حوارات

عضو المجلس الوطني عن الاتحادي الديمقراطي الأصل “أحمد الطيب المكابرابي”

* الشعب لا تعنيه الأسماء يريد أن تنعكس القرارات على قفة الملاح

* تشكيل حكومة رشيقة مسألة مطلوبة على أن تتجاوز الأشخاص إلى الفكرة كنا نتوقع حكومة تكنوقراط

* الشراكة في الحكومة لم تعبر عن جماهير الاتحادي الأصل فبات الحزب في اتجاه وقواعده في اتجاه

*الثقة باتت مهزوزة بين المواطن والقيادة السياسية

حوار: سوسن يس

دعا الأستاذ “أحمد الطيب المكابرابي”، رئيس الجمهورية، إلى أن يتبع القرارات الخاصة بتخفيض الوزراء، بمزيد من القرارات التي تتجاوز الشخوص، وتخاطب جوهر الأزمة الاقتصادية والسياسية، وأشار إلى أن الشعب السوداني لم يعد يهتم بالأسماء ولا بالقرارات، ولكنه يتطلع إلى أن تنعكس القرارات الأخيرة في قفة الملاح والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تحيط به، وتساءل “المكابرابي” في حوار أجرته معه (المجهر) حول القرارات الأخيرة المتعلقة بحل حكومة الوفاق الوطني، وإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي، تساءل ما إذا كانت القرارات خاطبت جوهر الأزمة وجوهر القضايا المهمة مثل قضيتي الحرب والسلام؟ وهل ستكون المعالجة لأزمات البلاد؟ وهل أرضت القرارات الذين بالخارج؟ هل ستجرى الانتخابات؟ وهل القرارات ستجعل الآخرين يشاركون في الانتخابات؟ ثم أضاف: (هذه أسئلة مهمة كان لابد للقرارات الأخيرة أن تستصحبها وتجاوب عليها، وقال الناس كانوا يتوقعون موقفاً حيادياً من الرئيس بتشكيل حكومة تكنوقراط لفترة محدودة وتهيئة المناخ لانتخابات حُرة ونزيهة، لو فعل الرئيس ذلك، فهذه كانت ستكون خاتمة كبيرة لرئيس عظيم)
إلى ذلك، تكهن “المكابرابي” بأن يكون للخطوة ما بعدها مؤكدا أن هناك تجاذبات تجري الآن على مستوى التنظيم، ولوبيات تعمل في صمت وقال: (نحن موجودون في ظل مشهد يبدو على سطحه الهدوء ولكن في داخله يعتمل صراع مجموعات خطير، وعدم الرضا والتململ داخل التنظيم واضح والحركة الإسلامية عدم رضاها واضح وهناك من سيتضررون من هذه القرارات وقد يفضي الأمر إلى شكل من التدخلات عنيف).

إلى مضابط الحوار:

* أستاذ “أحمد المكابرابي” كيف قرأت القرارات المتعلقة بإعادة هيكلة الحكومة وتخفيض الوزارات؟

— في تقديري، الشعب السوداني في الفترة الفائتة كان مهيئاً، وكان ينتظر قرارات كبيرة تفك هذه الأزمة الاقتصادية، باعتبار أن الوضع الذي تمر به البلاد الآن وضع غير طبيعي، ووضع استثنائي يجب أن يتم التعامل معه بطريقة استثنائية، فكان لابد من القيام بإجراءات ومعالجات كبيرة، وفي تقديري يجب أن ترقى المعالجات لمستوى قرارات ضخمة أكثر من قرارات تغيير الشخوص، صحيح مسألة تخفيض الوزارات وتقليل الإنفاق الحكومي بتشكيل حكومة رشيقة هذه مسألة مطلوبة، لكن يجب أن يتجاوز الأمر الشخصيات إلى تغيير عميق على مستوى الفكرة، الناس كانوا يتوقعون من الرئيس وخاصة أنه موجود في موقع مضطرب بصراع الأيدولوجيات وصراع الأفكار والمجموعات التي تتصارع وتتجاذب على مستوى الأفكار، الناس كانوا يتوقعون منه أن يتخذ موقفاً حيادياً بتكوين حكومة تكنوقراط محايدة، لفترة محددة ثم يهيء المناخ لانتخابات حُرة ونزيهة، لو فعل ذلك فهذه كان ستكون خاتمة كبيرة لرئيس عظيم ومن الممكن أن تمسح هذه الخطوة كل نقاط الظلام التي كانت في المسيرة الفائتة، والأمور كانت ستسير في المسار الصحيح.

* في تقديرك هل من الممكن أن يحدث هذا كخطوة تالية لهذه القرارات؟ وهذه القرارات المعلنة هل ستمضي بسلاسة وتحقق غرضها؟

— عموما هذا لم يحدث، وحتى الآن لم يعلن عن الحكومة الجديدة، لكن ما رشح من حديث عن تخفيض الحكومة لتقليل الإنفاق اعتبره بداية لعودة بعض الوعي.. يجب على الرئيس أن يستوعب معطياته بصورة جيدة وهو المسؤول المباشر، لكن يبدو أنه وبينما يقوم الرئيس بهذه الخطوة، تجري هناك تجاذبات على مستوى التنظيم (هو عامل ليها حساب).. لكن على الرئيس ألا يذهب خطوتين ثم يرجع فيبدو كالمتردد، فالتردد ربما يكون مدخلاً للذهاب بحكمه، يجب على الرئيس إذا عزم أن يتوكل على الله ويخطو خطوات كبيرة تخاطب وتستوعب تطلعات رجل الشارع السوداني البسيط.

* هل تتوقع أن يكون للخطوة ما بعدها؟

— أتوقع أن يكون لهذه الخطوة ما بعدها، هذه الخطوة قد لا ترضي البعض وقد تثير بعض اللوبيات التي تعمل في صمت وقد تجعلها تستعجل بعض الخطوات.
عموماً نحن موجودون في ظل مشهد يبدو على سطحه بعض الهدوء ولكن في داخله يعتمل صراع مجموعات خطير، وفي تقديري قد يفضي الأمر إلى شكل من التدخلات عنيف من بعض المجموعات غير الراشدة.. هناك أناس سيتضررون نتيجة لهذه الخطوة، خصوصا على مستوى التنظيم وقد لا ترضيهم هذه القرارات.. في تقديري كل المآلات والاحتمالات مفتوحة ومتوقعة.

* الحزب الاتحادي الديمقراطي ما رأيه في الخطوة هل باركها؟

— هي ليست كل الطموح ولكنها بعض المأمول لكن السؤال هو هل ستؤتي هذه الخطوة أكلها ويكون فيها المعالجة لأزمات البلاد؟ هذا يتوقف على شكل أدائها وإلا فستظل إجراءً شكلياً لا قيمة له، فالشعب السوداني الآن يريد أن تنعكس هذه القرارات في قفة الملاح، في الصفوف، في الأزمة الاقتصادية الخانقة في سعر الدولار المتصاعد.. الحياة الآن لا تطاق، واعتقد أن الشعب السوداني لم يعد تهمه أسماء أو قرارات .
أيضا هناك قضايا أساسية مثل قضية الحرب والسلام هذه محتاجة لتضحيات كبيرة وكان من الضروري أن يستصحب هذا القرار هذه القضية.. هل هذا القرار أرضى الذين بالخارج والذين هم خارج الحكومة؟ وهل الانتخابات ستجرى وهل هذه القرارات ستجعل الآخرين يشاركون في الانتخابات المقبلة؟ هذه أسئلة مهمة كان لابد للقرارات أن تستصحبها معها وتجاوب عليها، في تقديري هذه القرارات كان ستجد مباركة من كل القوى السياسية البعيدة عن الحكومة لو عملت بصورة واضحة ولو أعلن عن حكومة تكنوقراط لفترة محددة.

* هناك من يرى أن المشكلة الأساسية هي هيمنة وسيطرة المؤتمر الوطني وهذه الهيمنة لا تزال موجودة في هذه القرارات.. لذلك لن يحدث تغيير؟

— ليس كل الوطني.. المؤتمر الوطني الآن مجموعات لكن يبدو أن تيار الرئيس هو المتقدم وهو الذي يحكم وهو القابض، والآن الكل يتبارى في تقديم الولاء للرئيس حتى يكونوا لاعبين في المرحلة القادمة ويكون لهم مكان في التشكيلة القادمة وهذا في تقديري لا يليق بسياسيين محترمين، الساحة السياسية تحتاج لسياسيين مبدأيين يتحدثون عن الحلول السياسية الحقيقية وليس عن محاولات اختراقات شخصية ليجد كل واحد منهم حظه ويلقى اسمه في التشكيل القادم!
للأسف معظم الأصوات الموجودة الآن تبحث عن موطئ قدم خاص، لذلك تستعجل في تقديم ولائها للرئيس، في تقديري أزمة البلد كبيرة جدا أكبر من هذه القضية والمسؤولية في يد الرئيس، لذلك عليه أن يستوعب القضية الأساسية بأبعادها الحقيقية.

* القرارات اعتبرت أن الأزمة الاقتصادية منحصرة في الإنفاق الحكومي، وهذا غير صحيح فالأزمة أعمق من ذلك.. ألا ترى ذلك؟

– نعم صحيح، وهناك سؤال كبير هل ما سيتوفر من مبالغ نتيجة لهذه القرارات هل سيعالج الأزمة؟ الجانب المشرق في هذه القرارات هو خفض الإنفاق الحكومي، لكن هذا يمثل جزءاً بسيطاً جداً (يعني المبلغ الحيتوفر حيكون كم؟).. أنا اعتقد أن المشكلة أعمق وأكبر، وهذه القرارات كان يجب أن تخاطب قضايا أساسية جداً كقضية الحرب والسلام وكان المأمول أن تخاطب القوى السياسية التي تقف الآن متخندقة بعيداً من الحكومة بحيث تصبح جزءاً من الحياة السياسية وجزءاً من الفعل الإيجابي.
أما بالنسبة لتغيير الشخوص فهذه أصبحت عملية راتبة، ففي كل سنة أو سنتين يتم التغيير وثبت أنه لا يحل مشكلة، لذلك وبحسب قراءتي أثر هذه القرارات سيكون محدوداً، وهذه الخطوة يجب أن تتبعها قرارات على مستوى جوهر البرنامج.. فإذا حدث تغيير في جوهر البرنامج وفي الفكرة أنا اعتقد أن هذا هو المطلوب.

* هناك نواب دعوا إلى ضرورة أن يطال التغيير الهيئة التشريعية القومية.. هل ترى ضرورة لذلك؟

— هذا هو الشيء الطبيعي والمتوقع.. فهذه الوزارات تقابلها لجان مختصة داخل البرلمان وطالما حدث دمج في الوزارات فيجب أن يتم دمج على مستوى اللجان في المجلس الوطني، أنا لا ادري هل هذه القرارات أشارت لهذا أم لا.. لكن هذا هو المتوقع أن يحدث.

* هل تمت مشاورتكم كقوى مشاركة في الجهاز التنفيذي حول مسألة خفض الوزراء؟

تم التشاور مع القوى السياسية بأن سيتم تخفيض حصتها في الجهاز التنفيذي،
وفي الاتحادي الديمقراطي تمت مخاطبة الحزب بأنه سيتم تخفيض 5% من حصة الحزب وهذه المسألة من حيث المبدأ ما عندنا فيها مشكلة فالوقت الآن ليس للمحاصصة وليس لأنصبة القوى السياسية، فهذه ليست هي المعركة، المعركة الآن معركة وطن ومعركة مواطن يكابد في معاشه، وأفتكر أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الآن على استعداد للتخلي عن كل حصته في الجهاز التنفيذي فهذه ليست هي القضية.
ونصيحتنا للرئيس أن يتبع هذه القرارات بمزيد من القرارات التي تخاطب جوهر الأزمة وجوهر القضية ليستعيد ثقة المواطن، فالآن الثقة أصبحت مهزوزة بين المواطنين والقيادة السياسية وهذا لا يبشر بخير.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية