تقارير

“بشارة أرو” و”أبو قردة” أبرز الباقين وهؤلاء سيغادرون مواقعهم..

هل حان موعد التعديل الوزاري المؤجل؟؟

حديث السبت – يوسف عبد المنان
“بابكر نهار” (15) عاماً في الوزارة و”آسيا عبد الله” فشل معلن
عندما أعلنت الحكومة التغيرات الأخيرة في الحكومة الاتحادية وبعض الولايات.. تم حصر التغيير في وزراء المؤتمر الوطني فقط.. دون المساس بوزراء أحزاب حكومة الوفاق الوطني.. وصاحب التغيير في وزراء الوطني شد وجذب.. ورفض وممانعة من قبل البعض.. واستقالات بعد التعيين، كل ذلك والتغيير والتبديل لم يطال وزراء الأحزاب الحليفة للوطني.. وإذا كان الحزب صاحب الأغلبية قد تعثر التعيين فيه لتعدد المرشحين.. وتداخل الاختصاصات ما بين رئيس الوزراء المسؤول قانوناً ودستوراً عن تشكيل الحكومة، وما بين الحزب ممثلاً في نائب ورئيس الحزب للشؤون التنظيمية والسياسية، فإن التعديل في صفوف وزراء حكومة الوفاق الوطني يبدو عسيراً جداً.. وذلك نظراً لتعدد الأحزاب واختلاف أوزانها وغياب الديمقراطية والمؤسسية في تلك الأحزاب.. وقد أرجأت الحكومة التعديل المنتظر في صفوف وزراء الأحزاب الشريكة لوقت لاحق!! فهل حان الوقت الآن لإجراء التعديل المنتظر؟؟ وهل ثمة ضرورة له؟؟ ومن يملك حق التعديل؟؟ الإجابة عن هذه الأسئلة الشائكة تضيء جزءاً من المسرح السياسي والتنفيذي.. وتبدأ بضرورات التعديل.. وفي ذلك يطرح سؤال في الرأي العام: هل أداء شركاء المؤتمر الوطني القدامى والجدد سياسياً وتنفيذياً جيداً أم ممتازاً أم دون ذلك؟؟ تقدير التقييم والتقويم يختلف ما بين رجل الشارع العام ورجل الدولة.
كثير من الوزراء يؤدون واجباتهم في صمت بعيداً عن أبواق الإعلام، وبعض الوزراء يشكلون حضوراً دائماً في أجهزة الإعلام، وغياباً في دائرة الفعل.. والإنجاز.. ولكن هناك اتفاقاً على حسن أداء بعض الوزراء وتدني في عطاء بعضهم.. ولكن تعقيدات الحكومات ذات الطبيعة (التحالفية).. وصعوبة انسياب القرار.. والسعي لإرضاء الحليف الحزبي تمثل عائقاً أمام المسؤولين في محاسبة الوزراء (الحلفاء)، ويجد الفريق “بكري حسن صالح” نفسه أمام خيارات صعبة في كثير من الأحيان، حال إقدامه على تقويم أداء حلفاء الوطني في حكومة الوفاق الحالية.. ولكن وزراء مثل “بشارة جمعة أرو” القادم من حزب العدالة القومي ،أثبت كفاءةً ومقدرةً على العطاء في وزارة الثروة الحيوانية، وظل “أرو” حاضراً سياسياً أكثر من حضور وزراء المؤتمر الوطني.. وخلال فترة قصيرة اخترق الجدران العازلة خارجياً وبلغ الولايات المتحدة الأمريكية.. وشكل “أرو” حضوراً في ملف مفاوضات المنطقتين أكثر من وزراء المؤتمر الوطني.. والرجل بعطائه وتواضعه وتواصله مع القواعد أصبح مكتبه ملتقًى لأبناء منطقته الحائرين في دروب العاصمة الخرطوم.. وإذا كان “بشارة أرو” يمثل الوجه الأول لحلفاء الوطني في الحكومة الحالية، فإن وزير الصحة “بحر أبو قردة” هو الآخر أثبت إضافته الكبيرة.. ويجمع الأطباء في وزارة الصحة بأن الشاب القادم من حركة التحرير والعدالة حقق نجاحات في وزارة ظلت تاريخياً بؤرة صراعات لأصحاب المصالح وحلفاء شركات الأدوية.. وما عجز عن تحقيقه وزراء سابقون من أعضاء حزب المؤتمر الوطني، نجح فيه “أبو قردة” أيما نجاح.. وتمثل ذلك في نأيه بنفسه عن خلافات الأطباء الإسلاميين.. ووجد “أبو قردة” سنداً ودعماً من الأطباء في الصراع الدائر حالياً مع وزير الصحة بولاية الخرطوم عطفاً على نزاهة الرجل.. ونظافة أياديه في وزارة تتناثر حول مكاتب المسؤولين عنها العملات الصعبة.. والجنيهات السودانية، وفي زمان مضى انتقل الفساد في وزارة الصحة من شارع النيل حتى مصانع الأدوية بدولة الهند.. لذلك يمثل “أبو قردة” و”بشارة أرو” إضافات حقيقية للجهاز التنفيذي كوزيرين صاحبي عطاء، بعيداً عن الإضافة السياسية لكليهما، فالأول يمثل تياراً عقلانياً وواقعياً من أبناء النوبة الرافضين للتمرد، وحمل البندقية، والمؤمنين بالحل السلمي لقضية مظالم تاريخية تعرضت لها المنطقة.
أما “بحر أبو قردة” فقد لعب دوراً عسكرياً وسياسياً في إشعال حريق دارفور، ومن ثم سلام دارفور حينما أيقن بأن البندقية قد انتهى دورها في مرحلة ما!! وبالطبع أثبت وزراء آخرون من الحزب الاتحادي الديمقراطي.. كفاءة مثل السياسي المخضرم “أحمد سعد عمر” ، والشاب “حاتم السر”.. وقدم المؤتمر الشعبي خبرة ما في جعبته.. من السفير “إدريس سليمان” الشقيق للقيادي في الوطني “محمد حاتم سليمان” ، ووزير الصناعة د.”موسى كرامة” ، ولكن مقابل هذه الإشراقات هناك إخفاقات لوزراء مثل الأستاذة “آسيا عبد الله” وزيرة التربية والتعليم التي ظلمها حزبها التحرير والعدالة وأسند إليها وزارة مشكلاتها استعصت على بروفيسور “كبشور كوكو” المتخصص في التربية.. وفشل في حلها “عبد الباسط عبد الماجد” المعلم الذي ارتقى من مدخل الخدمة حتى منصب الوكيل ثم الوزير الاتحادي.. وجاء “عبد الباسط سبدرات” في مقعد كان يشغله د.”محي الدين صابر” ، فكيف تأتي وزيرة التربية الحالية بلا خبرات.. وحتى في الوظيفة العامة من هتافات الندوات ونشاط الاتحادات الطلابية وإدعاءات الحركات المسلحة إلى أهم وزارة.. فكيف لا يتعرض امتحان الشهادة السودانية في زمانها إلى التخريب ويخون معلمون ضمائرهم.. ويتلاعبون في ورقة الكيمياء، ويكبدون الدولة خسائر فادحة.. ولو كانت وزيرة التربية تنتمي حضارياً إلى الدول التي يتحمل فيها التنفيذي مسؤولياته لقدمت استقالتها، ولكنها لم تفعل، فهل يطالها التغيير في الحكومة القادمة؟؟
وفي انتظار التغيير ،هناك وزراء حلفاء المؤتمر الوطني منذ 2003م، وهم يتقافزون من وزارة لأخرى كالفراشات بين الأزاهر.. د.”أحمد بابكر نهار” هو مثال لوزراء مكثوا طويلاً ما بين التربية والنقل والعمل.. ولم يطالهم التغيير حتى ظنوا في أنفسهم أنهم ثوابت في الأرض.. ود.”أحمد بابكر نهار” ليس وحده.. د.”أحمد بلال عثمان” من الحزب الاتحادي الديمقراطي.. ووزير الدولة بالثروة الحيوانية “مبروك مبارك سليم” ، ووزير الدولة بالثقافة “مصطفى تيراب” ، وعشرات من هؤلاء قل عطاؤهم السياسي.. والتنفيذي، وقد جاءت بهم التحالفات من أجل الإضافة السياسية، فهل لـ”مصطفى تيراب”، و”مبارك مبروك سليم”، و”تابيتا بطرس” أثر سياسي ؟؟ لماذا تم تعيينهم إذا كانوا عاجزين عن استقطاب حتى أفراد بأصابع اليد الواحدة، ومن قصص وحكايات الراحل الشهيد “الزبير محمد صالح” رحمة الله عليه، وكان رجل دولة صاحب بديهة وطرفة، يوم افتتاح أعمال المجلس الوطني الانتقالي، وهو أول برلمان مُعين في عهد الإنقاذ، نظر الشهيد “الزبير” إلى الأب القس “فيلوثاوس فرج” كاهن كنيسة الشهيدين، وقد حضر إلى مقر البرلمان بكامل زينته، ربطة عنق جميلة.. وخلع العباءة السوداء والصليب الذي يضعه على صدره ، فسأله الشهيد “الزبير” عن الصليب، فقال الأب “فيلوثاوس فرج”: (آثرت عدم لبس الصليب في هذا اليوم احتراماً للبرلمان وعضويته).. فضحك الشهيد، وقال له: (نحن عيناك عشان صليبك)، فالقيادات المتمردة ونصف المتمردة عينت في مناصب الوزراء ووزراء الدولة حتى تستطيع إقناع حاملي السلاح بأن السلام هو خيار الدولة، ولكن إذا كانت “تابيتا بطرس” لا تستطيع حتى الوصول إلى كاتشا مقر كنيسة والدها.. ولن يفلح “مصطفى تيراب” في الحديث مع “أركو مناوي”.. ولا يجرؤ د.”أحمد بابكر نهار” في دعوة د.”جبريل إبراهيم” لاحترام اتفاق خارطة الطريق الذي وقعه مع الحكومة، فما هي جدوى بقائه في السلطة؟!!
