تقارير

الموسم الزراعي بالقضارف… في دائرة الخطر

سليمان مختار

تحديات ومعوقات ترسم ملامح الموسم الزراعي الحالي بالقضارف، تمثلت في انعدام الجازولين المخصص للموسم الزراعي ،وعدم انسياب التمويل وارتفاع كلفة الزراعة ،مما يهدد الموسم الزراعي بالولاية خاصة المناطق الجنوبية ، وفق مخاوف المزارعين ، فيما تقول الجهات الرسمية أن الوضع لا يزال تحت السيطرة ، وهناك مزيد من الوقت لتلافي الكارثة. (المجهر) استنطقت الجهات ذات الصلة لسبر غور الأزمة.
أصل الأزمة ؟

والي القضارف الأسبق “كرم الله عباس الشيخ” ،قاد حملة ضد حكومة الولاية ، بسبب عجزها عن توفير جازولين الموسم الزراعي، وأفاد في حديثه لـ(المجهر) أن أسباب أزمة الجازولين تكمن في عدم وجود احصائيات دقيقة لكميات احتياجات الولاية من الجازولين الخاص بالأغراض الزراعية، وقال : إن الوقت ليس في صالح المزارعين ،وليس هنالك متسع للحاق بإخراج الموسم الزراعي من الفشل، خاصة في المناطق الزراعية البعيدة ، وجزم “كرم الله” بخروج المناطق الجنوبية بالولاية ، والتي تشمل (باسندا وسمسم) وأجزاءً كبيرةً من المناطق الحدودية من دائرة الإنتاج للخريف الحالي جراء عدم توفر جازولين في مرحلة التحضيرات.
فثمة معوقات تعترض عملية ترحيل الجازولين لتلك المناطق، تتمثل في وعورة الطرق وغزارة الأمطار، وأرجع “كرم الله” أزمة عدم توفر الجازولين للمزارعين، ووصفهم بالأفندية والموظفين بالولاية بوضع احصائيات وتقديرات غير دقيقة لحصة الولاية من الجازولين الخاص بالزراعة . وحمل “كرم الله”، حكومة الولاية الأوضاع الحالية والنقص الحاد في الجازولين، ووصف جهودها في حل مشكلة الأزمة بالضعيفة ولا تسهم في إيجاد حلول جذرية للأزمة على المدى القريب، قائلاً : إن الموسم الزراعي الحالي أصبح في مهب الريح، وأقر ببيع المزارعين لحصتهم من الجازولين . ألا أنه استدرك، وقال : يجب على الجهات المختصة مراقبة ومتابعة عمليات التوزيع وضبط مثل هذه التفلتات، وأضاف إن ما حدث في هذا الموسم لم تشهده الولاية من قبل، رغم أن هنالك أزمة استثنائية في الوقود شهدتها البلاد منذ عدة شهور، إلا أنه كان بالإمكان أفضل مما كان على أن تقوم الحكومة مبكراً بتوفير الجازولين للزراعة ، ومضى قائلاً :إن الأزمة كانت بمثابة جرس إنذار مبكر لتوفير وقود الزراعة، وأشار إلى أنه يبدو أن الأمر لم يكن من أولويات حكومة الولاية والمركز.
و أيد رئيس اللجنة الزراعية بالمجلس التشريعي “وليد حسن علي”، حديث “كرم الله” السابق، وأرجع أسباب أزمة الجازولين لأغراض الزراعة إلى عدم كفاية التقديرات من الكمية المطلوبة لسد حاجة الولاية ، مقارنةً مع حجم المساحات المزروعة التي تقدر ب(8) ملايين فدان، وأضاف “وليد” إن تلك الاحصائيات التي قامت بها إدارة الزراعة الآلية اعتمدت فيها على الحيازات المقننة لديها وتجاوزات الأراضى الزراعية غير المقننة التي تقدر بـ(250) اأف فدان يمتلكها صغار المزارعين، ولفت إلى أن ذلك أحدث خللاً كبيراً في العملية، وحرم صغار المزارعين من الحصول على حصتهم من الوقود، وقيامهم باستئناف العمليات الزراعية، وحمل “وليد”، مسؤولية تفاقم أزمة الجازولين الماثلة للحكومة الاتحادية، وقال إن هنالك قصوراً واضحاً من قبلها في توفير الجازولين وحل الأزمة، وأنها فشلت في إيجاد الحلول الجذرية للأزمة منذ شهر مارس، الذي شهد أزمة انعدام الجازولين الخدمي ، وأنها كانت تعلم باقتراب موعد الخريف، وكان يمكنها تدارك ذلك بتوفير الجازولين للموسم الحالي ووضع ذلك ضمن أولوياتها باعتبار أن قضية الإنتاج الزراعي تأتي في سلم الأولويات وإعطاء قضية توفير الجازولين لأغراض الزراعة بولاية القضارف اعتبارات خاصة، لأنها تمثل ولاية الإنتاج الأولى، وتسهم بقدر كبير في الناتج القومي، وهي مطمورة السودان، وأعرب “وليد” عن خشيته من خروج عدد من المناطق الزراعية من دائرة الإنتاج بسبب عدم توفر الجازولين، وقال : إن للزراعة مواقيت لا تحتمل التأخير، واضاف إن ذلك سوف ينعكس على توقيت المحاصيل الزراعية النقدية مثل: السمسم والقطن والفول، وهي محاصيل تسهم في صادرات البلاد وتجلب للدولة العملات الصعبة .وقال: إن خروج تلك المحاصيل من الموسم سوف يحدث فجوة في حصيلة الصادرات الزراعية والإيرادات المالية الولائية ، وينعكس على مشروعاتها التنموية، إلا أنه عاد واستدرك قائلاً:إن الحكومة الاتحادية يمكنها تتدارك شبح فشل الموسم الزراعي الحالي من خلال توفير وزيادة حصة الولاية من الجازولين للأغراض الزراعية بنسبة (25% ) قبل انتهاء شهر يوليو الذي يمثل ذروة الزراعة، ونفى “وليد” وجود أي ممارسات سالبة من قبل المزارعين بتسريب كميات من الوقود الخاص بالزراعة.
حكومة القضارف تدافع

