تقارير

تعديل قانون الأحزاب …هل يطيح بقائمة الـ(93) حزباً؟

تقرير: هبة محمود سعيد
مقترح تعديل قانون الأحزاب السياسة حوى 10 تعديلات، لم تجمع عليها الأحزاب السياسية ، ووصفها مراقبون بـ (القاسية). يأتي على رأس تلك التعديلات تجميد نشاط الحزب حال فشله في عقد مؤتمره العام بعد مضي خمس سنوات من تاريخ آخر مؤتمر عام للحزب. وضمت التعديلات زيادة عدد الأعضاء المؤسسين للحزب ،على أن يكون عددهم 2000 عضو، بدلاً عن 500 كحد أدنى ومن 10 ولايات بدلاً عن ثلاث ولايات.
في الوقت الذي دفع فيه مجلس شؤون الأحزاب بمقترح تعديل القانون للمناقشة وإبداء الملاحظات ، دعا الأمين العام للمجلس “د.عبد الرحمن ضرار” الأحزاب والقوى السياسية ذات الاتجاهات المشتركة للاندماج لتطوير الممارسة السياسية وترقية الأداء التنظيمي الديمقراطي للأحزاب، لافتاً في تصريحات صحفية سابقة الى أن الواقع العملي لتطبيق القانون أفرز عدداً من الإشكالات القانونية مما يستوجب وضع حل لتلك الإشكالات ومعالجة الثغرات لجهة أن الأحزاب المسجلة بلغت (93) حزباً سياسياً، وهو رقم كبير وفقاً لما ذهب إليه سياسيون، ما استدعى تعديل القانون .

بيد أن الأصوات الرافضة لمقترح التعديلات على القانون تعالت ، فالحزب الشيوعي يرى عدم ضرورة وجود قانون للأحزاب السياسية، في تصريحات متطابقة لقياداته . فيما ترى أحزاب أن المجلس المعني بإدارة شؤون الأحزاب يحمل عوامل ضعفه بداخله.ولازمه البطء وعدم مجاراة الأحداث. خير مثال لذلك النزاع المتناسل بين “إشراقة سيد محمود” و”أحمد بلال” في محاولة بسط اليد على الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي اشتهر إعلامياً بالاتحادي المسجل. ،. عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي “صديق يوسف”، أكد لـ (المجهر) أن موقف الحزب الرسمي واضح منذ العام 2008 ، وقال: لا يجب أن يكون هناك قانون للأحزاب، لأن الأحزاب لا تحتاج لقانون، (الأحزاب دي تأسست من الأربعينات مافي زول سجلها)، وزاد: تكوين الأحزاب حق مكفول للناس أن يكونوا أحزابهم بطريقتهم، أي قانون للأحزاب أياً كانت صورته هو تضييق لحريات الناس ، ومضى قائلاً: نحن ضد وجود قانون للأحزاب مطلقاً، وكل ماهو مطلوب هو وجود مكان لتسجيل اسم الحزب وعضويته وعنوانه فقط لا غير، (نحن ضد أي قانون للأحزاب سواء كان معدلاً أو غير معدل).
وفي السياق، قطع أمين عام مجلس أحزاب الوحدة الوطنية “عبود جابر” بعدم تلقيهم مسودة مقترح التعديلات حتى الآن وقال لـ(المجهر): لم تعرض التعديلات على الأحزاب أو على مجلس الوزراء، وهو مجرد مقترح، (ما جانا والكلام دا بقولوا الناس كاجتهادات) وزاد: نحن نستبعد أي نص يفقد الأحزاب حقها الدستوري أو القانوني، لافتاً إلى أن التجربة السياسية في السودان بنظرة تاريخية هي تجربة ناضجة بكل المقاييس والمعايير، تجربة تسجيل الأحزاب هي تجربة جديدة، نثمن فكرة تسجيل الأحزاب بحسب الاشتراطات التي نص عليها قانون الأحزاب وتعديلاته في العام 2008 ، وقال: حتى الآن لم تعرض علينا مسودة التعديلات في القانون التي نسمع عنها ، ولكن من ناحية قانونية أي حزب اكتسب صفته الحزبية بنص القانون لا تستطيع الجهات أن تلغي تسجيله، وتساءل: من ناحية قانونية هل عقد مؤتمر عام لحزب يلغي تسجيله؟ ومضى بالقول: إلغاء هذه الأحزاب ليس بالساهل.
واستبعد “جابر” أن تقود هذه التعديلات للحد من الأحزاب بقدر تعزيزها للعملية السياسية، مؤكداً دعمهم لها في هذه الحالة، مشيراً إلى أن الإصلاح السياسي لا يعني تقليص الأحزاب وتعملها ثلاثة أو أربعة ، وقال: الإصلاح السياسي يعني تعزيز التجربة وتمكينها بحيث تكون عملية وطنية مفيدة وليست خصماً على الوطن (الناس يفتكروا أن التقليل هو الإصلاح السياسي وأنت في هذا السياق تكون قد عملت على الحد من الحق الخاص للمواطن في تنظيم نفسه).
في الوقت الذي تعيش فيه الأحزاب السياسية حالة من التشظي والانقسامات، اقتربت بها من حاجز المئة حزب ،هناك الكثير من طلبات التسجيل قيد النظر، يرى المحامي والقيادي بحزب المؤتمر الشعبي “كمال عمر”، أن الساحة السياسية تشهد تضخماً في عدد الأحزاب ، لابد من تنظيمه ، لافتاً لـ (المجهر) أن فكرة تعديل القانون نبعت من زيادة العدد المكون للحزب، مشيراً إلى أن الاحتجاجات حول القانون صادرة من بعض الأحزاب التي تفتقد للسند الجماهيري، وتخشى أن تنتهي في التنظيم الجديد، ولذلك تحاول خلق الضجيج، وقال: أفتكر أن قصة تنظيم الأحزاب وفق قانون ومعرفة حجم الأحزاب مهم ، لأن الساحة الآن بها أكثر من (100) حزب، لا يمكن ديمقراطياً في بلد تجربته الديمقراطية ضعيفة.
وأشار إلى أن هناك أحزاب تاريخية ، القانون منحها اعتباراً ولم يطالبها بإجراءات التسجيل المطولة، والقانون المطروح الآن قصده تقوية البنية السياسية للأحزاب، وأضاف: يمكن لتعديلات القانون أن ترمم بناء الأحزاب ، وعلى الأحزاب وضع رؤية واضحة وقوية لتقوية نفسها (هناك أحزاب ما عندها مؤتمرات عامة وليس لديها نظام أساسي أو دستور إلا من رحم ربي وبالتالي الأجدى توظيف ذلك في تقوية الأحزاب السياسية والحريات السياسية وتقوية التحول الديمقراطي).
حول إمكانية الإطاحة بالشراكة السياسية مع أحزاب الحوار الوطني حال تمرير التعديلات المقترحة، قطع “عبود جابر”، أنه ليس بالإمكان لأحد إنكار أن الأحزاب السياسية هي التي صنعت الحوار، وقال: لا يوجد سبب لفسخ الشراكة بين المؤتمر الوطني والأحزاب السياسية، لجهة أن قانون الأحزاب نص على دعم الدولة للأحزاب السياسية.
انتقادات واسعة طالت حزب المؤتمر الوطني، عقب طرحه لمقترح التعديلات عبر الورقة التي قدمها وزير العدل الاسبق مولانا “محمد بشارة دوسة”، وبحسب مراقبين فإن دعوات حزب المؤتمر الوطني لحوار الوثبة في 2014 شملت كل الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها دون فرز، فما الذي جعل الحكومة تطرح هذه التعديلات عقب جمع كل الأحزاب تحت مظلة الحوار الوطني لشراكات واسعة .
يتضمن مقترح التعديل زيادة عدد الأعضاء المؤسسين لأي حزب إلى (2000) عضو كحد أدنى بدلاً عن (500)، على أن يكون الأعضاء المؤسسون لأي حزب من (10) ولايات بدلاً عن (3) ولايات. التعديل يتضمن نصاً في حالة خلو منصب رئيس مجلس الأحزاب أن يتولى الاجتماعات أكبر الأعضاء سناً، على أن يتم تعيين رئيس خلال (60) يوماً من خلو المنصب، أيضاً تنص التعديلات على منح الحصانة لرؤساء الأحزاب (حسب طلب الحزب)، وضرورة أن يضاف لاختصاصات المجلس تدريب وتوعية وتنمية القدرات لكوادر الأحزاب، بجانب تحديد أسس تمويل ودعم الحكومة للأحزاب السياسية، كمصدر من مصادر إيراداتها (حيث أن الأحزاب تسأل بإلحاح عن كيفية التمويل، سيما مع وجود نص في القانون يجوز ذلك، أهم التعديلات منحت المجلس إجازة تجميد نشاط الحزب في حال عقد مؤتمره العام، بعد انقضاء خمس سنوات من آخر مؤتمر للحزب، بجانب تضمين نص ينظم مسألة الاندماج الطوعي بين الأحزاب السياسية، فضلاً عن تضمين نص بأن تحدد الأحزاب السياسية عدد تولي دورات رئاسة الحزب في ما لا يتجاوز أربع دورات، أيضاً تضمين نص يحدد نسبة مشاركة المرأة بنسبة30%، وأخيراً تنص التعديلات على تنفيذ قرارات المجلس بواسطة المحكمة، وتترتب الجزاءات المناسبة على الحزب في حال عدم التنفيذ.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية