أمر محير!!
قال رئيس القطاع الاقتصادي، وزير الاستثمار، ونائب رئيس الوزراء “مبارك الفاضل المهدي” للصحف: “الجنيه السوداني فقد نصف قيمته”، في تصريح جاء توقيته بعد مضي سبعة أشهر عن إعلان الميزانية التي دافع عنها “مبارك” بشدة، وقاتل في التبرير لها، متجولاً في جميع أنحاء البلاد، متحدثاً عن القدرة السحرية لميزانية العام 2018م، والتي ستساهم بشكل كبير في فك التضخم، وانخفاض سعر الدولار، خاصة بعد زيادة الدولار الجمركي من (6.9) جنيه، إلى (18) جنيهاً، وإيقاف استيراد كثير من السلع مما خلق ندرة في السوق وشحاً في كثير من الأساسيات، وبالتالي ارتفاع أسعارها إلى أرقام فلكية.
بعد سبعة أشهر من تلك الميزانية، أقر “الفاضل” بفشلها ضمنياً، فتصريحه المتعلق بانخفاض قيمة الجنيه يشير إلى أن الأحلام الوردية التي صاحبت التبشير بالميزانية، ذهبت أدراج الرياح، وأن الأزمة ظلت تتفاقم، ويرتفع سعر الدولار وتزداد معدلات التضخم، ومن ثم تزيد رقعة الفقر، والجوع، وتتضرر فئات كثيرة من الشعب، خاصة تلك التي تقتات من رواتب الحكومة التي لا تسد رمق دجاجة جائعة، ناهيك عن أسر بأكملها ربما تعتمد على راتب واحد.
السؤال الجوهري.. ماذا ينتظر السيد “مبارك الفاضل المهدي”؟، لماذا لم يتقدم باستقالته حتى الآن ويحفظ ما تبقى من ماء وجهه، بعد إقراره بالفشل الذريع، أم أنه يتبع المثل الشعبي القائل “البتبلبل بعوم”؟، فالرجل الذي عرفت معظم مواقفه السياسية بالاندفاع وردود الأفعال ربما لا يرغب في المغادرة حتى لا يشعر بالفشل أمام منافسه التاريخي في المسرح السياسي، خاصة وأن قريبه نجم المعارضة هذه الأيام.
ظللنا نقول إن سياسيينا يفتقرون للمبدئية في مواقفهم السياسية، جميعها مبنية في الأساس على ذاتية مفرطة، وبعدها تأتي المصلحة العامة، وهو بالضبط ما جسده “مبارك الفاضل” جلياً.