حوارات

محامي حقوق الإنسان الشهير “نبيل أديب” في حوار استثنائي مع (المجهر)

* ترافعت عن "صلاح قوش" خلال فترة اتهامه لإيماني بضرورة تقديمه لمحاكمة عادلة

* حقوق الإنسان هي المشكلة بين الحكومة والمجتمع الدولي
* قانون النظام العام غامض
*لا أؤيد قلب النظام ولا أخاصم الحكومة
حوار ـ هبة محمود سعيد
المحامي الشهير “نبيل أديب” يرى في وصفه بالمعارض إجحافاً في حقه، جلس على مكتبه الأنيق بضاحية العمارات، ببدلة كحلية اللون وربطة عنق مقلمة باللونين الأبيض والكحلي وقميصا أبيضاً أضفى عليها ألقاً، وعلى سطح مكتبه عدد من الملفات وضعت بعناية، بجانب بعض الصحف التي تمثل صحف المعارضة، وكأني به يؤكد على معارضته وخصومته التي حاول نفيها من خلال الحوار الذي استمر لأكثر من أربعين دقيقة ظل “نبيل أديب”، يدافع عن الحريات ويؤكد على ضرورة وجودها لافتاً إلى أهميتها الحكومة قبل المعارضة، عدد من الاتهامات وضعناها على طاولته.. فماذا قال؟
* أستاذ “نبيل” عرف عنك نضالك المستمر ومعارضتك الدائمة للحكومة من خلال ما تكتبه ومن خلال ما تتولاه من قضايا، فهل العمل السياسي يتماشى معه عمل المحاماة على اعتبار أن المحاماة هي مهنة رد الحقوق؟
أولاً لدىَّ ميل سياسي كسائر الناس، لكن حينما أدخل قاعة المحكمة لا ادخل من وجهة نظر سياسية وإنما حقوقية، (البخليني اظهر زي ما قلتي أني معارض، هو الحكومة تقيف في قضايا ضد الناس، وأنا بدافع عن الناس)، هذا يعني أن القضايا السياسية الكبيرة التي ترافعت فيها هي قضايا أشخاص انتهكت حقوقهم وليس بالضرورة أن يكونوا معارضين أو ناشطي مجتمع مدني أو أعضاء أحزاب سياسية معارضة، الشيء الأساسي لدى هو أن حقهم الأساسي انتهك.
*إذاً أنت تترافع من واقع دفاعك عن حقوق الإنسان أي كان الخصم؟
أيوه من واقع حقوق الإنسان.
*هل يمكن أن تدافع عن الحكومة لو أنها كانت على حق في قضية ما؟

(أنا ضد أفعال الحكومة مش ضد الحكومة نفسها) أنا لست ضد أشخص الحكومة، المسألة تكمن في أنه حال اتخاذ الحكومة خطاباً جيداً أقوم على الفور بتأييدها، لأن السياسة نفسها لا توجد فيها خصومة دائمة أو صداقة دائمة، (أنا أقف حسب الموقف السياسي إذا كان الموقف السياسي سليماً أأيده)، الحكومة قابضة للحُريات، وهذا ما يجعلني أقف ضدها أنتِ الآن كصحفية تشعرين أنه ليس هناك حرية صحافة (لو قلتي غير كدا ما بتكوني صادقة مع نفسك)، ليس هناك حرية صحافة بدليل أن السُلطات تمنع صدور صحف أو تعليق نشر ويمنع كتاب من أن ينشر وهذا لا يتوافق مع حُرية الصحافة، أنا ما ضد الحكومة ولا ضد الأمن، الأمن هو الأمان لكن أنا ضد أنه يتدخل في أمر لا يعنيه، يعني لا يعنيه أن يتدخل في شؤون الصحفيين ويمنعهم حريتهم.
*من وجهة نظرك ماهي الأمور التي تعني الجهاز وله حق التدخل فيها؟
الشيء الذي يفترض على الجهاز فعله هو مراقبة المسائل التي تتعارض مع النظام الأساسي للدولة وهو الدستور (يعني العمل السياسي حق الأحزاب ما عندو دخل بيه، يعني الأحزاب تطلع مظاهرات ماعندو دخل بيه (أنا لست ضد الأمن، لكن ضد أن يخرج عن مهامه الأساسية) ونحن محتاجين للأمن، لأنه لو اشتغل مهامه الأساسية حيدينا الأمان والاطمئنان لكن بالطريقة السليمة).
*تعتبر أن توصيفك خصماً للحكومة ليس في محله؟
لا أنا لست خصماً للحكومة، والتوصيف معناها أنا ضد الحكومة، (زمان كان في نكتة اقولها ليك قال جماعة شيوعيين كانوا في باخرة والباخرة غرقت وهم بطريقة أو أخرى وصلوا إلى جزيرة على البحر وسلموا عليهم الناس، وعندما سألوهم من أنتم؟ فقالوا للناس عندكم حكومة؟ قالوا ليهم أيوه قالوا ليه نحن معارضة)، وهو مشهور عن إخوانا الشيوعيين أنهم معارضون للحكومة، (أنا ما داير أقول أنا معارض للحكومة، لكن أنا في فترات طلب مني تأدية خدمات للحكومة وقمت بتأديتها، لأني أنا بشوف أنها بتفيد البلد)، أنا اتعاون مع الحكومة (وأصلا الحكومة دي ما حقت زول).
*توصيف في غير موضعه إذاً؟
ما افتكر، يمكن يكون على السطح في غير محله، لأنه بالنسبة للقضايا السياسية أنا دائماً ما أكون في الجانب المخالف للحكومة لكن ليس لأحزاب معينة، أنا كنت محامياً للحركة، وأنا دافعت عن “صلاح قوش” مدير جهاز الأمن، خلال فترة اتهامه وكنت وقتها رئيس هيئة الدفاع عنه رغم أنه مؤتمر وطني.
دفاعك عن الفريق “صلاح قوش” وقتها لا يعني أنك دافعت عن الحكومة! (قوش) في تلك الفترة كان يواجه تهمة قلب النظام، هذا من جانب ومن الجانب الآخر هناك الكثير ممن انشقوا عن المؤتمر الوطني وحدثت بينهم خلافات فليس معنى أنك دافعت عن أحدهم، أنك دافعت عن المؤتمر الوطني؟
الأمر بالنسبة لي أنه كان عنده حق ويجب أن أدافع عنه.
*كنت ترى أنه على حق؟
طبعاً.. وإلا ما كنت دافعت عنه، (التهمة ضده ما كانت صحيحة).
*من أين تولد لديك هذا الإحساس، خاصة أنه رجل جهاز وأغلب القضايا التي ترافعت عنها ضد الجهاز؟
(ليس لديي مشكلة من كان، المهم هل هو كان على حق؟). كان متهماً بمحاولة قلب النظام.
*أنت تؤيد قلب النظام؟
لا أأويد قلب نظام الحكم، فالانقلابات تؤدي للمزيد من المشاكل، هو حقيقة لم يتآمر لقلب النظام، كان من حقه الدفاع عنه (والكلام ما كان صحيحاً والدليل أن الحكومة أسقطت التهمة ضده).
*كيف تم اختيارك للدفاع عنه؟
والله اتصلوا بيا وأنا وافقت طوالي.
*هل سألت لماذا دون المحامين الآخرين تم الاتصال بك؟
لا ما دي قضية بتاعت رأي عام، (يعني قضية بتاعت حق انو الشخص لابد أن يجد محاكمة عادلة، ولم اكن أعرفه شخصياً).
*للأمانة وشهادة سيسجلها التاريخ، هل ترافعت عن الفريق “صلاح قوش” لأن قضيته كانت ضد الحكومة؟

(لا المشكلة كانت هل الاعتقال بدون محاكمة صحيح ولا لا؟)، شخص ارتكب جرماً يجب أن يجد الفرصة في الدفاع عن نفسه ويواجه محاكمة عادلة هذا بالنسبة لي هو ما جعلني أدافع (لكن هو رأيه السياسي شنو ولا يشتغل شنو ولا إذا ما كان مؤتمراً وطنياً ولا شيوعياً، المهم هو أنه شخص لديه حقوق ويجب أن تصان) هذا كان المهم.
*ذكرت عن أنك لست خصماً للحكومة واستشهدت بدفاعك عن “صلاح قوش”، لكن بماذا تبرر دفاعك عن الحركة الشعبية، أنت كنت محامياً لها فكيف قبلت الدفاع عنها؟
الحركة الشعبية كانت الجانب الأضعف في الحكومة وأنا كنت اتولى الشؤون الخاصة بها، أنا دافعت عن مسؤول الإعلام في الحركة الشعبية كان معتقلاً ودافعت عنه لأنه اخضع لمعاملة لا تتفق مع القانون، (لكن لم أدافع عن الحركة الشعبية في أي قضية كانت ضد شيء يمس السُلطة)، (مرات منسوبيها يتعرضون لاتهامات).
*تسعى دائماً للترافع في مثل هذه القضايا أم أنها تأتيك لوحدها؟
(أنا أصلا لو ما طلب مني ما بمشي، أنا محامي وممنوع أمشي أبحث عن القضايا).
*هل يمكن أن أصنف دفاعك عن هكذا قضايا بأنك (محامي معارض)؟
ضاحكاً.. (ليه معارض أنتِ ما تقولي محامي يدافع عن حقوق الإنسان صنفيني كدا، أنا عندي تخصص في قضايا حقوق الإنسان القضايا ذات الصبغة الدستورية).
*ماهو أكثر ما تتحفظ عليه في فعال الحكومة أن صح التعبير؟
بالتأكيد الحريات العامة هي الأساس، القوانين الموجودة الآن تنتهك حقوق الإنسان، يعني (قانون الأمن ـ القانون الجنائي ـ قانون النظام العام ـ قانون الإجراءات الجنائية)، هناك عدد كبير من القوانين تنتهك حقوق الإنسان هناك ناس يتحاكموا بموجب هذه القوانين، هذه القوانين غير عادلة وغير منصفة وبالتأكيد مش كلها ولكن نصوص ومواد فيه تستخدم لمنع الناس عن التعبير عن رأيهم مثل قانون النظام العام قانون غامض، أساء للنساء (والنساء ليست فتنة إنما الفتنة في عقول الرجال، وزي ما ربنا أمر المرأة بزي محدد أمر الرجل أن يغض البصر)، ولذلك (الأدب والأخلاق يتعالجوا في البيت، والقانون من حقه التدخل عندما تصبح مهدداً لمصلحة اجتماعية).
*لماذا لم تفكر في الحصول على منصب تشريعي من خلال خوض الانتخابات كمستقل لتدافع عن حقوق الإنسان وتكون صاحب منصة، وتعمل على وضع بصمتك في القوانين التي ذكرت أنها تنتهك تلك حقوق؟
(أنا ما عندي حكاية اترشح في الانتخابات ودي عايزة مجهود كبير)، لكن كل ما يطلب مني رأي في تشريع ما أكون حاضراً سواء من الحكومة أو البرلمان (مرات يطلبوا مني الرأي في بعض القوانين، أخوانا في المعارضة يقولوا أنت ليه بتمشي ليهم وأنا بقول ليهم أنا ما بخاصم الحكومة)، (إذا كان القانون يحاكموا به موكلني وأنا عندي فرصة أني اغيروا فبالتأكيد سوف اغيروا ودا جزء من دفاعي عن الناس) ولذلك عندما أذهب للبرلمان أو أقبل عضوية لجان بالنسبة لتعديل القانون فإنني أبذل جهداً لصالح الشعب (وأنا بفتكر إنو الحكومة ما عندها مصلحة مخالفة للشعب ودي المسألة الرئيسية). الحكومة عندما تكبت الحريات لا تدع للناس أي فرصة إلا للثورة وللتمرد ودا ما في صالحها، (ولو في صالحها تقبل الحريات وأصلوا الحكومة المابتسمع الناس بقولوا في شنو تبقى حكومة غبيانة).
*وإن كانت الحكومة على علم بما يقال ولكنها تغض الطرف؟
(والله ممكن ما تكون عارفة، طبعا في حملات إعلامية ودوشة كثيرة وكضب كثير ماشي ممكن الناس الذين يتخذون القرار يقعوا في هذا الخداع يتخدعوا بما يسمعون) (يعين أنت كل ما تمشي حتة الناس فيها يقولوا ليك يا سلام والله كلامك كان تمام، فبالتأكيد سوف تصدقي وديل هم من يقودوا الحكومة إلى الهاوية، وأنا لما انقضها أصحيها من البيها لأنها لازم تسمع الكلام) (واسمع كلام الببكيك).
*كلامك مناقض يحمل معنى أن الحكومة ليست على خطأ وأن عليها مؤثرات؟
لا بد من إعطاء الناس فرصة للحديث، (وأنا لو ما أديت الناس فرصة للحديث، فكيف أسمعهم؟) حرية الرأي مهمة للحكومة أكثر من أهميتها للمعارضة لأن الحكومة لابد أن تسمح للناس آراءهم.
تعتقد أن الحكومة ليست دايماً على خطأ؟
والله شوفي الحكومة ليست دائما على خطأ لكن المشكلة هي أن الخطوط العريضة للسياسات الآن خاطئة، يعني في اللحظة التي نتحدث الآن فيها، حقوق الإنسان منتهكة، الوضع الاقتصادي شبه منهار، السياسة الخارجية مضطربة ولا يوجد انفتاح، (كنا نتحدث عن رفع العقوبات الأمريكية، وأول ما تم رفع العقوبات قبلنا على اتجاه آخر مشينا على تركيا وروسيا ولم نتابع الشيء العملناه) الانفتاح على العالم يتطلب الآتي وهو انتهاج سياسات مقبولة لدى العالم، ومشكلة كبيرة بين الحكومة والعالم حقوق الإنسان وما فيك أن تغالطي مغالطات الناس لن تصدقها، يعني ما تقولي نحن عندنا حريات أكثر من البلدان المحيطة بنا، يعني شنو حريات البلاد المحيطة بك، (المهم هو أنك تتمتعين بحريات حسب المستوى الدولي لحقوق الإنسان، ومش عشان تحاكي العالم). الحريات هي التي وفرت التقدم للناس (أنت الليلة لما تعاين للدول المتقدمة تلقى حريات بالرغم من انو ما عندها دين، الليلة ماليزيا ماشة لديمقراطية واسعة وهي اقتصاديا مشت لقدام كتير)، (المشوا في حقوق الإنسان مشوا لقدام لأنو أنا الليلة كمستثمر ما بمشي استثمر في حتة مضطربة من ناحية حقوق الإنسان، دا من ناحية، الناحية الثانية هي الناحية الاقتصادية، لأن الحكومة تفرض رأيها على الناس وعلى الاقتصاد حاجات هي ما بتقدر عليها يعني أنا الليلة ما ممكن احدد سعر الدولار إلا إذا عندي دولار عشان احدد دورلا في العام كله البنك المركزي لما يلقى سعر الدولار ارتفع يعرض كميات عشان ينزل، لكن كونوا اني اطلع قرارا واقول انو الدولار بـ(18) جنيهاً وهو في السوق بـ(40) جنيهاً فأنا هنا أجفف العملة الصعبة من المصارف، لأنو أنا لو عندي (10) دولارات ما بوديها المصرف طالما انو واحد بديني فيها (40) جنيهاً والمصرف بديني (18) فدي حاجات ما دايرة درس عصر لكن هم بعملوها)، فنحن بحاجة لأن نفتح اقتصاديا وسياسيا ودا لصالح الحكومة مثلما هو في صالح الشعب.
*تعتقد أن رفع العقوبات كان له سهم تحسن في حقوق الإنسان؟
(الحكاية فيها متعرجات) تحدث مظاهرات مثل التي حدثت احتجاجاً على رفع الأسعار وانتهت باعتقالات لم تعمل على خفض الأسعار، المشكلة الأساسية المهددة هو أن ارتفاع الأسعار جعل الناس في حالة غضب وثورة وإذا استمر الوضع هكذا سوف تفلت الأمور ولا بد من معالجتها، فتح الحريات لا يؤثر في الحكومة بقدر ما هو يسمح للناس بأن يكون لديهم مخرج لإبداء آراءهم.
*أخيراً على الرغم من رفضك تصنيفك بالمعارض، إلا أن نبرتك لا تخلو من بغض للحكومة وعداء سافر، فدعني اسألك لماذا هذا الاتجاه المعارض، فهل اخترت هذا الاتجاه لدوافع معينة أم أنه أسهل طريق للشهرة، أنت تصنف على أنك يساري؟
(والله شوفي أنت ما حتقدري تقولي أنا شيوعي ولا ما شيوعي) إذا فعل الحزب الشيوعي أمرا سيئا انتقده، وعرف العام الماضي منع الحزب لكتاباتي في صحيفة الميدان، (يعني أنا لست تابعاً لأحد) لكن أنا في تخصصي تخصصت في القضايا الدستورية (ودا ما معناها انو عملي كله ينصب في العمل الدستوري لكن عندي قضايا تانية مدنية وتجارية وكدا، لكن القضايا التي ارتاح ليها هي قضايا الدستور، لأن الدستور هو أساس الحياة السياسية السليمة، وهذا هوى يمكن أن تقولي.
أما من ناحية منحي هذا الاتجاه وهو أنني باحث عن الشهرة، فـ (يمكن مرات الناس بتكون في حاجات جوة نفسهم ما بعرفوها)، لكن أنا بعقلي الواعي لا أبحث عن الشهرة ولكن أبحث عن الحق، لأن موضوع الشهرة والبحث عنه ممكن يودي في أي اتجاه، واستطرد: (بعدين محاميي المؤتمر الوطني ايضا مشهورين، عموما القضايا العامة تعمل على لفت انتباه الناس، عموما إذا أنا مشهور فشكراً وعلى أي حال دا ما الغرض).

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية