تقارير

في الأحداث التي شهدتها منطقة الحمرا.. القانون يأخذ مجراه

مطالبة بضبط النفس

القضارف : سليمان مختار

الصراع الذي نشب مؤخراً، بين مزارعين ورعاة بمنطقة الحمرا بالقلابات الشرقية وراح ضحيته أكثر من (29) نفساً، أثار عدداً من الاستفهامات حول بطء تعامل الحكومتين المركزية والولائية مع ملف قضية النزاع، والذي لاحت بوادره منذ أكثر من عام، بين المجموعتين.
القوى السياسية المعارضة بمدينة القضارف، حملت الحكومة المسؤولية المباشرة في تفاقم وتطور أحداث الحمرا، وقالت إن العبء الأكبر يقع على عاتق حكومة الولاية.
قال رئيس قوى المعارضة بالقضارف المهندس “مصطفى السيد الخليل” خلال حديثه في المؤتمر الصحفي الذي عقد بالقضارف مؤخراً حول تداعيات أحداث قرية الحمرا.
إن حكومة الولاية غير مؤهلة لصناعة السلام والاستقرار ورتق النسيج الاجتماعي، مطالباً بتكوين لجنة تقصي للحقائق حول الأحداث من كافة ألوان الطيف السياسي والاجتماعي بالولاية، لافتاً إلى ضرورة تطبيق القانون وتحقيق العدالة بمحاسبة المتورطين مباشرة في جرائم القتل ومؤججي الفتنة، ودعا حكومة الولاية بالاعتراف بالتقصير جراء تباطؤها وتلكؤها في حل قضية النزاع بين المجموعتين، الذي ظل ماثلاً لأكثر من عام، وطالب الحكومة بتقديم استقالات جماعية، وحذر من ما وصفه بالصراعات الخفية بالولاية، نتيجة لعدم حسم قضايا النزاعات على الأراضي الزراعية والسكنية بين المواطنين، وقال “مصطفى السيد” إن ضعف وعجز الحكومة في معالجة تلك القضايا، سينعكس على النسيج الاجتماعي المتماسك، وأعرب عن تعازيه لأسر الضحايا من الطرفين والشفاء العاجل للجرحى، أكد قدرة مجتمع ومواطني القضارف من تجاوز تبعات تلك الإحداث المؤلمة، مشيداً بتاريخ المجموعتين الذي يتسم بطيبة الأخلاق والمسالمة ..
صراعات خفية
رسم “الخليل” صورة قاتمة لمستقبل مجتمع ولاية القضارف حيال عملية التعايش السلمۑ بين مكوناته الإثنية والعرقية، ارجع ذلك للخارطة الديموغرافية لتلك التركيبة السكانية، التۑ قال إنها تعتمد على شاكلة توطين كل مجموعة إثنية فۑ قرية واحدة بمعنى عدم وجود اختلاط سكانۑ بين المكونات، يخلق نوعاً من التجانس وتبادل المنافع الاجتماعية ويشجع الانصهار العرقۑ، ولفت الى أن الولاية باتت تعج بالصراعات القبلية، وأشار إلى أن ذلك أدى إلى ضعف الروابط الأسرية والقومية وتضاؤل الحس الوطني، واستدعى “الخليل” الصراع الذي دار بين مجموعتين ، دار قبل ثلاث سنوات راح ضحيته أكثر من (12)، وتم حسمه بالمسار القانونۑ بإعدام أكثر من(20) شخصاً من الطرفين، ومضى قائلاً إن تبنۑ حكومة الولاية للسياسات الاقتصادية من أجل توفير الموارد النقدية السريعة لخزينة الولاية، بالتوسع فۑ الخطط الإسكانية وإلى جانب التوسع الزراعۑ على حساب المرعى يولد كثيراً من الاحتكاكات بين المجموعات الرعوية والمزارعين خاصة بعد تضييق المسارات الرعوية والمنازل، ولفت إلى ذلك يصبح بمثابة قنبلة موقوتة قابل للانفجار على المدى الطويل، ومهدد حقيقۑ للنسيج الاجتماعۑ بالولاية، وحذر من مغبة استمرار وتمادۑ حكومة الولاية نهجها وسياساته الحالية بشأن الأراضي، لافتاً إلى أن كثيراً من هذه الصراعات سوف تطفو على السطح من حين لآخر.
لم تخرج تصريحات طرفي النزاع من ذات السياق بتحميل حكومة الولاية تداعيات الصراع التۑ شهدتها المنطقة، وقال أمير قرية الحمرا خلال حديثه لـ(لمجهر) عقب لقائه لجنة المساعي الحميدة برئاسة مولانا “محمد المجذوب حاج علي الأزرق”، والتۑ التأمت بغرض احتواء الخلاف ونزع فتيل الأزمة، قال إن كل الحيثيات التي أوردها طرفا النزاع تؤكد أن حكومة ولاية القضارف تعاملت بعدم مسؤولية مع حالة التوتر والاحتقان بين الطرفين بسبب نزاع على أرض زراعية، ومضى إلى أن تأخر حسم الخلاف تسبب في وقوع الأحداث الدامية، وقال إن يعيشان في سلام مع كل مكونات الولاية الأخرى ولم يجنحا للاقتتال أو نشر الفتن، مبينا أن لجنة من أهالي الحمرا ظلت تسعى خلف سُلطات الولاية منذ شهر مارس الماضي، لحل الخلاف دون جدوى، وظلت كذلك تتلقى الوعود من معتمد القلابات الشرقية ووزير الزراعة والثروة الحيوانية، بزيارة المنطقة محل الخلاف، ولكن كان التلكؤ هو سيد الموقف إلى أن تفاقمت الأمور على هذا النحو، ووقع الاشتباك وأصبح يهدد السلم والأمن الاجتماعي، وقال إن المشكلة ليست مشكلة الطرفين بل هي مشكلة حكومة غير قادرة على استيعاب مشكلات الولاية خاصة التي تقع بين مكونات سكانها بمختلف مشاربهم، وأعرب عن ثقته في القضاء السوداني، قائلاً إننا نثق ثقة عمياء في تطبيق مبدأ القانون وإعطاء كل ذي حق حقه، عمدة قرية أم كدادة “حسن ود الزين ود علي أبو جمعة”، روى خلال حديثه لـ(المجهر) أسباب المشكلة، قال إنهم قدموا طلباً بغرض السكن والتوطين في هذه المنطقة التي تبعد حوالي (6) كيلومترات، منطقة جبلية
منذ العام 2013 بعد أن قرروا الاستقرار في المنطقة، لأكثر من ثلاثة معتمدين إلى عهد المعتمد الحالي الذۑ تم فيه عمل كروكي للقرية، وزاد إلا أن ملف توطينهم في المنطقة ظل حائراً بين وزارة التخطيط العمراني ومعتمد محلية القلابات الشرقية، دون حراك إلى أن تم تشكيل لجنة بواسطة وزير الزراعة السابق، الذي تم تعيينه وزيراً اتحادياً، إضافة أن وزير التخطيط الوزير زار المنطقة، وأكد رفع الملف للوالي، ولم يتم تحريك الملف، ويرى العُمدة “حسن” أنهم كانوا يتعايشون بسلام ووئام مع مواطني قرية الحمرا لأكثر عشرين عاماً إلا أن تباطؤ السُلطات في حسم النزاع هو الذي عمق هوة الخلاف بين الطرفين، وقال إن الحادثة كان يمكن تداركها وتلافيها، مشيراً لحدوث احتكاك مماثل بين الطرفين قبل عشرة أيام، وحمل حكومة الولاية المسؤولية المباشرة للأحداث، لجهة قصورها الواضح في حسم ملف الاستيطان.
مساعٍ حميدة
في السياق طالب مولانا “محمد المجذوب”، الأطراف المتخاصمة بضبط النفس وعدم تصعيد المشكلة خوفاً من تفشي الفتنة، وقال إن لجنة المساعي الحميدة نذرت نفسها لاحتواء الخلاف ومنح القانون فرصته الكاملة في هذه القضية، وثمن مواقف القيادات من الطرفين وتجاوبها مع مبادرة لجنة المساعي الحميدة واستقبالها الطيب لأعضاء اللجنة، مؤكداً أن ولاية القضارف عرفت بتماسك نسيجها الاجتماعي، ولن نسمح لأي جهة كانت بإثارة النعرات القبلية، وكشف عن تمكن اللجنة من إخماد نار الفتنة وإعادة الأوضاع فۑ المنطقة إلى طبيعتها، وقطع ببسط روح التسامح والمحبة بين الطرفين، وامتدح روح المسالمة التۑ تسود بين الطرفين.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية