الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني “فتحي فضل” في حوار مع (المجهر)
لم أقل النظام اشترى بعض أحزاب قوى "نداء السودان" لا أملك معلومة بذلك
الظروف فرضت وجود كبار السن في كابينة قيادة الحزب
المجتمع الدولي بدأ يؤثر سلباً على قوى المعارضة
تحوّل هتاف موكب يناير من (ضد الحرامية) إلى (إسقاط النظام) خطأ
حوار- وليد النور
أثارت تصريحات الناطق الرسمي للحزب الشيوعي السوداني حول أن النظام اشترى بعض قوى “نداء السودان” جدلاً وسط القوى السياسية، لكن “فتحي فضل” قال إن الحديث أُخرج عن سياقه، وقال: (إنا لا أملك معلومة حول شراء النظام لبعض الأحزاب)، بيد أن المعلومة المعروفة أن نظام الإنقاذ منذ مجيئه اشترى بعض الأحزاب للعمل معه منذ قانون التوالي السياسي في العام 1998م وحتى اليوم، فإلى مضابط الحوار.
{ النظام نجح في كسب المجتمع الدولي الذي كانت تراهن عليه المعارضة في مساعدتها لإسقاطه ما موقف المعارضة الآن؟
_ البعض يرى أن النظام نجح فيما فشلت فيه المعارضة، ويمكن القول بذلك، لكن هل هذا هو النظام الموجود منذ العام 1989م؟ وحتى التغيير الذي تم كان في السياسات ولم يكن في الشخصيات، وأتساءل أين المشروع الحضاري والنداء الديني الذي يتسلط به على الناس والشهداء، والغريب حتى النظام يستخدم نفس شعارات المعارضة.
{ الرئيس “البشير” في مؤتمر شورى المؤتمر الوطني قال: (نحن حركة إسلامية كاملة الدسم) هذا يعني أن النظام لم يتخل عن شعاراته؟
_ مع احترامي لكلام الرئيس، لكنه يقول كلاماً كثيراً أنت لا تعرف ماذا يقصد به.
{ أكرر سؤالي.. المعارضة فشلت في شعارها المتعلق بإسقاط النظام؟
_ المعارضة لم تفشل، بل أصبحت تشق طريقها لأنها مكثت لفترة طويلة نتيجة التقاطعات في المنطقة أسيرة للتقلبات ولم تكن هذه هي المشكلة، لأن المعارضة التفتت للعمل من داخل السودان مؤخراً بعد اتفاقية (نيفاشا) وقبلت بها، وبدأت تتحدث عن التحول الديمقراطي.
{ هل خذل المجتمع الدولي المعارضة؟
_ المجتمع الدولي أثبت نفس الشيء، لم يرد إحداث تحوّل ديمقراطي بل كان هدفه فصل جنوب السودان، وتسليم الشمال للمؤتمر الوطني، وحالياً المجتمع الدولي بدأ يؤثر تأثيراً سلبياً على المعارضة.. وفي تقديري أن الحياة أصبحت لا تطاق.
في السابق عندما كنا نتحدث عن الحرب والنزوح ومشاكل يمكن حلها كان هنالك نوع من التجاوب من قبل أطراف من المجتمع الدولي.. كان التجاوب مرتبطاً بمصلحتهم وفيه نوع من الطبطبة على المعارضة بتقديم مساعدات في شكل إدانة للنظام مثلاً الأمم المتحدة، ولكن واضح أن النظام سلم كل أوراقه للمجتمع الدولي وأصبح جزءاً من المخطط للقضاء على القضايا الرئيسة للغرب المتمثلة في الإرهاب والهجرة غير الشرعية، والإرهاب يجد صدى عند المجتمع الدولي ويحافظ على وجود النظام.
{ المعارضة رفعت شعار أسقاط النظام ولم تُوجِد متطلباته سوى تظاهرة في يناير التي دعا لها الشيوعي؟
_ أولاً الموكب السلمي الذي تم في يناير لم يكن موكباً للحزب الشيوعي، بل لفرعية الحزب بالعاصمة القومية الذي دعا إلى موكب سلمي احتجاجاً على الموازنة الجديدة، ولم تكن مطلقاً هذه المبادرة من الحزب بل طرحت أمام اجتماع لرؤساء أحزاب المعارضة بمن فيهم رئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي”. وكان الاتفاق أن تكون هنالك وقفة لقوى المعارضة يوم 17 يناير يخاطبها “الصادق المهدي”، ويوم 18 وقفة بمناسبة عيد ميلاد الراحل “محمود محمد طه”، وهذا برنامج متفق عليه.
ولكن كلامك عن الفشل صحيح لأنه عندما شعر النظام بالتحرك، وكعادته اعتمد على القمع ولم يسمح بالموكب السلمي ضد الميزانية، وكان الهتاف واضحاً، تحول الموكب من هتاف من ضد (الحرامية) إلى إسقاط النظام وهذا كان خطأ.
* الحزب الشيوعي يشتت جهد المعارضة؟
_ نحن في معارضة جذرية، لأننا لا نريد تكرار تجربة أبريل وأكتوبر.. ما عايزين الجماهير تطلع تسقط النظام وبعد سنة أو سنتين يعود ذات النظام ونعود للدائرة الشريرة. نحن نسعى أن يكون البديل الديمقراطي ملكاً للجماهير كافة تقرأه وتعرفه وعندما تخرج إلى الشوارع لإسقاط النظام تكون مدركة للخطوة المقبلة.
وحتى الحزب يجب عليه التخلص من نقاط الضعف السابقة وعدم تكرارها.. من المهم جداً أن يكون الحزب الشيوعي مستعداً ببناء قواعده وتحالفاته وهي التي تلعب دوراً كبيراً في عملية إسقاط النظام وهذه قد تأخذ شهوراً أو سنين.
{ لكن الساحة السياسية الآن مشغولة بما يسعى إليه المؤتمر الوطني من تعديل الدستور وقانون الانتخابات؟
_ ما يجري الآن هو محاولة للهروب من حقائق الوضع السياسي المأزوم في البلاد منذ سنين، وهي محاولة لترقيع حلول قد تبدو أمام البعض جديدة، لكن لا يمكن الخروج من الأزمة في ظل القوانين الحالية وفي ظل التفكير السياسي الحالي.
{ الحزب الشيوعي رفض حوار المؤتمر الوطني وقبل حوار الأمن.. لماذا؟
_ رئيس جهاز الأمن ذاتو قال دا ما حوار.. فكيف تسمونه حواراً؟ هو كان استدعاء وفيه نوع من التهديد نحن رفضنا الحوار لأسباب واضحة لأننا لا نعمل بردود الفعل، نحن حاورنا النظام قبل 2005م في القاهرة “فترة التجمع الوطني الديمقراطي” وشاركنا في النظام، لكن لم يتم تنفيذ أي من بنود الاتفاق ولا حرف بعدين نحن أيضاً عايشين في السودان، ففي الحوارات كافة التي تمت بين النظام والأحزاب السياسية وبين النظام والحركات المسلحة لم يحدث أي تنفيذ لبنودها.
كل البحصل أن النظام يمتص كوادر هذه الأحزاب ويضيفها إليه، مافي أي حوار قاد إلى أية نتيجة لمصلحة حركة الجماهير إلى الآن السوط مسلط على أي إنسان في السودان.
{ الشيوعي يشكك في قوى المعارضة ويشتت جهودها؟
_ في تاريخنا لم نسع إلى إضعاف وتفتيت المعارضة سواء أكان على مستوى القيادي أو القواعد، نحن نسعى دائماً منذ الاستقلال لتوحيد قوى المعارضة من أجل الهدف الآني أو المستقبل ويتم فيها اتفاق وتنسيق.. ودا تاريخنا.. لذلك اتهامنا غير حقيقي، نحن لم نتغير فمنذ 2010 رفعنا شعار (إسقاط النظام) ونسعى لتكوين أوسع جبهة ممكنة، وكنا نسعى لتوحيد قوى المعارضة، وأنت تعلم أن أي عمل فيه خلافات داخلية.. الموقف نحن ما عاوزين معارضة من أجل المعارضة عاوزين معارضة من أجل برنامج محدد، يفكك النظام ويفتح الباب، وهذا ما تم في آخر اتفاق 2017م وأعلن ذلك “الصادق المهدي” بـ(عضمة لسانه) وما زلنا مع اتفاق “الصادق المهدي”، إذا في أي قوى سياسية تنازلت فيبقى هي التي تسعى لتفتيت المعارضة وليس الحزب الشيوعي.
{ لكنك شخصياً شكّكت في بعض أحزاب “نداء السودان”؟
_ الكلام الذي قلته أخرج عن سياقه لأنني لم أقل إن النظام اشترى بعض أحزاب “نداء السودان”، لأنني لا أملك معلومة أن النظام اشترى، لكن المعلومة المعروفة أن النظام استطاع في فترات مختلفة أن يشتري أحزاباً وحركات موجودة حالياً سواء في فترة التوالي السياسي زمن المرحوم “الترابي” أو الحوار الوطني، لكن هذا لا يعني أن النظام لم يتغلغل وسط أحزاب “نداء السودان” أو حتى قوى الإجماع الوطني لأن النظام يمتلك المال والسلطة والإعلام والأمن وله تأثيره.
بالمرة أنا لم أقصد أحزاب “نداء السودان”، ولم أقل إن أحزاب “نداء السودان” اشتراها النظام، والآن مستعدون لكي نحاور مع كل أحزاب “النداء” وفق الاتفاقيات والاحترام.. نحن لم نقبل مطلقاً تدخل المجتمع الدولي ونفتكر أنه يتدخل لمصلحة النظام.. هل نحن نقف مع مصلحة السودان والشعب أم مصلحة النظام؟
{ لماذا العلاقة مقطوعة بين الشيوعي السوداني والمؤتمر الوطني وعلاقة المؤتمر الوطني بالشيوعي الصيني جيدة؟
_ الإجابة واضحة الحزب الشيوعي الصيني يعمل علاقة مع حزب المؤتمر الوطني، هذا يوضح نوع العلاقة في السياسة.. نحن حزب شيوعي ودا حزب حركة إسلامية كاملة الدسم.. نحن لا نقف ضد حكومة مع حكومة لكن حزباً سياسياً يدعو للديمقراطية والاشتراكية مع حزب سياسي أيديولوجيته إسلامية.. ما عارف؟ وبرضو ما عارف ناس المؤتمر الوطني بودوا كوادرهم مدارس الحزب الشيوعي يدربوهم في شنو؟
الحزب الشيوعي السوداني لديه خلافات مع الحزب الشيوعي الصيني منذ زمن “عبود”، وهي خلافات تخصنا ونتمنى أن تحل، لكن لن نقبل مطلقاً أي تدخل في الشؤون الداخلية لبلدنا أو حزبنا.
{ قيادات الأحزاب تولت القيادة في سن الشباب بمن فيهم الشيوعي قياداته فوق الستين لكن ظلت حتى اليوم؟
_ والله يا ابني كلامك صاح ودي حقيقة لا تحتاج إلى إجابة بلا أو نعم، فيما يخص الشيوعي نحن نسعى لتولي الشباب ولكن الشيوعي أكثر حزب (انضرب) في السودان خلال فترات متفاوتة وحتى التي عشناها في ظل النظام الديمقراطي كانت قليلة لبناء كوادر، وأغلب الأنظمة وبشكل خاص هذا النظام كانت ضد الحزب الشيوعي السوداني، وبالتالي التدرج الطبيعي في عملية تغيير القيادة لم يتم ونحن نعترف بذلك ونسعى للحل.
{ الفترة كانت طويلة بين المؤتمرين الرابع والخامس؟
_ منذ المؤتمر الرابع 1967 لم نعقد مؤتمراً إلى في العام 2009 وهذا وضع غير طبيعي، لكن اللجنة المركزية في المؤتمر الخامس انتقدت نفسها وعدّت ذلك خطأ.. المؤتمر السادس حاول التغيير، فتعرضنا لمشاكل وبالتالي عطل العمل.
كمبدأ أساسي نسعى سعياً حثيثاً لتقديم التطور التدريجي للكادر الشبابي ليشغل مقعده في القيادة.. الحزب الشيوعي يسعى لتسلُّم السلطة، وبالتالي يجب أن ننفتح على جماهير الشعب السوداني ونحاول التدرج في العمل وإفساح المجال.. نعترف بوجود نوع من كبار السن في القيادة لكن الظروف هي التي فرضت ذلك.
{ ولماذا لم تفرضها في الستينيات؟
_ في الستينيات “عبد الخالق محجوب” كان عمره (20) سنة، لسة شباب، لكن لكن بقاء شخص (20) سنة برضو خطأ في رأيي الشخصي.. ومعظم كوادر الحزب الوسيطة غادرت البلاد والنظام سهل لها الخروج.