تقارير

ارتفاع سعرالدولارٍ..وآفاق الحل

هل من الممكن كبح جماحه؟

تقرير_ محمد إبراهيم
لم يعد مثيراً للاهتمام الارتفاع المتتالي في سعر الدولار ..فقد أصبح الأمر لا يثير أحد قفزاته..ومع كل قفزة منه تترنح الحياة المعيشية بالبلاد خطوات (إلى الخلف)، برأي خبراء اقتصاديين أن الأمر (انفرط) وأصبح كبح جماح هذا التباعد بين قيمة العملة المحلية والوطنية صعباً للغاية، و ربما لا يمكن بأي حال من الأحوال إعادته إلى عهده القديم رغم الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة للسيطرة عليه، ألا أن فعاليتها لا تستمر سوى أيام معدودة.

تأثيرات معيشية..
يؤثر ارتفاع سعر الدولار على تخفيض العملة المحلية وبالتالي الانتقاص من الأجر الاسمي الذي يتقاضاه الموظفون بالدولة، كما أنه يؤثر بشكل مباشر على ذوي الدخول المحدودة ما يجعل أمر حصولهم على السلع الضرورية صعباً للغاية، وهو مادفع به الخبير الاقتصادي “علي الحاج”، في حديثه لـ(المجهر) أن ارتفاع العملات الأجنبية مقابل المحلية يظهر أثره السالب مباشرةً على معيشة الناس وعلى توفير احتياحاتهم الضرورية، وأضاف: ارتفاع سعرٍالدولار يؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات بشكل كبير، ما يقود إلى حدوث خلل في ميزان المدفوعات وحدوث خلل في الموازنة العامة، الأمر الذي يدفع وزارة المالية إلى فرض ضرائب جديدة ما يزيد من الأعباء على الاستثمارات وعلى أفراد القطاع العائلي، بسبب ارتفاع أسعار السلع المستوردة ، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والخدمات، إلى جانب ضعف قدرة الشركات الوطنية على المنافسة الخارجية، كما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بسبب توقف بعض الشركات عن الإنتاج، ويؤدي ارتفاع الدولار إلى زيادة القيمة الحقيقية للدين الخارجيٍ، إلى جانب زيادة عجز الموازنة العامة واتجاه المدخرين لشراء الدولار، ويتجه الأفراد إلى تحويل أموالهم إلى الدولار، ما يؤدي إلى ضعف الاقتصاد السوداني، ومع ارتفاع الدولار تضعف الثقة في الاقتصاد ،فتقل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدولة وتحويلات العاملين بالخارج، كما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام، وتراجع دعم الحكومة لبعض السلع بسبب عدم قدرتها على سد العجز في الموازنة العامة نتيجة ارتفاع فاتورة الواردات، وانخفاض سعر الجنيه مقابل العملة الأجنبية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي الذي تعتمد مدخلاته على المواد المستوردة وارتفاع تكلفة المعيشة بالنسبة لأفراد القطاع العائلي وارتفاع أسعار الواردات من السلع الاستهلاكية خصوصاً السلع التي ليس لها بديل.
غياب التنسيق
ويرى الخبير والمحلل الاقتصادي د. “محمد الناير”، أن الحال الاقتصادي و الوضع الذي تعيشه البلاد أمر طبيعي قياساً بالتدهور الذي حدث، مؤكدا أن عوامل متعددة تسببت في هذا التدهور، مبيناً أن عدم الاهتمام بالإنتاج والإنتاجية يعد عاملاً مؤثراً .وطوال العقود الماضية لم يتحقق أي تقدم في فكرة الإنتاج والإنتاجية.
وكشف “الناير” أن المعالجات الاقتصادية لم تحدث بالصورة المطلوبة وهو ما يوضحه أكثر التضارب في قرارات بنك السودان وبصورة مستمرة، وتابع: بمعني أكثر دقة ، صدرت عدة قرارات من بنك السودان ومنشورات في العام (2017) خاصة النصف الثاني وأيضاً في الربع الأول من العام (2018) جميعها حملت تضارباً واضحاً وهو ما يؤكد غياب التنسيق أكثر من ناحية السياسة النقدية والمالية في البلاد بصورة أساسية .
ويرأى “الناير” أن الإجراءات الأمنية التي اتبعت لاستخلاص سعر الصرف حققت نجاحاً مؤقتاً واستقر سعر الصرف بمعدل (32) جنيهاً مقابل الدولار لفترة ، ولكن هذه الإجراءات تعتبر أمنية بحتة بمعني أن الإجراء استهدف محاربة الذين يتعاملون في تجارة العملة والقبض عليهم ومنعهم من التداول والتعامل في السوق الموازي، وهذا أمر جيد ، ولكن لابد أن تكون هناك سياسات تحفيزية ، إذ لا يعقل أن تتبع الدولة إجراءات ذات طبيعة أمنية ويستقر سعر الصرف في (32) لفترة ليست بالقصيرة، لعلها وصلت ما يقارب الشهر ، وكان على الدولة أن تتخذ السياسات التي تساعد على جذب النقد الأجنبي باعتباره من الحلول قصيرة المدى والحلول الناجعة ، فضلاً عن إغراء المغتربين لتحويل أموالهم بصورة رسمية وصحيحة عبر إعفاء جمركي لسيارات لمغتربين مقابل تحويل مبلغ محدد، وتقديم وحدات سكنية جاهزة في السكن الرأسي (الشقق) للمغتربين بأقساط مريحة (10-15) سنة على أن يكون التحصيل أو التوريد بالعملة الأجنبية.
معالجات عاجلة
يعتقد الخبراء بأنه على بنك السودان المركزيٍ أن يتدخل بصورة عاجلة لإيقاف التدهور المريع للعملة المحلية، وضخ الدولار وهو الأمر الذي يؤدي إلى زيادة العرض، ومن ثم يساهم في استقرار سعر الصرف حالياً، وقطع “علي الحاج” بالقول: إننا نحتاج الآن إلى مزيد من دعم الصادرات وتقليل الواردات، وفي حال انخفضت الواردات وزادت الصادرات يؤدي إلى حدوث إصلاح في الميزان التجاري، وأهمية توفير مدخلات الإنتاج للمزارعين وتحديث وسائل الإنتاج، ويعتقد المحلل الاقتصادي “علي الحاج” أنه لكي تعود للجنيه قوته وتأثيره يجب تشجيع القطاع الخاص المنتج في الزراعة والصناعة، وتوفير كافة الشروط التي تزيد من قدرته التنافسية، وعلى نحو خاص في إنتاج السلع التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمواطن من غذاء وكساء، وتمكينه من إنتاج هذه السلع بتكلفة أقل، وأن تشمل الإجراءات الهادفة التي تشجعه على تقييد استيراد السلع والخدمات المماثلة والبديلة للإنتاج المحلي، وتوفير المحروقات والطاقة الكهربائية بأسعار تمكِّن المنتجين من خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق وفرة. وكذلك خفض الضرائب ومنع الازدواج الضريبي في المركز والولايات والمحليات المفروضة على المنتجين، وخلق البيئة الاستثمارية الملائمة للمستثمرين وإعادة الاعتبار للقطاع التعاوني في دائرتي الإنتاج والاستهلاك في مواقع العمل والسكن.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية