الديوان

الجمعيات الثقافية بالجامعات…. حقول لصقل المبدعين الشباب

معروف أن المرحلة الجامعية تعتبر من أهم المراحل التي يتشكل فيها وعي الطالب الثقافي والاجتماعي والسياسي، ومنها ينطلق في اتجاه تحقيق طموحاته المهنية والإبداعية، ودون شك أن البيئة الجامعية لها تأثير غير محدود على مستقبل الطالب، لأنها في مجملها هي أعداد للفرد لولوج معترك الحياة في شتى صوره، وبالطبع هذا يتحقق إذا كانت المؤسسة التعليمية المعنية تعمل وفق خطط وبرامج تنشد من خلالها تخريج كوادر مؤهلة لمجابهة متطلبات الحياة المختلفة.
(1)
وبما أن تأهيل هذه الكوادر لا يتم بالمناهج التعليمية وحدها، بل بإتاحة فرص أخرى تشكل مجتمعة شخصية الفرد في نهاية المرحلة الدراسية بالجامعة، نجد أن الجمعيات الثقافية والروابط بالجامعات لها دور مقدر في أعداد مبدعين يقودون دفة الإبداع خارج الحرم الجامعي، ولتحقيق هذا المبتغى سارت التوجهات، حيث توجد اليوم داخل كل جامعة عدد من الجمعيات الثقافية ذات الاهتمامات المختلفة، تعمل جميعها لصقل المواهب الشابة على حد قول الطالب “محمد جابر علي” من جامعة الخرطوم الذي قال: (توجد داخل الجامعة عدد من الجمعيات منها مثلاً جمعية للإعلام تهتم بفنون الإعلام المختلفة، وهنالك جمعيات للتراث تعكس تنوعه وتبين أهميته، وجمعيات أخرى للفن تستعرض قديمه وتنشر جديده، وجمعيات للأدب وأخرى للسياسة)، ويضيف “محمد جابر”: تعمل كل جمعية في إطار محدد، وتقدم برامجها في أيام معلومة بمشاركة مبدعين من داخل وخارج الجامعة، وتهدف هذه الجمعيات لخلق كادر مبدع يثري الحياة بعد تخرجه على حد قول “جابر”.
(2)
وتعدد الروابط والجمعيات الثقافية داخل الجامعات أبرز أخرى ينتمي أعضاؤها إلى مناطق وولايات محددة، كما الحال في رابطة أبناء (مرشنج) بالجامعات والمعاهد العليا، لكنها أيضاً تعمل في ذات الاتجاه الذي تقوده الجمعيات الأخرى، حيث تعمل بجانب سعيها لعكس تراث وثقافة المنطقة، على تأهيل كوادرها في شتى ضروب الثقافة والإبداع على المنافسة الثقافية والإبداعية من أجل صقل مواهبهم وتوسيع مداركهم. كما أوضح الطالب”محمد علي” الأمين العام لطلاب رابطة (مرشنج) بالجامعات والمعاهد العليا، والذي أضاف بقوله: (الروابط الثقافية بصورة عامة لها دور مهم في تأهيل وتدريب الكوادر، ولكن هنالك روابط لمناطق محددة كرابطة أبناء (مرشنج)، وهذه دورها نشر ثقافة المنطقة المحددة وتراثها، بجانب تأهيل وتدريب أعضائها المبدعين من أجل النهوض بمقدراتهم الإبداعية، ويضيف “محمد علي” أن دور الروابط الثقافية من الأهمية بمكان، لأنها تعمل على تقديم مبدعين في بداية مشوارهم الإبداعي، وتصقل مواهبهم بالتجارب وتساندهم، وهنا تكمن أهميتها، ويرى “محمد علي” أن للجامعات نفسها دوراً في النهوض بهذه الجمعيات ودعمها).
(3)
وفي السياق ذاته يرى الدكتور “محمد عابد” المختص الاجتماعي أن الروابط والجمعيات الثقافية بالجامعات، تساعد المبدعين الشباب على كسب مهارات لا تتوفر لهم إن لم ينضموا إلى مثل هذه الجمعيات والروابط الثقافية، مؤكداً على أن الروابط والجمعيات التي تقيم أسابيع وليالٍ ثقافية يبرز من خلالها المبدعون الشباب إبداعهم كما كان في السابق، حيث خرج مبدعون أصبحوا فيما بعد يشار إليهم بالبنان من رحم هذا الجمعيات التي دون شك لعبت دوراً رائداً في ثقل مواهبهم وتوسيع مداركهم، وأبدى “عابد” تخوفه من تلاشي هذه الجمعيات في ظل الانفتاح الذي أبعد الطلاب عن المنتديات والجمعيات التي يعتبر مجرد استمرارها كفيلاً بجمع مواهب متعددة يمكنها أن تثري دنيا الإبداع بصورة لا جدال عليها على حد قوله.
أما الدكتور “عبد العظيم محمد علي” الأستاذ الجامعي يرى أن للجمعيات الثقافية داخل الجامعات دوراً مهماً للغاية في توجيه ورعاية صغار المبدعين الذين هم في أمس الحاجة لمن يسندهم ويمد لهم يد العون في بداية مشوارهم الإبداعي، وأضاف “عبد العظيم” أن وجود الجمعيات الثقافية داخل الجامعات لها أهميه كبرى، إذ تشكل مساحة مهمة للطلاب ينشطون من خلالها لكسر الملل والرتابة التي يخلفها رهق المحاضرات والنظام المتكرر داخل حرم الجامعة، وهذا ما يبعد الطلاب عن سلك طرق أخرى قد تكون غير مقبولة ومضرة في ذات الأحيان. وناشد “عبد العظيم” منظمات المجتمع المدني وإدارات الجامعات بالعمل على أثراء الحراك الفكري والثقافي داخل الجامعات من أجل خلق بيئة صالحة للطلاب.
وفي ذات السياق يرى الدكتور “عبد العظيم” أن الجمعيات الثقافية في الجامعات قدمت الكثير من المبدعين خلال الفترة الماضية سطع نجمهم في المنتديات وجمعيات الثقافية في أزمان ماضية أمثال الشاعر “محمد المكي إبراهيم” و”عبد الرحيم أبو ذكرى” و”محمد عبد الحي” في ستينيات القرن الماضي، أما الذين سبقوهم فهم كثر وآخرون أتوا بعدهم.
والآن يبقى الأمل كبيراً على هذه الجمعيات الثقافية في إثراء الحياة الأدبية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية