادة المرحلة الانتقالية؟
هذا الاتفاق يحل مشاكل وقتية، ويحاول وضع أساس وفصل بعض المؤسسات بالدولة، فالمؤسسات الأمنية تفصل عن المؤسسات السياسية، للتأكيد على سيطرة المؤسسة السياسية وهيمنتها وأن تتبع المؤسسة الأمنية للمؤسسات السياسية إذا كانت أمنية (أو أي شيء).
سنركز في المرحلة المقبلة على تأكيد خضوع المؤسسة الأمنية للمؤسسة السياسية، وتكون خاضعة لأي سُلطة أو نظام أو حكومات قد تأتي إلى الحُكم سواء كان حركة شعبية أو أي حزب آخر، في الفترة المقبلة سنحاول بأن نركز على عدد من المؤسسات، ولكي تخلق مؤسسات قوية لابد من إخضاعها إلى المؤسسة السياسية لجعلها مؤسسات قوية.
*الآن هناك أكثر من جيشين في دولة واحدة هل هذا سيعيد سناريو حرب 2013م ؟
هو نفس النظام 2015م كان هناك جيشان ولأن هناك أكثر من جيشين في هذه الفترة، اتفقنا أنه خلال الفترة الانتقالية التي مدتها ثلاث سنوات وثمانية شهور، يتم تكوين حكومة يكون لها نواب في الأجهزة الأمنية ونواب سياسيون ونحاول أن نؤسس جيشا قوميا قويا خلال الفترة الانتقالية، ووضع نواة لجهاز الأمن ويستمر حسب اللوائح والقوانين المتفق عليها، نحن (64) قبيلة فإذا لم تكن كلها موجودة في المؤسسات نريد أن يكون ثلاثة أرباعها في مؤسسات الدولة وأن ترى نفسها في الجيش القوي.
*هناك تقارير تم تسريبها وأكدت وجود اختلاسات وفساد مالي.. وتم اتهام “دينق الور” وآخرين؟
أولاً اقر بأن هناك تجاوزات كبيرة في المال العام، ليس دفاعاً عن نفسي، ولكن على الإطلاق لست منهم، كان لدى رأي سياسي معين وكنا مجموعة نرفض هذه التجاوزات وتم التحقيق معنا، ونحن اثنان لم يجدوا ضدنا شيئا وهذه كانت تهمة سياسية للتخلص من “دينق الور” وقالوا (إذا ضربنا “دينق الور” هناك مجموعة كبيرة ستضرب وتخاف) وأخضعت للتحقيق، وأخرجت من الحكومة ولم يجدوا شيئا فسكتوا.
وهي تهمة سياسية، وعندما ذهبنا إلى المحكمة لم تكن هناك أي جريمة، لذلك أغلقوا الملف.
وتم إقصائي من الحكومة، أنا وآخرين، لأننا كنا مجموعة لها رأي سياسي ونشكل خطراً على كشف هذه التجاوزات.
وكانت هناك مجموعة يعتقدون (إذا ضرب “دينق الور” هناك مجموعة كبيرة ستضرب) لذلك حاولوا أن يسكتونا ويطردونا من الحكومة من أجل مجموعة منتفعة.
*من وراء التهم التي وجهت إليك؟
القمة السياسية داخل الحركة وكان صراع داخل الحركة الشعبية، وكان هناك تخويف وخوف من مجموعة أطلق عليها أولاد “قرنق”، كانت المجموعة تؤمن بخط معين وهو التحول الديمقراطي، وكان هناك أشخاص ضد هذ التحول وضد مشروع السودان الجديد وضد الديمقراطية، وتم إقصاؤنا لمطالبتنا بالديمقراطية، طرد “دينق الور” والآخرين لأنهم يتحدثون عن الشفافية قالوا وناس مثل “دينق الور” اسكتوهم وامنعوهم عن الحديث، وتم اتهامنا بمحاولة تدبير انقلاب، وقتلوا أشخاصاً ليس لهم ذنب، أبرياء، وأشعلوا حرباً إثنية بين الدينكا والنوير لا معنى لها من أجل مجموعة مستفيدة من الوضع ولا تزال.
*هل هناك جدية من الأطراف لنجاح هذا الاتفاق؟
هناك خلاف حول عدد الولايات، خاصة تقسيم الولايات إلى (32) ولاية وخلاف حول عدد نواب البرلمان (550) عضواً برلمانياً هذا ضغط على الحكومة والمواطن، والمواطن يتطلع أن تقدم له خدمات على أساس هذه الأموال، وكنا نقول إن (32) ولاية كبيرة، وخرق لاتفاقية 2015م والاتفاقية تتحدث عن (10) ولايات وحتى في تقسيم السُلطة تتحدث عن (10) ولايات، والرئيس “سلفا كير” خرق الاتفاقية وأصدر قراراً جمهورياً بتقسيم الولايات إلى (32) ولاية، وكنا نطالب بأن يتراجع عن القرار، وقلنا هذا خرق للقانون وللأسف حتى الأشخاص الذين يساعدون لم يستطيعوا إقناع الرئيس “سلفا كير” لكي يتراجع عن موقفه غير القانوني، وقالوا في النهاية (الناس تذهب إلى استفتاء وعندما عملت (32) ولاية لم تأتِ بالاستفتاء) وبالرغم من مطالبنا لم نلق مساعدة قوية من مجموعة الإيقاد، وإن شاء الله، حسب ما اتفقنا عليه نحاول أن نعالج ونتجاوز الخلافات.
*هل صحيح أن الحركة فقدت البوصلة الرئيسية برحيل “جون قرنق” وأصبحت تتخبط ؟
فقد “جون قرنق” ضربة كبيرة للحركة ولجنوب السودان وللأشخاص الذين لديهم فكر تقدمي بصورة عامة وفكر تقدمي بأنك تفكر في أن تخدم المواطن، لابد يكون لديك تصور سياسي والفكرة لا زالت موجودة وإن ضرب “جون قرنق” في القيادات ونحن الذين نؤمن بهذا الفكر ضربنا.
*لماذ أقصيت “ربيكا قرنق” من المشهد السياسي؟
محاولة لضرب أي شخص له علاقة مع “جون قرنق” والرئيس نفسه كانت لديه علاقة مع “جون قرنق” ودخلت عناصر للتأثير عليه بأن أضرب أبناء “قرنق”. وأحدثت هذه العناصر تحولاً كبيراً وأثرت على القيادة وأخرجتها عن فكر الدكتور “جون قرنق”.
*رسالة توجهها إلى قيادات الحركة الشعبية وأبناء الجنوب؟
أولاً أشكر السودان على مساعدته قيادات الجنوب للتوقيع على اتفاق السلام وكذلك الإيقاد وأقول لهم لدينا أمل كبير وأن تقف معنا هذه المنظمة، إلى أن ينفذ الاتفاق على الأرض. ولقيادات جنوب السودان أقول إننا دخلنا في اتفاقيات كثيرة ورجعنا إلى الخلافات العنيفة، وتعاملنا معها بطريقة الأجهزة الأمنية، وأنا أرى أن تعمل قيادات الحركة الشعبية، هذه المرة من أجل مصلحة المواطن.