مسألة مستعجلة

(مطرة) واحدة تكفي!!

نجل الدين ادم

أمطار غير مسبوقة سجلتها ولاية الخرطوم أمس، حولت كل المساحات المنبسطة بما فيها الشوارع الإسفلتية إلى أنهار تجري فيها المياه بدلاً عن الخيران التي اختفت في ظروف غامضة، أمطار الأمس كشفت بسهولة حجم استعدادات الولاية لفصل الخريف، حيث لا يكاد يكون هناك حي بالخرطوم قد سلم من تأثيرات أمطار الأمس، ما أدى إلى شل الحركة تماماً.

لم أجد تفسيراً لهذا الانفلات الذي حدث للمياه المنهمرة إلا أن هناك قصوراً كبيراً في منظومة التصريف، فرغم أن الولاية تعرف جيداً موعد فصل الخريف الذي يحل كل عام، إلا أنها لا تتدخل في عمل المعالجات المطلوبة إلا إذا غرقت البلد، وهذا ما شهدنا أمس وبعض من الآليات تعمل في توسعة المصارف لتصريف المياه، تخصص الولاية سنوياً من الميزانيات ما يكفي لمعالجة الإشكالات، ولكنها تذهب مع انتهاء الفصل لتدور الدائرة، حفر وتطهير لا يجدي شيئاً.

معظم ولايات السودان تهطل فيها أمطار كثيرة تفوق أمطار الخرطوم وتغشاها سيول لا تقارن  بما ينزل على سكان الثورات وأمبدة، ولكننا لا نسمع بخسائر وقعت في الأرواح أو في الممتلكات، والسبب أن المسؤولين في تلك المناطق وكذا المواطنين يعرفون أين يسكنون وكيف يتعاملون مع أي طوارئ خريفية، أما الخرطوم فإنها تنتظر أن يقع الفأس في الرأس ومن بعد ذلك تتحرك لمعالجة الخلل، السكان في تلك الولايات يعرفون مجرى السيل فيتجنبونه حتى لا يضاروا، في الخرطوم توزع الخطة الإسكانية في مجرى السيول كما هو الحال في الوادي الأخضر، وهو معروف من اسمه.

حجم الخسائر التي وقعت جراء الأمطار والسيول في الخرطوم، ومع تسليمنا بالقضاء والقدر، هي نتاج لإخفاقات من المسؤولين بالولاية في التعاطي مع المطلوبات اللازمة بدلاً من انتظار المجهول.

أحجام الخسائر لن تكون بأي حال من الأحوال واضحة يوم أمس، لصعوبة التواصل والحصر، ولكنها ستستبين اليوم وتعرف الولاية كيف أنها أخفقت في حق البسطاء من المواطنين.

الكثيرون من المواطنين ربما يكونون جزءاً من أسباب مشكلة عدم تصريف المياه ،لأن الإنجليز عندما خططوا العاصمة الخرطوم كانت بحسابات الكنتور، بحيث تنساب المياه بصورة تلقائية إلى النيل، ولكن أنانية البعض منهم جعل المجاري في  الخرطوم المرسومة للتصريف تُغلق لتبحث المياه عن مجارٍ بديلة، ولكن لا سبيل إلا الطوفان والغرق، ولكن هذا الإخفاق من المواطن هو مسؤولية السلطات المتخصصة التي ينبغي أن تحاسب كل مخفق أو متجاوز للقانون، حينها سيعلمون أن المصلحة العامة هي التي ينبغي أن تسود.. والله المستعان

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية