المجهر – عامر باشاب
{ وداع واستقبال الحجيج أو الحجاج من التقاليد والمراسم الشعبية التي تميز بها السودانيون دون غيرهم من الشعوب الإسلامية، حيث درج السودانيون في مختلف أماكن وجودهم خاصة في البوادي والحضر، القرى والمدن واقتداءً بالسنة النبوية، درجوا على الاحتفاء بكل من ناداهم المنادي لأداء فريضة الحج، وتبدأ الطقوس الاحتفالية بإقامة ليالي الذكر (الليلية)، والذبائح والولائم التي تقام في بيت الحاج أو الحاجة، ومن ثم تبدأ التحضيرات لتجهيزهم بكل الاحتياجات التي تعينهم في رحلتهم إلى الأراضي المقدسة بالحرم المكي والحرم المدني، وفي يوم سفر الحجاج إلى الأراضي المقدسة، يجتمع أهل القرية أو الحلة أو الحي بالمسجد أو الزاوية للمشاركة في مرافقة الحجاج وزفتهم بالدفوف والنوبة والمدائح النبوية والأناشيد الدينية بالتكبير والتهليل والتلبية إلى محطة السفر، إن كان بالبصات أو القطر، وكثيراً ما تستمر الزفة إلى مطار الخرطوم، وإلى ميناء بورتسودان.
{ أما مراسم الاستقبال تبدأ قبل عودتهم بتهيئة بيت الحاج وتزيينه من الداخل والخارج بالأنوار والطلاء الأبيض والأخضر والأزرق، ويحرص الجميع على كتابة عبارات الاستقبال والترحيب والمباركة، والتهاني عند قوائم بوابة المنزل مثل ( حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً)، (يا داخل هذه الدار صلِ على النبي المختار) وغيرها من العبارات العتيقة.
ثم يحتشد الجميع لملاقاتهم إما في محطات السفر أو عند مدخل الحلة أو القرية، واستقبالهم بزفة العودة أيضاً بالدفوف والنوبة والمدائح النبوية والأناشيد الدينية بالتكبير والتهليل، وعند وصولهم لبيوتهم تذبح الذبائح وتعد الولائم وتوزع الحلوى والخبائز والبلح، وتقام ليالي الذكر ويستمر الاحتفال لقرابة الشهر، واستقبال الحجاج من السنن النبوية المؤكدة.
{ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: (يغفر الله للحاج ولمن استغفر له الحاج): وعن عبد الله ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ (إذا لقيت الحاج فسلم عليه وصافحه ومره أن يستغفر لك قبل أن يدخل بيته فإنه مغفور له).
{ أما الآن في هذا العصر المتسارع مع التطور التكنولوجي والتقني وانشغال الناس مع هموم الحياة، اختفت هذه السنة الحسنة وصار الحجاج يغادرون إلى الأراضي المقدسة ويعودون منها في أفواج دون أن يشعر بهم أحد، و يسافرون دون زفة وداع ويعودون بدون مراسم استقبال، وصار الوداع والاستقبال العصري للحجاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي.