{ الأحد الماضي وتحت عنوان (بيوت الله تعاني الإهمال.. أين وزراء الأوقاف؟!) تحدثت عن ما يعانيه أعرق مساجد الخرطوم (مسجد فاروق العتيق) و(مسجد الخرطوم الكبير) من إهمال وتجاهل مزمن جعلهما يفتقدان أهم الاحتياجات الضرورية، وأبرزها مولد الكهرباء وأبسطها جلاسات (المصاحف).. المقال وجد تفاعلاً كبيراً وجاءتني اتصالات عديدة تستغرب افتقاد هذين المسجدين العتيقين لاحتياجات يفترض أنها من الأولويات.
{ علمت من أحد مواطني مدينة بحري أن المصلين بـ(مسجد بحري الكبير) ما زالوا ومنذ سنوات عديدة ينتظرون تجديد الفرش أو (الموكيت).. الآن الفرش القديم الذي لم يتم تغييره كل هذه السنوات اهترأ وتمزق لدرجة أن ما تبقي من لونه الأحمر ظل يعلق بملابس المصلين ويطبع عليها مع التراب الناعم خاصة البيضاء.. بالله عليكم هل يعقل فرش المسجد الكبير بـ(عاصمة محلية بحري) وواحدة من مدن عاصمة السودان المثلثة يصل به الحال إلى هذه المرحلة السحيقة والدرجة المحزنة بل والمخجلة.. أين معتمد محلية بحري وأين الأوقاف الاتحادية؟ وأين الأوقاف الولائية وأين تجار السوق؟ وأين .. وأين .. وأين.. هل ينتظرون رجل خير أجنبي يستفزه المشهد ليتبرع بفرش جديد لمسجد بحري؟!
{ بالمناسبة سبق أن فعلها رجل أعمال عراقي أتى من (سوق أم درمان) وليس من خارج السودان بعدد مقدر من جلاسات أو حاملات المصاحف الفاخرة، وتبرع لمسجد فاروق العتيق.. ورجل الأعمال والخير العراقي هذا خلال إقامته بـ(فندق القذافي)، (كورنثيا) ظل يؤدي الصلوات الخمس بمسجد فاروق وأتى بـ(الحاملات الخشبية الفخيمة) بعد أن استفزته القديمة التي وجدها بالمسجد، وكانت مصنوعة من الحديد القبيح والكسيح، وفطن من أول نظرة إلى أنها لا تتناسب مع التحفة المعمارية التي يتميز بها مسجد فاروق العتيق، وما زلت أذكر تعليقه عندما شكره المصلون السودانيون ورد عليهم قائلاً: (لماذا تشوهون كل هذا التحفة المعمارية الإسلامية بحاملات مصاحف كهذه) وأشار بيده إلى الحديد المؤذي للنظر وللبدن.. والحمد لله كنت شاهداً على هذا الدرس العراقي.
} وضوح أخير
{ رغم انتشار الكثير من الصور المقلوبة بمساجدنا العتيقة إلا أن هناك ما يشرح النفس ويسعد الروح فيما يخص تعظيم المساجد. الجمعة الماضية تشرفت بافتتاح واحد من أفخم وأروع المساجد بالعاصمة الخرطوم ألا وهو (مسجد خالد ابن الوليد) بالسوق المحلي جنوب غرب الميناء البري، الذي شيده منفرداً وعلى نفقته الخاصة (من الساس للرأس) رجل الأعمال ورجل البر والإحسان “قسم الله فضل الله نصر الدين” الشهير بـ( قسم الله العقيد) وهو أحد أعيان منطقة (الجوير)، وشيد هذا المسجد لروح والده وكل المشاهد والشواهد تؤكد أن المسجد تم تأسيسه وتشطيبه وطلاؤه وإنارته وفرشه وتزيينه بمواصفات الجودة الشاملة وحتى حاملات المصاحف مصنوعة خصيصاً للمسجد ومن أجود الخامات الخشبية.
{ بالجد مسجد تحفة تحس في كل أركانه وكل أجزائه بمعنى وقيمة (تعظيم شعائر الله).
{ حقاً هذا الصرح الإسلامي المشرف استحق أن نوثق له خلال الأيام القادمة بالصورة والقلم.. احتفاءً به وتقديراً لمن يعظم شعائر الله.