{ “مبارك” انطفأ بريقه
ظل “مبارك الفاضل المهدي” رجلاً فاعلاً في ميادين السياسة، أينما ذهب لاحقته فلاشات الإعلام.. وبعد عودة “مبارك الفاضل” الأخيرة.. بفضل وجهد الفريق “بكري حسن صالح” الذي أقنعه في اللحظات الأخيرة بمنصب وزير الاستثمار ، وأن ينوب عن رئيس الوزراء مثله والسيدة “سمية أبو كشوة” و”أحمد بلال عثمان”.. فإن “مبارك الفاضل” في أيامه الأولى بالوزارة نشط سياسياً وتنفيذياً.. وزار جنوب السودان وسجل أولى المبادرات لتحريك ملف المصالح المشتركة.. ثم توجه إلى أوروبا لبحث فرص الاستثمار بالسودان.. ودعا في منابر عديدة للتسوية مع متمردي الحركة الشعبية.. وفجأة اختفى “مبارك الفاضل” من المشهد السياسي والتنفيذي وبات ضنيناً بالحديث لوسائل الإعلام.. ومتوارياً عن الأنظار.. حتى احتفالات المجاملات ومقاهي التفاوض بين فرقاء الجنوب لم تعيد “مبارك الفاضل” للأضواء.. فماذا هناك؟؟ هل الرجل زهد في السلطة؟؟ أم يُعد نفسه لقفزة جديدة في الفضاء، وقد اعتاد “مبارك الفاضل” إثارة الساحة من حين لآخر ببعض الفرقعات السياسية التي تحرك جمود الساحة.. وبالطبع “مبارك” من النجوم التي يصعب على حكومة الوفاق الوطني الحالية التخلي عنها أو تبديلها لأنه بلا حزب.. بعد أن (خمش) من حزب الأمة القومي الكبير اللحم وترك لـ”الصادق” العظم.عند الانقسام الشهير وتكوين حزب الأمة للإصلاح والتجديد.. لكن “مبارك” فشل في الاحتفاظ بالمنشقين معه فافترقت دروبه مع “مسار” و”نهار” والراحل “الزهاوي إبراهيم مالك” ولم يستطع احتمال طاقات د.”الصادق الهادي المهدي”.. وفشل في التعايش مع “عبد الجليل الباشا” و”عبد الله بركات”.. وغادر الحكومة بعد خلافاته الشهيرة مع الشيخ “علي عثمان محمد طه” ، ولكنه أفلح في إقناع نصفهم بالعودة معه لصف المعارضة وحينما عاد مرة أخرى للحكم بات وحيداً بلا رصيد من القيادات، لذلك يبقى “مبارك الفاضل” في السلطة بتقديرات السياسة أكثر من اعتبارات العطاء التنفيذي.. مثله وآخرون في حكومة الوفاق الوطني، لكن ضرورات التغيير الملحة جعلت الإقبال على التعديل فرض عين في الوقت الراهن وليس فرض كفاية.
{ أصوات من القضارف
أثارت المقالة التي نشرت الأسبوع الماضي عن استقالة “كرم الله عباس الشيخ” من المؤتمر الوطني ردود أفعال واسعة هنا.. وهناك.. ومن بين عشرات الاتصالات تلقيت من الأستاذ “محمد محمود يوسف” القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي مكالمة مطولة عبر فيها الرجل عن تقديره لما كتب في صحيفة (المجهر) عن استقالة “كرم الله عباس الشيخ” وأثرها السياسي على حزب المؤتمر الوطني وعلى القضارف كمدينة وولاية، وقال “محمد يوسف” في حديثه الصادق جداً :إن “كرم الله” لا منافس له في القضارف سواء خاض الانتخابات بصفة مستقل أو ببطاقة انتماء للمؤتمر الوطني.. وذلك لأنه رجل مختلف في سلوكه الشخصي تواضعاً من غير ضعف.. وقرباً من الناس في مسراتهم وأحزانهم.. ولذلك يصعب منافسته.. ولن يستطيع أي من قيادات المؤتمر الوطني الترشح في مواجهة الرجل لأسباب موضوعية جداً.. فالمؤتمر الوطني على حد قول “محمد محمود” : يقدم قيادات متعالية ومتغطرسة بعيدة عن الناس.. ولذلك مصيرهم الفشل.. وأضاف إن الاتحاديين كانت لهم أرض سياسية واسعة في القضارف، لكنهم فقدوها بسبب تحالفاتهم الحالية ، التي هي محل رفض من قبل القواعد والصادقين.. واستبعد “محمود” أن يفكر أي حزب في منافسة “كرم الله” بالقضارف في الانتخابات القادمة ، معتبراً استقالته من الوطني خسارةً فادحةً له.. ومكسباً كبيراً لقوى التغيير.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية