أخبار

من قلب دارفور

منذ يومين نتواجد في قلب ولايات دارفور منطقة شمال دارفور حيث الصحاري الممتدة ، والخريف الدفاق الذي تنزل هذا العام على هذه المنطقة خيراً وبركة، وعادت إلى القرى المتناثرة طمأنينتها بفضل التدابير الأمنية لقوات الدعم السريع التي بسطت الأمن في نطاق واسع جداً في دارفور.. مررنا أمس مع وفد اتحاد أصحاب العمل برئاسة “سعود البرير” وعدد من كبار رجالات المال والأعمال بدعوة من شركة الجنيد.. مررنا على مناطق شمال كتم (دونكي البعاشيم، ووادي الزرق، المجور السبعاني) وهي مناطق خرجت لتوها من رماد المعارك وقاطعت السلاح والموت وخراب الديار وهلاك الأنفس والمحل والقحط ، وعادت لهذه الديار بعض ملامحها القديمة تصنع الأسواق على حلتها .. سامرنا الناس.. تحسسنا آلامهم وأوجاعهم وتطلعاتهم ورغباتهم بحياة حرة كريمة وأمن مستقر وخدمات .. وتحدث الوفد للناس عن شراكة بين رجال المال والأعمال وبين قوات الدعم السريع في إعادة الإعمار وتوفير سبل العيش الكريم لمناطق عانت كثيراً من جور التمرد وظلمه وطغيانه على مواطنين بسطاء لا شأن لهم بالصراع السياسي ولا منفعة يرجونها من المعارك والصراعات والحروب.. المناطق الواقعة في شمال دارفور لم يزرها رئيس ولا مسؤولون من القصر ولا وزراء في الحكومة الاتحادية ولا حتى ولاة دارفور المتعاقبين باستثناء الوالي الجديد “الشريف عباس”، الذي زار بعض المناطق، ولكنه لم يصل بعد لمناطق وادي هور الذي انطلقت منه عملية الذراع الطويل التي قامت بها قوات حركة العدل والمساواة ووصولها حتى أم درمان.. لكن الآن ينتشر في بقاع ذلك الوادي المئات من الجنود المرابطين سداً للثغور وحماية للأمن القومي، وحتى هنا فإن وجود قادة اتحاد أصحاب العمل “سعود البرير ويوسف أحمد يوسف وبشير الكارث وعثمان التوم وعبد الرؤوف” (وادي الجندي)، في مثل هذه المناطق ودعمهم للاستقرار فيها يشكل تطوراً مهماً وسابقةً إيجابيةً وبادرةً تستحق دعمها والإشادة بها.. مطلوب من حكومة “معتز موسى” رئيس الوزراء الجديد الانتقال من النظر أسفل قدميها والانفتاح إلى الريف والأصقاع البعيدة وحل مشكلاتهم، والجلوس معهم بعيداً عن التقارير الكاذبة فإنها ستنال رضاء قاعدة عريضة من الناس، لأن السودان ليس الخرطوم، ومشكلات البلاد ليست الرغيف والبنزين والغاز، ولكن هناك ثروات وإمكانيات وموارد في الريف تحتاج إلى تسويق وتطوير، وهناك من يبحثون عن مساعد طبي وليس أخصائي ليعالج سقمهم وآلامهم .. المطلوب من هذه الحكومة فاعلية الأداء والنظر للسودان الكبير بعين فاحصة وليس الانكفاء على (الحلّال) الثلاثة كما قال المرحوم “بابو نمر” في إشارة إلى بحري والخرطوم وأم درمان، عندما كان يحث الرئيس الراحل “جعفر نميري” على الاهتمام بقضايا الريف وحل مشكلاته.
وحتى نستدل على ما تعانيه تخوم الريف فإن هذه الزاوية استقبلتها الزميلة “أروى بابكر” من خلال اتصال هاتفي عبر الأقمار الصناعية حيث لا شبكة ولا هاتف اتصال محمول ولا ثابت ولا وجود لشركات الاتصالات الثلاث زين – سوداني – MTN في مساحة جغرافية تمتد لأكبر من مساحة دولة تونس ، فهل من دليل على إثبات أننا لا نزال بعيدين عن الحلم المتبقي أكثر من هذا؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية