أخبار

البحث عن عاصمة

{ أي سوداني حينما يغادر وطنه إلى بلد آخر في زيارة قصيرة أو إقامة طويلة بحثاً عن استقرار نهائي أو مؤقت، يقارن ما يحدث في البلد التي يزورها بما يحدث في وطنه السودان.. وينظر البعض للنظام السياسي والصراع حول السُلطة.. وآخرون ينظرون إلى الخدمات من صحة وتعليم.. ونظافة وتنظيم.. والرأسمالية والتجار تشغلهم فرص التجارة والاستثمار .. وفي كثير من الأحيان تكون المقارنات ظالمة.. لنا أو لغيرنا ..
خلال الثلاثة أيام التي رافقت فيها نائب رئيس الجمهورية إلى دولة زامبيا.. ومرافقة “حسبو” داخلياً وخارجياً صعبة جداً ،تصيب المرافقين بالرهق والتعب والسهر . لأن الرجل ذو همة عالية ونشاط كثيف ،لا يركن للراحة منذ الصباح وحتى فجر اليوم التالي.. لذلك كثير من الوزراء (يهربون) من رهق زيارات “حسبو” خاصة للولايات ومتابعته الدقيقة للأداء.. في زامبيا طفنا مع السفير “عبد الرحمن حمزة” وهو أحد الدبلوماسيين المهنيين ،الذين تركوا بصمات حيثما ذهبوا.. في طوافنا على أسواق مدينة لوساكا العاصمة الزامبية الصغيرة ، كانت المقارنة حاضرة بينها وعاصمة بلادنا الخرطوم.. التنظيم الدقيق هناك.. ونظافة الشوارع والمتاجر.. وانتظام حركة السير في الشوارع وانضباط السائقين.. والمدينة التي يقطنها نحو (2) مليون نسمة تستريح من رهق يومها الذي يبدأ منذ الخامسة صباحاً ، وينتهي عند مغيب الشمس مثلها والمدن الأوروبية التي لا تعرف السهر.. لكن لوساكا مدينة نظيفة جداً.. لا قمامة في الشوارع ولا حفر ومطبات.. ولا بائعات شاي يعرضن أطعمة غير صحية في الشوارع ،ولا حجارة وإطارات لساتك مبعثرة وسط الأحياء.. يشعر المرء بالأسى والحسرة على عاصمة بلادنا الخرطوم ، التي تفتقر لمقومات العاصمة.. الأوساخ في كل مكان والشوارع خربة والسيارات المتهالكة .. والركشات تفسد البيئة.. وحكومة ولاية الخرطوم، في شغل عن مهامها التي عاتقها ورغم الإمكانيات المالية الكبيرة.. وتوقفت كل مشروعات الخدمات في الفترة الحالية فشلت ولاية الخرطوم في نظافة الشوارع.. وإزالة الأنقاض.. ونجحت حملة نائب الوالي “محمد حاتم سليمان”، في ردم بعض الحفر في الشوارع العامة، ولكن الكوش والأنقاض هزمت الحكومة بسبب غياب الرقابة والمتابعة.. وابتعاد المعتمدين عن المتابعة الميدانية وانصرافهم للواجبات الاجتماعية ، والاجتماعات التي لا جدوى ولا مردود لها.. ولو أنفقت الخرطوم الولاية نصف ميزانيتها في النظافة لما فعلت شيئاً في غياب المسؤولية والضمير. وسلوك المواطنين الذي يفتقر إلى الحضارة والمدنية.. وشوارع الخرطوم ، إذا قارنتها بشوارع أبشي لوجدت الأخيرة أفضل حالاً ،من حيث النظافة والنظام العام.
أين المشكلة ؟ هل هي في الإدارة التي أسند لها مهام فوق قدراتها المحدودة؟ أم في الإنسان بسلوكه غير الحضاري؟ أم في الإمكانيات المالية؟ بالطبع حكومة الخرطوم غنية جداً من حيث الموارد والإمكانيات ، ولكنها فقيرة جداً من حيث الرؤيا والتخطيط والتنفيذ.. مما يجعل البحث عن عاصمة بديلة للخرطوم خياراً ، يجب النظر فيه بجدية.. لأن الخرطوم بحالها الراهنة يصعب إصلاحها وهي عاصمة غير قابلة للتطور.. وصعب جداً تغيير وجهها الحالي.. وتعليم إنسانها السلوك الحضاري ، لأننا دولة تفتقر للقدوة في كل شيء.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية