مجرد سؤال

(الاقتصاد) وحتمية المراقبة

رقية أبو شوك

الآن بحمد الله انتهت أزمة الخبز وبات متوفراً في كل الأفران الأمر الذي يفرض التساؤل (من وراء الأزمة؟)أ حيث شهدت العاصمة الخرطوم ولأول مرة في تاريخها أزمة حادة في الخبز قبل وبعد عيد الأضحى المبارك، فبدل أن نتبادل تهاني العيد مع بعضنا البعض أصبحنا نتبادل الحديث حول أزمة الخبز التي ضربت ولاية الخرطوم وجعلت المواطنين يذهبون منذ الفجر إلى الأفران بحثاً عن الخبز ويقفون في الصفوف التي إذا رأيتها حسبتها شيئاً آخر في بلد زراعي من الدرجة الأولى!!
صفوف.. وأفران أخرى مغلقة، وأخرى مشرعة أبوابها وتنتابك السعادة لعدم وجود اصطفاف بها لكن ما يلبث أن يصدمك صاحب المخبز بأن (لا يوجد خبز).. ترجع متحسراً على السودان الذي من المفترض أن يكون سلة غذاء العالم بإمكانياته.
ارتفاع حاد في أسعار مختلف السلع الأساسية والضرورية التي لا مفر منها.. إذ إن الكمالية لا وجود لها في تفكير المواطن أصلاً.. فهل يعقل مثلاً أن يرتفع سعر الطماطم ليصبح (80) جنيهاً والعجورة الواحدة الصغيرة جداً بـ(10) جنيهات والفحم (5 فحمات) بـ(10) جنيهات وكرتونة الشاي ألف جنيه إلا 10 جنيهات، وجوال الدقيق 1200 جنيه بدلاً عن سعره الحقيقي البالغ 550 جنيه؟؟ هل يعقل ذلك.
سياسة التحرير لا تعني فوضى الأسعار.. فلماذا كل هذا الارتفاع الجنوني والانفلات في الأسواق؟ هل عجزنا عن إصلاح اعوجاج الاقتصاد السوداني؟؟ هل سياسة التحرير هي السبب؟ وهل هي التي جعلت التاجر يحدد الأسعار وفق هواه ويحدد تسعيرة يومياً تختلف عن تسعيرة الأمس بالرغم من أن السلع بالرفوف ولم تتأثر بالدولار صعوداً وهبوطاً؟
الدولار ينخفض والأسعار كما هي لم تتغير بل تزيد.. إنتاجنا من النفط يصل (72) ألف برميل في اليوم بدلاً عن (150) ألف برميل في اليوم، حيث كان مقرراً له بعد الانفصال.. إذ إن الانفصال ذهب بـ(350) ألف برميل في اليوم من الإنتاج الكلي البالغ (500) ألف برميل في اليوم، لكننا مستبشرون بضخ نفط الجنوب الذي بدأ الآن بحقل “توماثاوث” بإنتاج (45) ألف برميل من الخام المخلوط بالماء والشوائب الأخرى ليصبح بعد معالجته في مركز المعالجة بهليج (20) ألف برميل في اليوم.
نتمنى أن ينعكس ذلك على الاقتصاد ويؤدي إلى اختفاء الصفوف في طلمبات الخدمة والوصول بالدولار إلى (20) جنيهاً أو كما قال وزير النفط والغاز المهندس “أزهري عبد القادر عبد الله” الذي أحسب أنه اجتهد كثيراً في مجاله.. وهنا لابد أن نشيد بوزير النفط وجهوده الكبيرة للعودة إلى مربع النفط ما قبل الانفصال، ونشيد أيضاً بالمهندسين السودانيين من أبناء وبنات السودان الذين قبلوا التحدي وواصلوا الليل بالنهار من أجل إعادة تشغيل حقول نفط الجنوب، الأمر الذي يعكس لنا أن أبناءنا ما زالوا بخير وأن خبراتهم تصنع المعجزات.
الاقتصاد السوداني يحتاج إلى معالجات جذرية، كما أن الأزمات التي تحدث تحتاج إلى مراقبة ومتابعة لصيقة من الجهات المختصة كافة حتى لا يحدث ما حدث في الخبز.
نعم وضعنا البرنامج الثلاثي والخماسي وحالنا كما هو.. فرحنا بالذهب وكنوز الأرض لكنه يهرّب، وبتنا يومياً نسمع أو نشاهد الأطنان المهربة التي يتم ضبطها عبر الأجهزة الامنية المختصة.. وهنا نشيد بالأجهزة الأمنية وعينها الساهرة من أجل رفعة البلاد.. التحية لهم.
أيضاً عندنا نهر النيل الذي يعدّ كما درسونا بالمدارس أكبر نهر في العالم.. رغم ذلك هنالك أحياء كثيرة على ضفتيه تعاني العطش ومشاريع زراعية تعطلت بسبب شح المواد البترولية، ومواطنون ينقبون عن الذهب ماتوا عطشاً وآخرون نحتسبهم وهم أطفال حيث ابتلعهم النيل، ليرسل النيل لنا رسالة عظة وعبرة (لماذا المراكب لنقل أطفال المدارس)؟؟
التضخم يتجاوز الـ(60%) بالرغم من أن الموازنة الحالية تحدثت عن الوصول به إلى (19.5%).
الاستثمار دون المطلوب، وكذلك الصادرات خاصة صادرات الثروة الحيوانية، حيث إن البلاد تعاني من ضعف تصدير اللحوم المصنعة لأن المسالخ غير مؤهلة، لذلك فوزير الثروة الحيوانية “بشارة جمعة أرو” يجتهد كثيراً من أجل الوصول بعائدات الثروة الحيوانية بحلول 2020 إلى (10) مليارات دولار، وقد وقعت وزارته اتفاقيات إطارية مع عدد من ولايات مراكز ثقل الثروة الحيوانية وحدت الاتفاقية الأهداف، وإذا نفذت هذه الاتفاقية كما هي فإن البلاد موعودة بخير كثير.. فتحقيق فهذا الرقم (10) مليارات دولار لا نحسب أنه مستحيل في ظل الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها السودان من الثروة الحيوانية طالما تتوفر العزيمة والإصرار.. (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).. وكما هو معروف فإن عائد تصدير اللحوم الحية يعدّ ضعيفاً مقارنة مع تصديره مصنعاً.. فالثروة الحيوانية هي المرتجى من بعد الله سبحانه وتعالى لترفد خزينتنا بالموارد الأجنبية وعندما تتوفر الموارد الأجنبية يتوفر كل شيء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية