حوارات

المدير العام للآثار والمتاحف د. “عبد الرحمن علي” في حوار ما بعد البراءة

كنت متوقع حكم البراءة وثقتي في الله كبيرة وأنا ما كنت قصرت في الحفاظ على الآثار

اكتشفت إنو في ناس كتيرة كانت واقفة معاي ولم أشعر بأن هناك شامتين
تأثير الأزمة كان كبيراً عليّ (لكن أنا اكتشفت إني ممكن استحمل الصدمات والأزمات) والتجربة جعلتني أكثر حرصاً على حماية الآثار
حوار _ هبة محمود سعيد
ظل الحديث عن اختفاء شجرة الصندل من ساحة المتحف القومي في العام ٢٠١٤ وقطعها بمنشار كهربائي في ظل وجود خلل في المنظومة الأمنية للمتحف، مثار اهتمام المجالس، كلما انفض سامر واجتمع. وعلى الرغم من فتح القضية والسكوت عنها من وقت لآخر منذ لحظة اختفاء الشجرة، إلا أن الطرق على القضية في أعقاب إنشاء محكمة للفساد كان هو الأول من نوعه، فيما أصابع الاتهام تشير في المقام الأول لمدير عام هيئة الآثار والمتاحف الدكتور “عبد الرحمن علي” الذي تصدرت أخباره مانشيتات الصحف، قبل أن يؤكد في حوار سابق لـ(المجهر) على أن الاتهام وضع مهنيته في المحك وهو يصف نفسه بأنه مؤسسة قومية لديها أبعاد عالمية وعلاقات واسعة مع العالم، ويقول: (نحن نحمي تراث أمة كاملة، نمشي نحفر الآثار ونجيبها ونعرضها في المتاحف، وإلا ممكن نسرقها ونشيلها ما نجيبها ونزوّر في التاريخ).
الصحيفة التقته في حوار على عجالة ما بعد الحكم بالبراءة (الأربعاء) الماضي، وتبرئته من سرقة شجرة الصندل.. فماذا قال؟

{ حمداً لله على السلامة دكتور ومبروك البراءة؟
_ الله يبارك فيك.
{ (شجرة الصندل) قضية أثارت جدلاً واسعاً.. كيف تلقيت حكم البراءة؟
_ (والله أنا كنت متوقع حكم البراءة) وثقتي في الله كبيرة في أن أخرج براءة من التهمة التي نسبت إليّ.. (أنا ما كنت مقصر في الحفاظ على هذه الآثار، وأنا بالذات تربيت في الهيئة العامة للآثار وبديت من الصفر من موظف صغير وتدرجت فيها حتى وصلت مدير عام). عرفت قيمة الآثار والانتماء إليها (وعشان كدا أنا طوال فترة عملي دي ما مشيت خليتا).. الآثار دراسة شيقة يمكن أن تساهم في حل قضايانا الاقتصادية من خلال السياحة الثقافية وهي مصدر هوية الشعب السوداني، فمن هذا المنطلق يأتي حبي لها، و(عملنا مرتبط بالثقة وأي زول ما فيه الثقة ما بعمل في الآثار).
{ كنت على علم بالقرار؟
_ لا.. لا.. لم أكن على علم، (عرفنا في نفس الوقت مافي زول عارف إنو في حكم مسبق)، أنا كنت في مهمة رسمية قضيت المهمة الرسمية وعدت قبل يوم من القرار (لكن أنا بالذات كنت متوقع).
{ كيف استقبلت خبر البراءة؟
_ (كنت مبسوط جداً) وذرفت عيناي الدموع.. والحمد لله.
{ هل ساورتك بعض المخاوف للحظات في عدم نيل البراءة؟

_ رغم أنني كنت متوقعاً البراءة (لكن الزول بخاف، ما الإنسان هو الإنسان وهيبة العدالة برضو ليها أثر).. لكن الحمد لله.
{ نعم الحمد لله.. هو ابتلاء بالتاكيد؟
_ ما حدث لنا ابتلاءات واختبارات من الله تعالى، ونحن صبرنا عليها وواجهنا بكل الأدلة والبراهين التي تثبت براءتنا، بالاستعانة بالمحامين والحمد لله ربنا وفق العدالة في بلدنا لاتخاذ القرار الصحيح الذي أثبت براءتنا.. نحن نحمد الله على ذلك، ونحمده حمداً كبيراً أن بلادنا بلد القانون.
{ كيف استطعت التعامل مع الأزمة.. شبهة الفساد تحوم حولك.. وأخبار شجرة الصندل تتصدر مانشيتات الصحف وأحاديث هنا وهناك عن دفع رشاوى للنيابة؟
_ تأثير الأزمة كان كبيراً عليّ بالتأكيد، (لكن أنا اكتشفت إني ممكن استحمل الصدمات والأزمات) ويمكن أن أتحمل هذه الحملة الإعلامية الكبيرة التي كانت موجهة ضدي والتي كانت بمثابة اغتيال إعلامي، لكنني تحملتها وهذا بثقتي في الله تعالى وأنني بريء (والثقة دي أدتني قوة).
{ لماذا تصف الحملة باغتيال الشخصية.. الصحافة كانت تؤدي دورها؟
_ أنا زول مسؤول من تراث بلد يكتبوا عنك المتهم المدير العام للآثار من غير توضيح إنو الاتهام من واقع المسؤولية، ودا كلام ما في محلو.. ودا أضر بينا كتير.
لكن أنا أعتقد أن حواركم معي السابق في وقت الأزمة كان حواراً جريئاً وواضحاً أماط اللثام عن كثير من الحقائق الغائبة (لكن في ناس تكتب وتنتقد والمهم إنو السلطة الرابعة كانت تؤدي دورها.. والحمد لله ربنا أظهر براءتي ودي ضريبة العمل العام منصب المدير العام كان فيه حاجات إيجابية نحن تمتعنا بيها وربنا قدر إنو تحصل حاجات سلبية، تعرضنا ليها وتعلمنا منها الكثير). أنا كنت أتمنى أن تتضح الحقائق، والحمد لله.
{ تأثرت؟
_ بالتأكيد ما كان في توضيح (الموضوع يظهر في المانشيت العريض.. وأنا في قرار نفسي تأثرت، والأمر كان بمثابة إشعار خفي في ناس بقولوا ننتظر العدالة لحدي ما تقول كلمتها وفي ناس بحكموا ليك طوالي، وإنا برضو إنسان وبزعل لكن بقول ربنا أراد كدا وأنتظر لغاية ما ربنا يفرجها والحمد لله).
{ من واقع وصفك لما حدث باغتيال الشخصية.. هل راودك شعور يوماً ما بعدم تصفح جريدة أياً كانت؟
_ لا.. لا.. بالعكس أنا كنت أقرأ كل الصحف حتى أعرف كل ما يكتب عني (في حاجات حقيقة من واقع المحاكمات، وبالمقابل في حاجات ما حقيقية).
{ الآن وبعد حكم البراءة دكتور.. هل تعتقد أن اتهامك لم يكن في محله؟
_ (انا ما بقدر أقول إن الاتهام مافي محلو لأنو في جهات عدلية شغالة شغلها وعندها نظرة قانونية مختلفة، أنا زول مدني ما عندي نظرة قانونية، ديل ناس بشتغلوا شغلهم حسب البينات المتوفرة ليهم ودي حلقة من حلقات تحقيق العدالة أكيد).
{ كيف استفدت من هذه التجربة وبماذا خرجت؟
_ طبعا استفدنا من التجربة في إننا تمكنّا من معرفة حقوقنا وواجباتنا القانونية بصورة صحيحة، وأيضاً من واقع المسؤولية الكبيرة (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).. التجربة جعلتنا أكثر حرصاً على حماية الآثار والعمل على الحفاظ عليها وتطويرها وتطوير الكوادر التي تعمل فيها حتى تتسنى لنا حمايتها بصورة ممتازة.
{ ما هي أهم الخطوات التي قمتم بها للحفاظ على الآثار السودانية؟
_ أدخلنا التأمين الإلكتروني للآثار، وسنعمم هذا العمل لكل المتاحف وسندخل التقنيات الحديثة في الحفاظ على الآثار وسنستقطب دعماً خارجياً (ونلاحق المالية لغاية ما يصرفوا لينا المستلزمات بتاعتنا، ويظل شغل العلاقات الخارجية لاستقطاب الدعم متواصلاً).
{ أخيراً دكتور.. الأزمات تبين المواقف والأشخاص فكيف كان تعامل المحيطين بك خلال الأزمة؟
_ (مبتسما).. (والله ياخ اكتشفت إنو في ناس كتيرة كانت واقفة معاي).
{ لكن بالمقابل كان هناك بعض الشامتين أليس كذلك؟
_ لم أشعر أن هناك شامتين (أنا ما بعرف ما في الصدور لكن كل الناس واقفة معاي والدليل أمس الأول لمن مرقت من المحكمة كان هناك استقبال عفوي من كل الناس).
{ شكراً دكتور؟
_ تسلمي.. وشكراً جزيلا لك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية