الدقيق متوفر ولكن ليس في المخابز !!
أزمة الخبز التي ضربت البلاد خلال الأسبوعين الماضيين وما تزال مستمرة ، هي وجه آخر من وجوه الفساد المستشري في قطاعات اقتصادية مختلفة بالدولة .
الدقيق متوفر في الخرطوم والجزيرة وولايات أخرى ، ولكن في السوق السوداء وبسعر يتجاوز (1000) جنيه للجوال ، بينما لا يتوفر في المخابز ، لأن سعره المفترض (550) جنيهاً ، وهو ما لا يعجب المطاحن ، بما فيها مطاحن (المشروع الحضاري)، التي نشأت في الأصل لتغطية العجز في سلعة إستراتيجية في مثل هذه الظروف القاتمة !!
كيف تسمح السلطات الرقابية المختصة بحركة شاحنات الدقيق من المطاحن إلى الأسواق دون مراجعة تفاصيل استلام المخابز لحصتها ، ثم التأكد من إنتاج المخابز يومياً وفق ما هو معلوم ومتعارف عليه من كميات للجوال (متوسط 800 رغيفة للجوال) .
و طالما أن الدقيق متوفر في السوق السوداء بسعر أعلى ، فهذا يعني أنه يتسرب من المطاحن .. ومن المخابز أيضاً !!
تساهل أجهزة الدولة مع المطاحن، وهي شركات تقوم بعمل تجاري ذي خصوصية وحساسية عالية يتعلق بقوت المواطن ، يعني استمرار حالة الفوضى والمعاناة والضنك التي يعيشها المواطن هذه الأيام .
على إدارات هذه المطاحن .. القديمة والجديدة، أن تدرك مخاطر (البزنس) في قوت الشعب ، وعليها أن تستوعب أنها تتاجر في سلعة (سياسية) لا تحتمل الندرة ولا تقبل التلاعب .
أما دوائر الحكومة، التي تحدثنا عن مبالغ دعم الدقيق اليومية والشهرية ، وعن استلام المخابز لحصصها المقررة ، فعليها أن تعلم أن (حبل الكذب) دائماً قصير .. وقصير جداً .