توقيع فرقاء الجنوب اليوم…خطوة أولى لعهد جديد
تقرير: محمد إبراهيم
بتوقيع اتفاقية السلطة والحكم صباح اليوم (الأحد) بقاعة الصداقة بالخرطوم تطوى دولة جنوب السودان (6) سنوات من الحرب الأهلية . أضاعت كثيراً من فرص التعايش والسلام على أبناء الدولة الوليدة.
واليوم بمقدور جوبا فتح صفحة جديدة تنقلها إلى مصاف الدول الإفريقية الرائدة ، لجهة امتلاكها مقومات طبيعية قادرة على تثبيت أركانها كإحدى الدول المهمة ذات التأثير القوي، كما أنها تتميز بتعدد مناخاتها السياسية واختلاف تنوعها القبلي ما يمنحها ثراءً كبيراً.
اتفاق مهم
في الخامس والعشرين من الشهر الماضي وقع الفرقاء الجنوبيون بالأحرف الأولى اتفاقاً لقسمة السلطة والحكم ، ضمن المفاوضات التي استضافتها الخرطوم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية وبتفويض ومباركة من منظمة الإيقاد، وتم التوقع على الاتفاق بأكاديمية الأمن العلىا كل من حكومة جنوب السودان ومجموعة “رياك مشار” وبعض من مجموعة تحالف الأحزاب السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني،وقع وزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد” عن حكومة السودان بجانب ممثل الإيقاد كشهود. ونص الاتفاق على تولي الرئيس “سلفا كير ميارديت” رئاسة الحكومة خلال الفترة الانتقالية، بينما يتولى الدكتور “رياك مشار” منصب النائب الأول أثناء الفترة، كما نص الاتفاق على أربعة نواب آخرين للرئيس تتقاسمهم القوى السياسية الأخرى ، ونص الاتفاق على تكوين مجلس وزراء من(35) وزيراً، (20) وزيراً نصيب الحكومة و(9) وزراء لمجموعة “مشار” و(3) لمجموعة سوا ، ووزيرين للمعتقلين السياسيين، ووزير للقوى السياسية الأخرى،ونص الاتفاق على تكوين برلمان من (550) عضواً منهم (332) للحكومة و(128) لمشار و(50) نائباً لمجموعة الأحزاب السياسية المعارضة و(30) نائباً للقوى السياسية الأخرى و(10) نواب لمجموعة المحتجزين السابقين ، وفيما يتعلق بقسمة السلطة على مستوى الولايات والحكم المحلي لم تتوصل الأطراف المتفاوضة إلى اتفاق على هذه المسألة وتم إنشاء مفوضية تعمل خلال ثلاثة أشهر .وحال فشلت يُحال الأمر إلى استفتاء .
تفاؤل من أبناء الجنوب بالخرطوم
ويعول أبناء الجنوب على الاتفاقية التي ستوقع اليوم على أن تكون بمثابة (خطوة أولى لتحقيق بدايات دولة قوية)، مؤملين إنهاء الصراعات التي أزهقت أرواح الكثيرين ووقفت حائلاً أمام استغلال ثرواتهم الطبيعية.
في العاشرة من صباح اليوم ستتوقف أعين وقلوب أبناء الجنوب بالخرطوم الذين سيتفرغ أغلبهم لمتابعة تفاصيل اللحظات التاريخية التي لعبت فيها حكومة الخرطوم دوراً كبيراً في التوصل لصيغة مناسبة في الحكم والسلطة، ويقول “دينق كريستوفر” أحد الجنوبيين المقيمين بالخرطوم : إن الاتفاقية ستعود على أهل الجنوب بالخير الوفير ، معبراً عن أمله في أن الاتفاقية ستسهم في اتساع رقعة الحريات السياسية، وأشار إلى أن بالإمكان أفضل مما كان، بدوره يؤكد “سايمون شول” الذي قال إنه غادر الخرطوم إلى الجنوب بعد الانفصال مباشرة، إلا أنه عاد إلى الخرطوم مرة أخرى بعد اشتعال الحرب ،وهو ينظر إلى الاتفاقية بوصفها نافذة أمل جديدة يمكن لأهل الجنوب أن يغتنموها لبناء بلدهم.
تحفظات المعارضة وتطمينات “سلفاكير”
قال تحالف المعارضة ومجموعة المعتقلين السابقين في بيان مشترك، “الجمعة”،: إنهما لن يوقعا على اتفاق قسمة السلطة يوم الأحد لرفض جوبا ملاحظات دفع بها الطرفان.
وبحسب البيان فإن الطرفين التقيا الوسيط الرئيسي، وزير الخارجية السوداني، الأحد الماضي، وعرضا عليه قضايا لإخضاعها لمزيد من التفاوض حتى يوقعان على اتفاق قضايا الحكم الأحد القادم.
وأضاف “وعد الوسيط بالنظر في هذه النقاط. ـ 2 أغسطس ـ أبلغنا معالي الوزير بأنه أجرى مشاورات مع الأطراف وأن جوبا رفضت أن تأخذ شواغلنا في عين الاعتبار، ولذلك ليس هناك ما يمكن أن يفعله”.
وتابع البيان “على ضوء هذا التطور نود أن نحيط جماهير شعبنا علماً بأننا لا يمكن أن نوقع على الاتفاق المذكور في شكله الحالي، ومع ذلك نحن مستعدون للتوقيع متى ما تمت معالجة شواغلنا بواسطة الوسطاء كما ذكرنا أعلاه”.
وفي محاولة لإنقاذ الموقف، وصل وزير الخارجية السوداني “الدرديري محمد أحمد”، أمس الأول “الجمعة”، إلى جوبا حيث التقى رئيس دولة جنوب السودان “سلفا كير ميارديت”، في محاولة لتقريب الشقة بينه وفصائل المعارضة فيما يلي قسمة السلطة في الولايات.
وبحسب وكالة السودان للأنباء، فإن “الدرديري” أبلغها بأنه سلم “كير” رسالة من الرئيس “عمر البشير” تتعلق بدعوته لحضور مراسم توقيع اتفاق السلام بالخرطوم يوم الأحد..
وأضاف: “نقلت “لسلفا كير” ما نتوقعه من إجراءات وترتيبات خاصة وما هو متبقٍّ من اتفاقية السلام الشامل وكيفية إكمالها”.
ونقل خلال وقت لاحق عن الرئيس “سلفاكير” قوله : إن مشاركتهم في المفاوضات كحكومة تؤكد جديتهم، وقال “لا يوجد في أي دولة خمسة نواب للرئيس، ولكننا وافقنا على هذا المقترح لأننا نريد لهذه الاتفاقية أن تمضي”.
وحول إمكانية تقديم تنازلات لدفع مفاوضات السلام ببلاده، قال إنهم قدموا الكثير من التنازلات في سبيل إنجاح هذه المفاوضات.
وحول الرسالة التي نقلها له وزير الخارجية من الرئيس “البشير” أوضح أنها تضمنت دعوته لزيارة السودان للتوقيع على الاتفاق يوم الأحد المقبل، وأكد أنه سيحضر للتوقيع.
وحول القضايا العالقة، قال “سلفاكير”: “عندما نحضر للخرطوم سنعالجها وأنا متأكد من هذا الكلام”.
مشاركات دولية
سوف يشارك في حفل الختام مساء اليوم عدد من الرؤساء الأفارقة وأنهى وزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد”، جولة شملت رواندا وكينيا، حيث أطلع رئيس رواندا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، “بول كاغامي”، ورئيس كينيا “أهورو كنياتا”، على “نتائج جولة المباحثات بين فرقاء دولة جنوب السودان”.
وتلقى الرئيس الرواندي “بول كاغامي”، دعوة من الرئيس “عمر البشير” لزيارة السودان والمشاركة في مراسم توقيع اتفاق السلام بين فرقاء دولة جنوب السودان، اليوم الأحد بالخرطوم. وقال إنه سيلغي ارتباطاته السابقة للمشاركة في حفل التوقيع.
من جهته، أكد السفير المصري بالخرطوم “أسامة شلتوت” دعم بلاده لكافة الجهود التي يقوم بها السودان من أجل إنهاء حالة الصراع وتحقيق السلام والاستقرار بجنوب السودان.
وقال “شلتوت” في تصريح لـ(smc) : إن الرئيس “عبد الفتاح السيسي”، أكد خلال زيارته الأخيرة للخرطوم دعمه الكامل لكل الجهود التي يقوم بها السودان لجمع فرقاء جنوب السودان وكذلك دعمه لجهود السودان في المحيط الإقليمي لاستتباب الأوضاع في الإقليم بما يعود بالأمن والأمان على البلدين.
وأوضح السفير المصري أن في استقرار المنطقة استقرار لمصر، وزاد قائلاً: “مصر تدعم كافة الجهود التي يقوم بها السودان في هذا الصدد”.