ود مدني: رشان أوشي
منذ أن صدر قانون مشروع الجزيرة لعام 2005، باتت العلاقة بين المزارعين والحكومة على سطح ساخن، القانون قوبل برفض قاطع من المزارعين، بسبب مخاوف فتح الباب على مصراعيه للقطاع الخاص للاستثمار في المشروع، مما يترتب عليه إقصاء المزارعين والخروج من المشروع خالي الوفاض.
المزارعون المهتمون بما تجري به الأيام حال تطبيق القانون لم يألوا جهداً في الطرق على كل باب ممكن ـ والأحزاب السياسية نشطت في بذل المقترحات البديلة للقانون وإعادة المشروع لسيرته الأولى .
حزب الأمة القومي المعارض أولى قضية النزاع حول القانون أولوية لما تمثله ولاية الجزيرة من رمزية في تاريخ الحزب، واستضاف في فترات متباعدة مزارعي المشروع وطرح رؤيتهم لمستقبل المشروع ومناهضة القانون بكل الوسائل المشروعة والممكنة.
وما بين دار الحزب بأم درمان وود مدني عقد الحزب عدداً من الورش لمناقشة كل ما يتعلق بإصلاح القانون وإصلاح أوضاع المزارعين بما يحفظ حقوقهم التاريخية، نهاية الأسبوع الماضي استضافت ود مدني ورشة عمل بدار حزب الأمة بود مدني، ناقشت أوضاع المزارعين والمشروع باعتبارها قضية محورية للحزب في الوقت الحاضر والمستقبل في ظل المشاكل الاقتصادية الراهنة والنضوب المتوقع للموارد غير المتجددة (النفط) والرهان على ما يوفره مشروع الجزيرة من عُملات صعبة كما كان سابقاً، في ظل صعود القطن في السوق العالمي، والحاجة لتأمين الغذاء.
احتشد منسوبو الحزب ومزارعون في دار الأمة، الأمين العام للحزب “سارة نقد الله”، حملت الحكومة مسؤولية انهيار مشروع الجزيرة، وبالتالي تدهور الاقتصاد السوداني، وقالت خلال مخاطبتها للورشة إن المشروع هو ظهر الاقتصاد، وكان يعيل الأسر في كل السودان، متهمة حزب المؤتمر الوطني الحاكم (بتشليع) المشروع وبيع قضبان السكة حديد التابعة للمشروع لشركة جياد، مشيرة إلى أن أهمية الحديث عنه الآن يخص الخط السياسي لحزب الأمة في إطار مشروع الخلاص الوطني، الذي يستند على تجربتي أكتوبر وأبريل في إزاحة النظم الشمولية، مردفة: “عندما نزيح الإنقاذ سنعمل على إعادة بناء مشروع الجزيرة ومن ثم السودان”.
من جانبه أشار عضو المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، دكتور “الطاهر حربي” إلى ضعف الخدمات في مناطق المشروع، مما شجع المواطنين لهجر مناطقهم والنزوح للمدن، موضحاً خاصة العاصمة الخرطوم وإن (50%) من سكان السودان يعيشون في الخرطوم، ويعملون في مهن هامشية لا ترفع من مستوى المواطنين ولا تدعم الاقتصاد، مشدداً على أن المخرج الحقيقي أن يبقى الناس في الجزيرة وابتكار وسائل توفر الخدمات المطلوبة، مطالباً بضرورة رؤية مستقبلية لمشروع الجزيرة ترى بعين فاحصة ما يجري في العالم .
وقال الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي بولاية الجزيرة، “عبد الرحمن عامر”، إن تدمير مشروع الجزيرة مسألة ممنهجة تمت بأيدٍ معروفة نهبت من خلالها حقوق المزارع الذي كانت عليه وصايا من الحكومة وشركاته مستباحة للحزب الحاكم .
في ذات السياق طالب رئيس حزب الأمة القومي ولاية الجزيرة “خلف الله الشريف”، بمتابعة وحصر لكل الدمار الذي حدث للمشروع ورصد كل الذين شاركوا في ذلك، وسن قوانين جديدة لمعاقبتهم وإرجاع المشروع لهيكله الإداري السابق.
الحكومة من جانبها عملت لجبر الضرر الذي لحق بالمزارعين، فقبل خمس سنوات، شهدت ولاية الجزيرة وقطاعات المزارعين رفع التقرير الختامي للجنة “تاج السر مصطفى” المناط بها تقييم المشروع عبر حشد جماهيري في إستاد ود مدني، تحدث فيه النائب الأول لرئيس الجمهورية، الأستاذ “علي عثمان محمد طه” آنذاك، والذي وعد بفتح كتاب مشروع الجزيرة، تم تشكيل اللجنة في شهر مارس 2013 برئاسة الدكتور “تاج السر مصطفى”، واشتهرت بلجنة “تاج السر”، عقدت اللجنة عديد من اللقاءات مع المزارعين والقيادات بالمشروع وكان اللقاء الأهم مع ممثلي سكرتارية تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، والذي نقل رأي أغلبية المزارعين وعكس صورة واقعية لأوضاعهم ساعدت اللجنة في الوصول إلى الشكل النهائي من تقريرها، حيث كان رأي تحالف المزارعين يتمحور حول أربعة بنود رئيسية أهمها: إن مشروع الجزيرة وحدة إنتاجية واحدة لا تتجزأ باعتباره ظاهرة كونية فريدة وإنجاز بشري يضاف إلى جملة الإنجازات الإنسانية، إلغاء قانون 2005 والذي وصف بـ(أبو الكبائر) أو تجميده حالياً للعمل وفقاً لقانون 1984 إلى حين الوصول لقانون بديل، الاعتراض على “المتعافي” وجمعه بين وزارة الزراعة، ورئاسة مجلس إدارة المشروع، ووصف ذلك كالجمع بين الأخوات في الإسلام، وقف البرنامج الإسعافي المقدر بـ(157) مليار جنيه، حتى لا يمتصها الفساد وتوجيه المبلغ للإصلاح وليس الإسعاف، من هذه المحاور الرئيسية تفرعت منها حوالي (14) مطالبة اتفقت اللجنة على (12) منها بما فيها مبدأ محاسبة المتسببين في التدمير وحل اتحاد المزارعين ليتضمنها التقرير الختامي.