البعض انتقد لجنة التجهيز له: المؤتمر العام للاتحادي الأصل .. إلى أين تمضي الخطرات؟!
اقترب زمن انعقاد المؤتمر العام للاتحادي الأصل، وقد ارتفعت الأصوات المحتجة على جملة أمور لكي يخرج المؤتمر العام انعكاساً ديمقراطياً حقيقياً يلبي تطلعات حزب الاتحاديين وقواعده الصابرة، ليؤدي دوره الصحيح في جغرافية وتاريخ الحركة السياسية في البلاد، لا سيما أن الوطن يمرّ بتحولات مهمة، ويعد عدته للدستور والوفاق الوطني، كما هناك وضوح في درجة النقلة المتوقعة في الحزب الحاكم بعد الدفع بأخبار ترشيح الإسلاميين للأستاذ “علي عثمان محمد طه” خليفة لـ”البشير”، ويؤكد هذا أن الساحة السياسية في أماكن أخرى تحتاج إلى تغيير بأحجام كبيرة..
وكان إعلان تكوين لجان التجهيز للمؤتمر العام الاتحادي الأصل، برئاسة مولانا الميرغني ورجالات متفرقة من القبائل وشيوخ الصوفية، سبباً لتجدد الاحتجاجات عليها، كامتداد طبيعي لمشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة الحالية، ومنذ أن بدأ الإعداد لقيام مؤتمر عام الحزب نشطت أذرع الحزب في تكوين قوة ضاغطة، كما برزت أصوات محتجة على طريقة تكوين اللجنة بالتعيين، برئاسة مولانا السيد “محمد عثمان الميرغني”، مما دفع مراقبين إلى توقع أن مخرجات المؤتمر العام، ملامحه ورجاله وقراراته، وربما ذات الوجوه القديمة، ستتكرر، لتستمر الأزمة التنظيمية، وتنتظر القواعد أربعة أعوام أخرى.
وذكر الأستاذ المحامي “علي السيد” في حوار نُشر بـ (المجهر)، أن رئاسة مولانا “الميرغني” للجنة الإعداد للمؤتمر العام مؤشر واضح على إعادة إنتاج الأزمة لإخراج مؤتمر صوري، المقصود منه إبعاد العناصر الفاعلة، ليستمر الخلفاء من حول السيد في إدارة الحزب – حسب تعبيره – وقال اتحادي (فضل حجب اسمه) إن هذه اللجنة تكرس لواقع في الحزب، هو هيمنة الرئيس، ووجود مجموعة مطيعة من حوله، وقال إنهم يعملون بقوة لتعديل هذه اللجنة بالتعاون مع بعض القيادات الرافضة لها.
وثمة صوت آخر يوضح درجة التفاعل في الحزب قبل تكوين اللجان العليا بالتعيين، ويقول “ميسرة أحمد عثمان”: (لن نقف مكتوفي الأيدي، وسنطلب من قيادة الحزب تسمية اللجنة العليا وأن ينأى مولانا الميرغني عن رئاسة اللجان وعن صراعاتها لأنه شخصية متفق عليها، بالإضافة لمكانته الروحية بين قواعد الحزب العريض).
وتستمر الأصوات المعارضة، وهي تلقي بالأشواك تحت أقدام اللجان ذات التعيين الذي يرسم أزمة الحزب التنظيمية مرة أخرى، إذ يقول “خليل عبد الوهاب”: (يجب أن يكون المؤتمر العام القادم للحزب تعبيراً حقيقياً عن تطلعات جماهير الحزب الاتحادي ذي المواقف التاريخية من الاستقلال والديمقراطية)، وأضاف: (ولن يأتي هذا الدور إلا بممثلين حقيقيين من قواعد الحزب وأبنائه المخلصين الذين قاتلوا مع قوات الفتح حينما كان نظام الإنقاذ شرساً ودخلوا بيوت الأشباح، هؤلاء هم أعضاء اللجان المتوقعين، ونعلم أن إبعادهم كعناصر فاعلة وتقديم غيرهم على شاكلة من يقول (نعم) مطلقاً، يرجع بالحزب إلى الوراء في زمن منتظر منه التقدم للأمام تمشياً مع التحديات بكل أشكالها).. وختم خليل حديثه بأن مقرر اللجنة “محمد فائق” فشل حتى في عقد مؤتمر المهنيين.. لكن الإجابة عند “محمد فائق” داوية، إذ قال: (انتخابات المهنيين تمت في زمن الاعتقالات.. ولا أزيد).. وعن تكوين اللجان التحضيرية قال إنها لم تجتمع سوى مرتين وأحالت صلاحياتها إلى لجان أخرى لمستويات أكثر جماهيرية، مؤكداً أنه لا توجد أي صراعات، وأن رئاسة مولانا لتلك اللجان يعطيها قوة، وأية مشكلة تحل فوراً، وناشد معارضي تلك اللجان أن ينشطوا في تكوينات الحزب في القواعد لمنع الآخرين غير المرغوب فيهم من الصعود وتمثيل الحزب، وقال إن المؤتمر شفاف ومفتوح للجميع والفرص متساوية لكل فرد اتحادي من لجنة الحي والحارة والفريق لاختيار الرجل المناسب، كما قال (لا توجد أية توصيات من فوق). وعن سؤال (المجهر): هل بالإمكان ظهور رئيس جديد غير مولانا “الميرغني” كنتيجة من نتائج المؤتمر العام القادم رد: (لا، ليس بالإمكان لسبب بسيط أنه يتمتع بقبول جامع وسط الاتحاديين ومكان ثقة)، وزاد بالقول: إن مهمة المؤتمر العام هي اختبار ثقل القيادات وسط الاتحاديين ليمثلوا في المراحل الأعلى، وهذا المؤتمر منشور على الملأ، ولا نعمل في الظلام، بل هناك شفافية وإستراتيجية، ونقبل أي رأي آخر يكشف أي انحراف، وأشار إلى استحالة إرضاء الجميع لكي يمثلوا في اللجان التحضيرية، فإذا جاء “زيد” قالوا أين “عمرو”، وإذا جاء “عمرو” قالوا أين “زيد”، وليس من المعقول إدخال كل الاتحاديين في اللجان ليرضى الجميع.