ومن جانبه، استبعد والي الولاية المهندس “ميرغني صالح سيد أحمد” فشل الموسم الزراعى الحالي، وقال: إن الموسم فلت من الفشل بفعل الإجراءات التدابير التي قامت بها الحكومة بتوزيع الحصة الأولى من جازولين الزراعة في شهري مايو ويونيو والتي استهدفت المناطق الجنوبية للولاية، وأضاف إن عمليات التوزيع تمت بنسبة (50%) ، وهناك مزارعون حصلوا على حصتهم بنسبة (100%)، وتمت مراعاة بُعد المسافة لتلك المناطق وكثافة الأمطار .
وأكد “صالح”، اهتمام الدولة في أعلى مستوياتها بأمر الزراعة وإعطاء القضارف الأولوية باعتبارها الولاية الأولى التي تتربع على عرش الزراعة المطرية من حيث الإنتاجية خاصة في محاصيل الصادر وتوفير الأمن الغذائي.
وكشف “صالح” عن إجرائه جملة من اللقاءات مع عدد من المسئولين بالمركز، شملت النائب الأول لرئيس الجمهورية ومساعدي الرئيس “موسى محمد أحمد” و”د. فيصل حسن إبراهيم”، ووزيري الزراعة، وديوان الحكم الاتحادي، بشأن قضية فجوة وقود الزراعة، ولفت إلى أنها أسفرت عن التزام المركز باستئناف تدفقات الجازولين للولاية بأكثر من (35) ألف برميل كدفعة أولى خلال الأيام المقبلة ومن ثم تتوالى التدفقات تباعاً لإنجاح الموسم الزراعي، مشيراً للترتيبات المبكرة التي وضعتها الولاية وتوفير التمويل اللازم بالبنوك وارتفاع معدلات الأمطار بكافة أنحاء الولاية تبعث تطمينات بنجاح الموسم الزراعي.
وأرجع “صالح” ، أسباب توقف ضخ وقود الزراعة خلال الأيام الماضية بسبب المراجعات من قبل رئاسة الجمهورية والوزارات المعنية بالمركز لإجراء تحقيق ومراجعة شاملة بشأن عدد التصاديق الفردية التي تمت لعدد من المزارعين، خصماً على الوقود الزراعي، منع تكرار ذلك مستقبلاً، ودان “صالح” تلك التصرفات والأعمال، وجزم “صالح” بحسم كافة الأصوات والتصرفات المحبطة للموسم الزراعي الحالي.

المساحات المستهدفة

قالت مدير عام وزارة الزراعة بالولاية المهندس “نفيسة نوح” خلال حديثها لـ (المجهر) إن جملة المساحات المستهدف زراعتها في الموسم الحالي بلغت (6930) مليون فدان بزراعة مساحة (4,5) مليون فدان بمحصول الذرة وتخصيص (1,5) مليون فدان لمحصول السمسم ومساحة (250) ألف فدان لزهرة الشمس ومساحة (150) ألف فدان لمحصول القطن ومساحة (30) ألف فدان بالفول السوداني ومساحة (400) ألف فدان بالدخن بجانب (40) ألف فدان بمحصول التسالي ومساحة (5) آلاف فدان لكل من محصولي الصويا والذرة الشامية ، وأشارت إلى انسياب عمليات تدفقات الوقود للزراعة واستلام عدد كبير من المزارعين لحصصهم المقررة ، فضلاً عن انسياب عمليات التمويل وارتفاع نسبته بصورة ملحوظة في هذا العام إلى (418, 785) مليوناً مقارنة مع مبلغ (65. 883) مليوناً من الأسبوع الماضي من العام الماضي ، وبلغ عدد المزارعين الممولين هذا العام (2549)ألف مزارع مقارنة مع عدد (1393) من نفس الفترة من العام الماضي.

صرخة الصغار

رغم الأمطار الغزيرة التى شهدتها الولاية خلال الأسابيع الماضية وتجاوزت معدلات العام الماضي في ذات الوقت يتوجس عدد كبير من المزارعين من فشل الموسم بعد توقف عمليات التحضيرات الزراعية في الكثير من المناطق بالولاية بسبب انعدام وقود الزراعة ، ويرى قطاع كبير من المزارعين أن تلك المساحات المستهدفة تواجه خطر التقلص والخروج من دائرة الإنتاج بسبب عدم استلام أعداد مقدرة من المزارعين لحصتهم من الجازولين خاصة صغار المزارعين ، وحذر قطاع من كبير من صغار مزارعي القضارف خلال حديثهم لـ(المجهر) من فشل الموسم الزراعي الحالي وانحسار وتقلص المساحات الزراعية المستهدفة هذا الموسم ، لانعدام الوقود وتوقف عمليات التحضير للموسم جراء ذلك ، ودق عدد منهم ناقوس الخطر جراء ضعف وتلكؤ الإجراءات الخاصة بتدفقات كميات الوقود لأغراض الزراعة ، وقال “عبد الرحيم عثمان” .. الأمين العام السابق لاتحاد مزارعي الحدود الشرقية المحلول خلال حديثه لـ(المجهر) إن حصة الوقود التي تم توزيعها للمزارعين بلغت (63) ألف برميل تمثل (40% ) من الحصة الكلية للموسم الزراعي والتي تقدر بعدد ( 168000) ألف برميل .
وكشف عن توقف عمليات التحضيرات الزراعية بسبب نفاد كمية الوقود التي تم توزيعها في مرحلة التحضيرات للموسم الزراعي ، ولفت إلى أن جملة المساحات التي تمت زراعتها حتى الآن بلغت (40%) من جملة المساحات المقترحة لهذا الموسم والتي تقدر بحوالي ثمانية ملايين فدان، وحذر من مغبة خروج محصول السمسم من دائرة الإنتاج ، خاصة أن زراعته لا تحتمل التأخير وهي تمت مبكراً ، وكشف عن حاجة المزارعين العاجلة الآن لعدد (100) ألف برميل من الجازولين إذا لم يتم توفيرها خلال أسبوع سوف تؤدي إلى فشل الموسم الزراعي، ولفت إلى أن معظم المزارعين الآن اتجهوا لشراء الجازولين بالسوق الأسود للحاق بالموسم مما أدى إلى ارتفاع سعر البرميل إلى سبعة آلاف جنيه .
و شن مزارعون هجوماً عنيفاً على وزيري الزراعة والنفط الاتحادي لفشلهم في توفير الوقود والتمويل اللازم والتقاوى المحسنة ، لجهة أن أكثر من(85 % ) من المزارعين لم يتمكنوا من فلاحة أراضيهم الزراعية في مرحلة التحضيرات حسب إفادة المزارعين، فضلاً عن إشكاليات تواجه توفر التقاوى المحسنة. وقال “عبدالرحيم عثمان” :إن هنالك اتجاهاً لدى المزارعين لشراء (السلوكات) والعودة لفلاحة الأرض بالطرق البدائية، مضيفاً بأن أكثر من (60%) من قيمة التمويل الزراعي تذهب هدراً في إجراءات تكلفة التحضيرات ومخالفات شرطة المرور، وقال إن ذلك يؤدي لارتفاع تكلفت الزراعة.

انعدام الحلول

وتحدث المزارع “محمد يوسف خاطر” عن الإحباط وسط المزارعين خاصة صغار من انعدام أي حل لأزمة الجازولين على المدى البعيد والقريب خاصة بعدما تناقلته صحف الخرطوم لحديث وزير الدولة بالنفط بصعوبة موقف تدفقات الإمداد من الوقود خاصة الجازولين الخاص بالزراعة، وقال : إن ذلك يعقد الأزمة التى ظلت تتفاقم يوماً بعد يوم، ويقابل ذلك صراع بين المزارع ومواقيت الزراعة التى لا تقبل التأخير، وأن للزراعة مواقيت لا تحتمل التأخير وأن شراء الجازولين من السوق الأسود يضاعف تكلفة العملية الزراعية وقد يؤدي إلى إعسار المزارعين بفقد مدخلاتهم الزراعية وخروجهم من دائرة الإنتاج ، وطالب الحكومة الاتحادية بضرورة الإسراع بحل إشكاليات أزمة وقود الزراعة التى اجتاحت الموسم الزراعي.
انفراج جزئي:
وكشف وزير المالية والاقتصاد والقوى العاملة بالولاية “عمر محمد نور” عن وصول (65) ألف برميل جازولين في المرحلة الأولى خلال هذا الأسبوع إلى جانب وصول (150) ألف برميل جازولين بدأت عمليات ترحيلها من بورتسودان ، وقال: سوف يتم تخصيص (1800) برميل منها لصغار المزارعين، وأضاف إن توقف التدفقات كان نتيجة لبعض المراجعات، وقال: إن الكميات التي تم توزيعها في المناطق الجنوبية للولاية كانت كافية لمرحلة التحضيرات والزراعة لمزارعي المنطقة ، وسوف يتم تدفق متبقي الكميات للمنطقة الجنوبية بعد وصول الكميات الحالية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية