الخرطوم ـ رقية أبو شوك
تعديلات وتقليص ودمج وإلغاء، كانت سمة أساسية للحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة وكان لوزارات القطاع الاقتصادي النصيب الأكبر، سيما وأن الحكومة الجديدة برئاسة رئيس مجلس الوزراء “معتز موسى” جاءت وفق برنامج محدد ومواقيت محددة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية وأوجه القصور في الأداء التنفيذي، لذلك جاءت تتسق وحجم التحدي، وكان لـ(التكونقراط) نصيب في هذه التعديلات، حيث كانت المفاجأة الأكبر اختيار الخبير الاقتصادي في المؤسسات الدولية الدكتور “عبد الله حمدوك” لوزارة المالية، الذي اعتذر قبل اكتمال مراسم أداء الوزراء للقسم عن اعتذاره عن التكليف، وكذلك ترفيع وكيل وزارة الري “حسب النبي موسى” إلى وزير لوزارة الزراعة والغابات، مع الإبقاء على أصحاب الخبرات.. وقضى التشكيل بدمج وزارة الصناعة مع التجارة، والثروة الحيوانية والسمكية مع الحياة البرية، والإعلام مع الاتصالات وتقانة المعلومات، والنفط والغاز مع المعادن، الثقافة مع السياحة والآثار، ووزارة العمل مع الإصلاح الإداري والتنمية البشرية.. (المجهر) قلبت في الحقائب الجديدة والوجوه القادمة.. سيرة الأداء والخبرات بالتركيز على أهم وأبرز الملامح فيما يختص بوزراء الحقيبة الاقتصادية.
الركابي ومبارك الفاضل ابرز المغادرين ..
التشكيلة الجديدة كان أبرز ملامحها مغادرة وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الفريق أول “محمد عثمان الركابي” وتعيين د. “عبد الله حمدوك” خلفاً له والذي يعد خبيراً اقتصادياً كما أنه من خبراء الأمم المتحدة، وعدّ تعيينه من المفاجآت.. واعتمد التشكيل “طارق حسن شلبي” و”ناجي الشريف بابكر” كوزيرين للدولة بالمالية، ويعدّ “ناجي”، الذي تخرج في كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم ليكون بديلا لـ”مجدي حسن يس” الذي ينتمي لحزب “الدقير”، يعدّ من الوجوه الجديدة في الحكومة.
كما غاب عن التشكيل الوزاري “مبارك الفاضل” وألغيت وزارة الاستثمار، وكان قد تردد خلال الأيام القليلة الماضية حديث عن هيكلتها وتحويلها إلى هيئات.. وألغيت أيضاً وزارة التعاون الدولي وربما ستحول إلى إدارة من إدارات وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي كما كان معمولاً به في السابق، حيث لا تزال هنالك إدارة للتعاون الدولى بالمالية ترعى الاتفاقيات.. وتم الإبقاء على وزارة الثروة الحيوانية والسمكية وأضيفت لها الحياة البرية، وذلك بالرغم من أن هنالك حديثاً تم تداوله قبيل إعلان التشكيل الوزاري عن دمجها مع وزارة الزراعة والغابات لتتولى الجانب الحيواني والنباتي، إلا أن مراقبين أشاروا إلى أن الإبقاء عليها جاء لأهميتها خلال المرحلة المقبلة خاصة وأن البلاد تعوّل كثيراً على صادرات الثروة الحيوانية والوصول بعائداتها خلال العام 2020 إلى (10) مليارات دولار، وذلك بعد تأهيل وإنشاء عدد كبير من المسالخ ومن ثم التحوّل إلى الصادر المصنع بدلاً عن الصادرات الحية فيما عدا صادر الهدي..
وانتقل وزيرها السابق “بشارة جمعة أرو” الذي ينتمي لحزب العدالة إلى وزارة الإعلام والاتصالات وتقانة المعلومات بعد دمجها مع وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات خلفاً للدكتور “أحمد بلال” الذي تم تعيينه وزيراً للداخلية، وتم وفقاً لذلك الانتقال تعيين “أحمد فضل عبد الله” الذي ينتمي لحزب “السيسي” وزيراً للثروة الحيوانية والسمكية والحياة البرية. وكما هو معروف فإن “فضل” كان يشغل منصب وزير بمجلس الوزراء، وجاء “الصادق محمد علي” وزيراً للدولة بالثروة الحيوانية، وقد شغل “الصادق” منصب وزير دولة بالزراعة، وتم إبعاد “رابح” و”مبروك” كوزيري دولة من الثروة الحيوانية.
وزير النفط يحتفظ بحقيبته..
التشكيل الوزاري أبقى على وزير النفط والغاز المهندس “أزهري عبد القادر عبد الله” بعد أن دمجت وزارته مع المعادن لتصبح وزارة النفط والغاز والمعادن.. وأشار الخبراء إلى الإنجازات التي حققها “أزهري” في مجال النفط خاصة فيما يتعلق بضخ نفط الجنوب الذي تم قبل موعده المحدد بأسبوع، إضافة إلى العمل الدؤوب في وزارته في مجال الاستكشاف النفطي والشروع في إرجاع السودان إلى مربع إنتاج النفط بقوة.. كل هذا حدا بالقيادة إلى الإبقاء عليه ليواصل ما بدأه.
كذلك احتفظ المهندس “سعد الدين البشرى” بمقعده بوزارة النفط والغاز كوزير للدولة من حزب المؤتمر الشعبي وعُيّن أيضاً “عوض ضحية” كوزير للدولة بالنفط والغاز والمعادن. واحتفظت وزارة الصناعة بوزيرها “موسى كرامة” من حزب المؤتمر الشعبي بعد أن تم دمجها مع التجارة، لتصبح وزارة الصناعة والتجارة، واعتمد المكتب القيادي “أبو البشر عبد الرحمن” وزيراً للدولة بالصناعة والتجارة، وانتقل وزير التجارة “حاتم السر” الذي ينتمي إلى الاتحادي الديمقراطي الأصل إلى وزارة النقل والتنمية العمرانية بعد أن دمجت التجارة مع الصناعة.
وزارة الري والموارد المائية والكهرباء التي كان يتولى مهامها “معتز موسى” الذى عُيّن رئيساً لمجلس الوزراء القومي حظيت بأحد أبنائها المهندس “خضر قسم السيد” وزيراً لها بعد أن كان يشغل وزير الدولة والمدير العام لوحدة تنفيذ السدود، وتطابق تعيينه مع ما تم تداوله بأن وزيرها سيأتي من بيتها.. وجاء وزير الزراعة والغابات الجديد “حسب النبي موسى” من ذات الوزارة حيث كان يشغل منصب وكيل الري بها الأمر الذي يؤكد هنا معرفة رئيس الوزراء بأداء منسوبيها عندما كان يتولى الوزارة لذلك تم اختيارهم وفقاً لهذا الأداء، وذلك حسب خبراء، فقد تم اختيار اثنين من منسوبيها كوزيرين وعُيّن “إبراهيم حمد علي التوم” وزيراً للدولة بها، فيما عُيّن “عثمان نهار” وزيراً للدولة بوزارة الزراعة والغابات.
ترفيع وزراء دولة ..
المهندس “خضر قسم السيد”.. تقول سيرته إنه تخرج في كلية الهندسة المدنية جامعة الخرطوم في العام 1982م وحصل على ماجستير في هندسة التربة وعمل في معهد بحوث البناء والطرق والطيران المدني كما عمل بالمملكة العربية ليعود ويعمل نائباً للمهندس المقيم بمشروع سد مروى ومهندساً مقيماً لمشروع تعلية الروصيرص ومديراً للمشروعات بوحدة تنفيذ السدود، وهو عضو اللجنة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل واللجنة القومية لدراسة آثار سد النهضة الإثيوبي وعين في العام 2016م مديراً عاماً لوحدة تنفيذ السدود وفقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم (334) للعام 2016م.
إلى ذلك، وفور إعلان التشكيل الوزاري ضجت الأسافير بالسيرة الذاتية لوزير المالية د. “عبد الله حمدوك” الأمر الذي يؤكد اهتمام الشارع السوداني بتفاصيل وزير المالية أكثر من أي وزير آخر باعتبار أن وزارة المالية هي أم الوزارات كما أنها المنوط بها إخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها الآن
وحسب مساعد رئيس الجمهورية لشؤون الحزب د. “فيصل حسن إبراهيم” وهو يتلو قائمة التشكيل الوزاري فإن “حمدوك” خبير اقتصادي وعمل بالأمم المتحدة ويعمل حالياً بمكاتب الاتحاد الأوروبي بأديس أبابا في إشارة منه للتعريف به، خاصة وأن غيابه عن العمل العام بالسودان جعل الكثيرين لا يعرفونه خاصة الأجيال الحالية.
تساءل خبراء.. هل يستطيع الرجل أن يخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها؟؟ إلا أنهم في ذات الوقت أعربوا عن أملهم في إصلاح الاقتصاد خاصة وأن رئيس مجلس الوزراء “معتز موسى” أكد أن من أولويات العمل خلال هذه المرحلة، التي قال إنها (400) يوماً أي ما يعادل (3) آلاف ساعة وذلك قبيل دخول العام 2020 والذي سيأتي بتشكيلة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية.. أكد أن من الأولويات الإصلاح الاقتصادي واستقرار سعر الصرف وخفض التضخم.