ويدعم الأستاذ “تاج السر” الأستاذ “فائق” ويقول إن من يقول مثل هذا الكلام لا يقرأ دستور الحزب ولوائحه، ولا يستحضر تقاليده العريقة من تكوينه اللجان من سياسيين كبار في السن وشيوخ طرق صوفية ومشايخ قبائل يجب إكرامهم، وأن يكون اجتماعهم في حضرة الرئيس جزءاً من إكرام تاريخ الحزب الاتحادي والاتحاديين.
وعن احتجاج البعض على رئاسة مولانا “الميرغني” لهذه اللجان قال إن دستور الحزب يخول للسيد رئيس الحزب رئاسة هذه اللجان، لا سيما وأن هناك عدداً كبير من القيادات تتطلع لرئاسة اللجنة، ما يحدث آثار هنا وهناك.
هذه الآراء المتفرقة تجمع في حزمة رأي ثالث بعيد عن حساسية الانتماء، ويقول الأستاذ الصحفي “عادل إبراهيم حمد”: (الحزب الاتحادي كغيره عانى من انقطاع التجربة، الشيء الذي أضعفه كثيراً.. وهذا يعني أن أية محاولة لإعادة تنظيمه تحتاج لجهد استثنائي في تكوينها ومهام وكفاءة أعضائها وبعدها عن المحاور والإشارة)، وأضاف: (لكن يبدو من الآراء الناقدة للجنة أنها دون طموحات الاتحاديين، حيث يصفها الكثيرون بأنها لجنة تعد لمؤتمر صوري يخالف المؤتمرات، وعلى مستوى قيادته لن يأتي بقيادات حقيقية، لذلك شكّل الرئيس لجاناً رهن إشارته لتعطي الشرعية لمؤتمر صُمم من الآن على الطاعة، ولن يؤدي لإصلاح تنظيمي أو سياسي في الحزب، ولعل الخلل في الحزب الناجم عن الفردية المفرطة يجعلني أرجح وأشك أن (صورية) المؤتمر المزمع عقده لن يقوم أصلاً).
ودفعت مجموعة التيار العام للإصلاح وقيادات بارزة في الاتحادي الأصل بمذكرة تصحيحية لمولانا “محمد عثمان الميرغني”، تطالبه فيها بإلغاء قرار تكوين اللجان للإعداد لقيام المؤتمر العام للحزب مطلع يناير المقبل، وعمم بيان المجموعة على الصحف، وقالت فيه: (لا يستوي الظل والعود أعوج، وأن هناك سلبيات صاحبت الإعداد للمؤتمر العام وفي تكوين اللجان التي تم اختيارها على موازين تخالف الاختيار المؤسسي الصحيح، حيث غلب عليها طابع الطائفة والأخوة والأبوة والشلة والتصنيف السياسي المستند إلى الولاء للقيادة وإرضائها)، وطالبت باتخاذ قرار بإلغاء اللجنة العليا للمؤتمر أو تعديلها تعديلاً جوهرياً.
ويشير المناخ العام في الساحة الاتحادية إلى ملامح اختلاف متوقع.. فمن يعتبرون أنفسهم دعاة الإصلاح في نيتهم إحداث تغيير جوهري ولا يسمون الأشياء بأسمائها، ويحومون حول الهدف بتكتيك وصبر.. أما الآخرون في ضفة دعم القيادة لإدارة النقلة داخل البيت الاتحادي فيسعون لوحدة الحزب تحت إمرة القيادة التقليدية لتحقيق الشفافية والتجديد.. والمؤكد أن حراكاً قادماً سيشهده الاتحاديون.. فمن المنتصر؟ هذا هو المنتظر!!